تبدو إمكانية تقديم البترول الرخيص، يد العون للاقتصاد العالمى فى وقت الحاجة، وكأنها ليست أمراً قاطعاً فى الوقت الراهن، وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن انخفاض أسعار البترول يعنى انخفاض تكاليف الوقود بالنسبة للأسر والشركات، ولكن هذا غير مضمون مع تباطؤ التوسع العالمى.
ويلاحظ خبراء الاقتصادى فى مؤسسة “مورجان ستانلى”، أن الانخفاض سيؤثر على توقعات الاستثمار فى قطاع الطاقة، مما يشكل عبئاً إضافياً على النمو فى ظل إلحاق تفشى فيروس “كورونا” الضرر بعدد من الصناعات والدول.
وآثار أكبر انخفاض فى خام برنت الذى تراجع بأكثر من 30%، يوم الإثنين عقب الخلاف بين السعودية وروسيا بشأن خفض الإنتاج ونشوب حرب أسعار شاملة، مناقشة حادة بين وجهات النظر المؤيدة والمعارضة للأمر.
وأفادت “بلومبرج”، بأن أولئك الذين يتخذون نهجاً تأييدياً يعتبرون انخفاض اﻷسعار بمثابة امتصاص للصدمات الموجهة للاقتصاد، وقال آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولى، إنها آلية حاسمة فى قيام الاقتصاد العالمى بإصلاح نفسه.
وكان الاقتصاد العالمى بالفعل تحت الضغط قبل تفشى فيروس كورونا، الذى انتشر بداية من الصين ووصل إلى أكثر من 80 دولة ومنطقة، كما أن المدن المفروض عليها حجر صحى وإلغاء الرحلات الجوية على نطاق واسع، والأسواق المالية المضطربة، تفرض ضغوطاً إضافية على الشركات، بالإضافة إلى التقلبات السوقية التى أدت إلى تشديد الظروف المالية وقلق العديدين بشأن الركود على الأقل فى المدى القصير.
يضاف لذلك ضربة الاستثمار فى مجال الطاقة، يعتبر خبراء اقتصاد “مورجان ستانلى” أقل تفاؤلاً بشأن فوائد الطلب الناتجة عن انخفاض أسعار البترول، ويتشارك الاقتصاديون فى “أكسفورد إيكونوميكس” فى هذا القلق، ويقولون إن المستهلكين قد يدخرون مزيداً من اﻷموال فى ظل القلق بشأن التوقعات الاقتصادية، لكن القصة فى “جولدمان ساكس” مختلفة.
وقال كبير الاقتصاديين فى “جولدمان ساكس”، جان هاتزيوس، إن الاقتصاديين كثيراً ما يؤكدون على الآثار الإيجابية لانخفاض أسعار البترول بالنسبة للمستهلك من خلال دخل حقيقى أعلى، ولكن بعض الاقتصادات، وأهمها الولايات المتحدة، تواجه بشكل كبير الآثار السلبية لقطاع إنتاج البترول.
وقد تصبح صناعة البترول الصخرى اﻷمريكى، المثقلة بالديون بالفعل، الخاسر اﻷكبر، إذ انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل الاثنين الماضى، وهو مستوى أصبحت فيه أجزاء واسعة من قطاع الطاقة غير مربحة، ولكن رئيس أبحاث السلع فى “بى.إن.بى باريبا”، هارى تشيلينجويريان، قال إن الألم ربما لا يكون سيئاً، كما كان يخشى من قبل، لأن الصناعة قد تحوطت بشكل جيد نسبياً، رغم أن الضرر سيستمر، ولكن بعض المنتجين الصغار الذين لم يتخذوا احتياطياتهم قد يشعرون بألم انخفاض الأسعار إلى مستوى 30 دولاراً للبرميل، لأن ذلك سيكون أقل بكثير من أسعار التعادل.
وأوضحت شركة “بى.إن.واى ميلون إنفستمنت مانجمنت”، أن كل انخفاض بقيمة 10 دولارات فى أسعار البترول يحول نحو 0.3% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى من الدول المنتجة للبترول إلى الدول المستهلكة للبترول، لكن السؤال الآن يدور حول ما إذا كانت المكاسب تُنفق لتعويض الخسائر فى أماكن أخرى.
وقال كبير الاقتصاديين فى “بى.إن.واي ميلون”، شاميك دهار: “لا أعتقد أن تكون الزيادة كبيرة بما يكفى لتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد العالمى الذى تعثر من تأثير تفشى كوفيد-19، ولكن انخفاض أسعار البترول يمكن أن يشكل بيئة مواتية بمجرد انتهاء تأثير الفيروس فى نهاية العام”.
ووجد الباحثون، الذين يدرسون انهيار أسعار البترول من أكثر من 100 دولار للبرميل فى عام 2014، أن تخفيض تكاليف الطاقة فى الولايات المتحدة ساعد فى تعويض الأثر الاقتصادى لانخفاض الاستثمار فى قطاع الطاقة، من خلال توليد دخل كبير للمستهلكين الأمريكيين.