يمكن للتفشى السريع لفيروس كورونا المميت، الذى أوى بحياة الآلاف وأخرج أسواق المال عن مسارها وحطم توقعات النمو العالمي، أن يكون على وشك المطالبة بضحية أخرى، ربما تكون الاستثمارات الأجنبية الجديدة.
أعرب المحللون فى معهد التمويل الدولى عن قلقهم من أن يكون عام 2020 عاما آخر صعبا بالنسبة للنمو فى الأسواق الناشئة، حيث خفض المعهد فى الأسبوع الماضى توقعاته للنمو العالمي، والتى قد تقترب من 1% هذا العام، وهى أضعف وتيرة نمو منذ عام 2009.
وتعتبر الصين مركز التوقعات المنقحة الهبوطية، حيث يتوقع المعهد انخفاض الناتج المحلى الإجمالى الفصلى هناك بنسبة 1% فى الربع الأول، يليه انتعاش فصلى بنسبة 2% فى الأرباع السنوية التالية، ليصل متوسط النمو السنوى من 6% فى السابق إلى أقل من 4%.
وخفض المعهد، ومقره واشنطن، توقعات نمو الاقتصاد الأمريكى أيضا بسبب تفشى فيروس كورونا، الذى يعرف أيضا باسم «كوفيد-19»، كما أن الانخفاض الحاد فى أسعار البترول أدى أيضا إلى تغيير المشهد، حيث زاد من خطر ضغوط الائتمان فى الولايات المتحدة واقتراب توقعات النمو الأمريكى من منطقة الركود.
وأعرب الاقتصاديون فى معهد التمويل الدولى عن قلقهم من بدء ظهور توقف عالمى مفاجئ فى التمويل، موضحين أن «كوفيد-19» هو المحرك الأساسى لهذا الأمر، كما أن تدابير التيسير النقدى والمالى تعتبر مسكنا مرحبا به، ولكن الاستجابة المنسقة فقط من حيث الاختبار والاحتواء لتفشى الفيروس ستكون قادرة على التخفيف من عامل الخوف فى الأسواق وتعزيز الطلب العالمى.
ويعد تتبع معهد التمويل الدولى لتدفقات رؤوس الأموال غير المقيمة إلى الأسواق الناشئة مقياسا جيدا للرغبة فى المخاطرة ووضع المستثمرين الأجانب، فقد ظلت تدفقات رؤوس الأموال إلى الصين إيجابية على أساس ربع سنوى مجمع، مما يحجب الصورة السلبية تماما فى مكان آخر.
ولكن إذا أخذت صورة لتدفق هذه على أنها تمثيل محتمل لما يحدث للأصول المعرضة للخطر على نطاق أوسع، فإن التوقف العالمى المفاجئ للتدفقات قد يكون فى طور التكوين، مما قد يمثل خطرا سلبيا كبيرا على توقعات معهد التمويل، ولكن ما يثير القلق بشكل خاص هو أن عقدا من التحفيز الاستثنائى للسياسة النقدية قد قاد الكثير من التدفقات إلى الأصول، بما فى ذلك الأسواق الناشئة.
فى عام 2018، أظهرت تركيا والأرجنتين كيف يمكن للتوقفات السلبية المفاجئة تأثيرا على للنشاط الاقتصادي، حيث أدى انعكاس التمويل الأجنبى إلى توقف الاستثمار الذى لم تتعاف منه البلدين بعد.
وأعرب الاقتصاديون فى معهد التمويل الدولى عن قلقهم من أن التوقف المفاجئ للتدفقات الذى ينكشف الآن قد يكون لديه إمكانات مماثلة ولكن على مستوى عالمى ونظامى أكثر، فقد وثقوا زخم النمو السلبى فى العديد من الأسواق الناشئة، مثل المكسيك وجنوب أفريقيا، حتى قبل تفشى كوفيد-19، بحيث تكون الظروف الأولية فى العديد من الأماكن ضعيفة وقابلة للتراجع المستمر فى مواد التمويل الأجنبى.