يبدو أن سندات الأسواق الناشئة، محصنة ضد فيروس كورونا أو”كوفيد 19″، فعلى سبيل المثال، لم يتزحزح العائد على سندات الحكومة البرازيلية لأجل 10 سنوات، العام الحالي في موجة البيع التي ضربت الأسواق منذ ظهور الفيروس.
ورغم ارتفاعه خلال الأسبوعين الماضيين إلى 6.78%، فإنه لا يزال أقل قليلا من نسبة 6.8% التي أغلق عندها نهاية عام 2018، وأقل كثيرًا من نسبة 12.5% التي وصل إليها سبتمبر الماضي.
وفي الواقع، يبدو أن سندات الأسواق الناشئة ككل، صامدة في وجه موجة البيع العملاقة التي تضرب الأصول الخطيرة عبر جميع الفئات.. فهل هذا يجعلها نوعا غير معتاد من الملاذات الآمنة؟
يقول سيمون كويجانو إيفانز، الخبير الاقتصادي في “جيم كورب”، إن ذلك لا يعتمد على الأسواق الناشئة، وإنما على الاستجابة – أو ربما نقص الاستجابة – من الحكومات العالمية.
أضاف أن مجموعة العشرين، ينبغي أن تتحرك بطريقة منسقة بعد فشلها في التنسيق تماما في الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية، مؤكدا أن ذلك يجب أن يتغير قبل أن تسوء الأمور أكثر.
وحتى الآن يتمالك المستثمرون في سندات الأسواق الناشئة أعصابهم.. لكن السؤال الحقيقي:” إلى متى يمكنهم ذلك؟”
ويرى آدم وولف، الخبير الاقتصادي بالأسواق الناشئة في “أبسلوت استراتيجي ريسيرش” للاستشارات والأبحاث، أن المستثمرين بالفعل استعدوا لتخفيضات “عنيفة نسبيا” لأسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة. كما يعتقد أن البحث المستمر عن العائد، يدعم سوق سندات الأسواق الناشئة.
لكنه أوضح، أنه حال فشلت المحفزات النقدية التي يعتمد عليها المستثمرون، فستقع أصول الدخل الثابت بالأسواق الناشئة تحت الضغط.
وأجرى كويجانو إيفانز، بحثا على أكبر التراجعات في يوم واحد خلال السنوات العشر الماضية التي شهدتها مؤشرات العائد الكلي، ومنها مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” للأسهم الأمريكية، ومؤشر “زيترا داكس” الألماني للمؤشرات الأوروبية، ومؤشر “جى بي مورجان إيه إم بي آي جلوبال ديفيرسفايد” للسندات السيادية في الأسواق الناشئة.
ووجد أن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” انخفض بنسبة 11.5% يوم الجمعة الماضية. كما تراجع مؤشر “زيترا داكس” بنسبة 11.3% في اليوم نفسه وفقا للقيمة بالدولار. وكلا المؤشرين كان لهما أداء متشابه خلال الصدمات التي ضربت الأسواق المالية منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ولكن على النقيض، تراجع مؤشر سندات الأسواق الناشئة بنسبة 2.1% فقط الأسبوع الماضي، وهي نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بخسائره في الأزمات السابقة، عندما كان يتراجع بالتزامن مع الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار كويجانو إيفانز، إلى أن الفجوة في العائد بين سندات الأسواق الناشئة وسندات الخزانة الأمريكية اتسعت بحدة.. لكن يشير مدى التراجع في العائد على السندات الحكومية الأمريكية، إلى أن سندات الأسواق الناشئة صمدت جيدا كذلك.
وقال وولف، إن ذلك قد يكون دليل إشادة بالمجهودات التي بذلتها البنوك المركزية والحكومات في الأسواق الناشئة خلال السنوات العشر الماضية، لضبط معدلات التضحم وبث الاستقرار في أسعار الصرف. وأضاف أن الأسواق الناشئة تمكنت من تقليل بعض المخاطر المتعلقة بهم.
ولكن يكمن الخطر – كما أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يوم الاثنين الماضي – في أن يقود تفشي الفيروس، إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما سيضر بدوره بأسعار السلع بدءا من البترول.
ورغم أن انخفاض أسعار الخام، قد تفيد مستوردي الطاقة مثل تركيا والهند، إلا أنه سيتسبب في مشكلات حقيقية لهؤلاء المصدرين في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط الذين عانوا حتى الآن من أضرار ضئيلة نسبيا.
بقلم: جوناثان ويتلي، كاتب مقالات رأي لدى صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز. المصدر: صحيفة “فاينانشال تايمز”.