أبوطرات: المصنع يعمل 8 أيام في الشهر والضرائب تقدر مستحقاتها عشوائيًا
الخولى: أغلقت المصنع لعدم سداد فواتير الكهبراء ورفع العداد
على امتداد شارع الحرية، المتفرع من طريق المنصورة الزراعى بمدينة ميت غمر، تستقر مئات الورش المتخصصة فى تصنيع منتجات الأوانى وأدوات المائدة من الألومنيوم.
بعض الورش مغلقة، والآخر يعمل بـ%20 من طاقته الإنتاجية، ولم يطرأ على صناعة الألومنيوم أى تطور إيجابى يذكر منذ خمسينيات القرن الماضى، بحسب الصناع؛ بل أخذت الصناعة فى التراجع حتى فقدت عرشها فى السوقين المحلى والتصديرى، وتحول ضجيج الطرق الناتج عن تشكيل المنتجات، إلى صمت تام يخيم على المدينة بأكملها.
ظهور أوانى منزلية جديدة مصنعة من «السيراميك والبيركس» لم يكن العقبة الوحيدة الذى أثرت سلباً على الصناعة، بل السبب الرئيسي هو المشكلات المتراكمة وسقوط قلعة الألومنيوم فى الدلتا من اهتمامات الحكومة بعد أن كانت تنتج %80 من أوانى الألومنيوم فى مصر.
وطبقاً لبيانات رسمية صادرة عن محافظة الدقهلية، تضم مدينة ميت غمر 2500 منشأة تعمل فى مجال إنتاج الألومنيوم، ما بين مسابك لصهر ودرفلة المواد الخام، وورش لتشكيل المعدن وإنتاج أدوات المائدة باستثمارات تقدر بـ1.5 مليار جنيه، توفر نحو 50 ألف فرصة عمل.
المصنعين ما بين إغلاق الورش وترك المهنة
وقال وجدى أبوطرات، أحد مصنعى الألومنيوم بمدينة ميت غمر، إن الصناعة تتراجع بشكل مستمر بسبب الضغوط المستمرة من الضرائب، وارتفاع أسعار الطاقة، وظهور منتجات أدوات مائدة جديدة فى السوق المصرى مصنعة من السيراميك والبيركس.
أضاف لـ «البورصة»، أن عدم انتظام العمل على مدار الشهر، تسبب فى تشريد عدد كبير من العمال، فبعد أن كان المصنع يعمل 26 يوماً فى الشهر قبل 2015 أصبح يعمل 8 أيام فقط.
وتابع: «التغيرات التى نتجت عن تطبيق منظومة الإصلاح الاقتصادى نهاية 2016 تسببت فى زيادة السعر النهائى للمنتج بدعم من زيادة أسعار المدخلات من كهرباء، وغاز، ومادة خام، وهو ما أدى إلى سقوط شريحة كبيرة من المستهلكين كانت تعتمد عليها المصانع فى تسويق منتجاتها.
وأشار أبوطرات، إلى أن معالم السوق تغيرت، وبدأ المستهلكون فى ترشيد استهلاكهم بشكل عام، وبدلاً من شرائهم 6 أو7 قطع من أدوات المائدة المصنعة من الألومنيوم أصبحوا يكتفون بقطعتين أو 3 قطع بحد أقصى.
أضاف أن مصنعه كان يصدر منتجاته إلى السودان قبل 2016، إلا أنه توقف بسبب ارتفاع السعر النهائى للمنتج، مقارنة بمنتجات الدول الخليجية منها السعودية، والتى تقل أسعار منتجاتها عن أسعار المنتج المصرى بنسبة %20.
أشار أبوطرات، إلى أنه صدر ضده حكم بالسجن لمدة عامين، بدعوى تهربه من دفع الضرائب، فى حين أن إجمالى الضرائب المتراكمة عليها وصلت إلى 50 ألف جنيه وتم سدادها، لكن المصلحة تطالبه بمليون و500 ألف جنيه حاليًا.
وقال علاء الخولى، صاحب ورشة ألومنيوم بميت غمر، إن شركة الكهرباء رفعت العداد مع بداية عام 2018 لعدم سداد فواتير الكهرباء، وهو ما دفعه إلى مخاطبة محافظ الدقهلية للتدخل كوسيط لمنحه مهلة حتى يدبر جزءا من المبلغ، لكنه لم يتلق رداً حتى الآن.
أضاف أن إجمالى المديونيات المتراكمة على الورشة وصلت إلى 120 ألف جنيه بالفوائد، مما اضطره إلى تسريح العمال وإغلاق المصنع لحين حل المشكلة مع شركة الكهرباء، ثم يستأنف عمله مرة أخرى.
أشار الخولى، إلى أن سبب تراكم المديونيات هو صعوبة توفير سيولة مالية لشراء المادة الخام ودفع فواتير الكهرباء وأجرة العمال بعد قرار «تعويم الجنيه».
وأوضح أنه لجأ قبل التوقف إلى بدائل كثيرة لامتصاص الزيادة التى طرأت على مدخلات الإنتاج، كان فى مقدمتها استبدال المادة الخام التى يتم شراؤها من شركة مصر للألومنيوم، والتى تستخدم فى عملية التصنيع، بإعادة صهر خردة الألومنيوم، نظراً لانخفاض سعرها، وتوفير جزء من المبالغ المستحقة، لكن الزيادات كانت متضاعفة.
قال الخولى، إن صناعة أوانى الألومنيوم تمر بعدد من المراحل حتى تصل إلى الشكل النهائى، وتبدأ بصهر الخردة وتحويلها إلى سبائك، ثم درفلتها وتحويلها إلى ألواح، ثم تشكيلها إلى أوانٍ وأدوات منزلية مختلفة، ثم تلميعها وتغليفها وعرضها بالأسواق.
وكشف مراد أبوغالى، صاحب ورشة، أنه اضطر إلى إغلاق ورشته قبل عامين، نظراً لتراجع الطلب على المنتج وصدور حكم بسجنه لعدم تسديده المستحقات الضريبية، فالعائد من عملية التشغيل والإنتاج أقل بكثير من المصروفات، لذلك فإن الاستمرار فى الصناعة سيعرضه لمزيد من الخسائر.
وأشار إلى أن اجمالى الضرائب المتراكمة على الورشة وصلت إلى 400 ألف جنيه، معتبرًا أن هذة القيمة مبالغ فيها، والضرائب المستحقة عليه لا تتجاوز 70 ألف جنيه، إلا أن المصلحة تقدرها بشكل عشوائى.
وتابع: «قبل تغيير منظومة الضرائب ورفع الأسعار، كان لابد من توفير حوافز لصغار المستثمرين، وأصحاب المشروعات الصغيرة مثل إعفاءات ضريبية أو دعم بعض مدخلات الإنتاج مثل الكهرباء والغاز، لضمان استمرارية المصانع».
ويمتلك أبوغالى ورشة على مساحة 120 متراً مربعاً، وكان يرغب قبل 5 أعوام فى الحصول على وحدة صناعية بالمنطقة الاستثمارية بميت غمر حتى يتوسع، إلا أنه قرر إرجاء المشروع لحين وضوح الرؤية.
وكشف أنه كان يعمل معه فى الورشة 12 «صنايعى»، ما لبث ان استغنى عنهم واحداً تلو الآخر ترشيداً للمصروفات، لكنه لم ينجح واضطر إلى إغلاق الورشة فى نهاية المطاف.
وقال محمد زكى صاحب ورشة مغلقة، إن الحكومة أصدرت قرارًا بإغلاق الورش غير المرخصة قبل عامين، وبالفعل تم إغلاق أكثر من 200 ورشة كونها داخل المنطقة السكنية، فى حين أنه لا توجد بدائل أخرى توفرها الحكومة لإقامة الورش عليها.
وأضاف أنه كان يمتلك ورشة على مساحة 130 متراً مربعاً، برأسمال 300 ألف جنيه، وكان يعمل بها أكثر من 10 عمال تم تشريدهم، ولجأ إلى شراء سيارة وتحويلها إلى «أجرة» حتى تؤمن له مصدر دخل ثابت.
وقال محمد محيى، نحات ألومنيوم، 35 عاماً، إن تراجع المبيعات الفترة الحالية، وعدم انتظام تشغيل المصانع على مدار الشهر، دفعه إلى البحث عن عمل إضافى يلبى احتياجاته المالية.
أضاف أن الهدف من تعلمه صنعة «نحت الألومنيوم»، كان إنشاء ورشة، إلا أن كثرة المشاكل التى تواجه الصناعة حاليًا اضطرته للبحث عن مجال آخر أكثر استقرارًا.
وفى بداية عمله كان يطالب بتأمينات ومزيد من الحماية، إلا أنه أصبح يطلب حاليًا استمرار العمل حتى يضمن قوت يومه، مشيرًا إلى أن أكثر من %80 من العاملين أصبحوا عاطلين عن العمل بسبب غلق المصانع، وأكد محيى، أن المهنة لم تعد جاذبة للشباب، نظرًا لانخفاض العائد المادى منها، فضلاً عن كونها غير مضمونة بسبب الإغلاق المتكرر للمصانع والورش.