قبل نحو أسبوعين، عندما انخفضت أسعار البترول بنسبة 30% وانخفضت الأسهم أيضاً، طلب عميل فى مدينة نيويورك من مجموعة “فاين آرت جروب” تمويلاً بضمان لوحة فنية قيمتها 10 ملايين دولار رسمها الفنان الأمريكى جان ميشيل باسكيات.
وبعد مرور أيام قليلة، فى ظل انخفاض الأسهم إلى أدنى مستوى لها فى يوم واحد منذ عام 1987، دعا معرض كبير فى لندن إلى التدوير السريع لرأس المال حتى يتمكن من شراء مجموعة فنية معاصرة بشكل انتهازى، كما طلب عميل سويسرى الحصول على قرض مقابل 30 مليون دولار بضمان ألماس نادر.
ومع تعثر الأسهم العالمية يوم الإثنين الماضى مرة أخرى، طلب جامع للمجموعات الفنية، اشترى مؤخراً لوحات فنية بقيمة 15 مليون جنيه إسترلينى تقريباً من مزادات لندن، من “فاين آرت جروب” المساعدة فى تسوية التزامات الدفع القادمة على بعض الأعمال بضمان مقتنياته الفنية.
وتعتقد فرايا ستيوارت، رئيسة قسم التمويل الفنى فى “فاين آرت جروب”، أنه من الممكن أن يكون هناك الكثير من جامعى القطع الفنية الباحثين عن السيولة وهم لا يدركون أن التمويل القائم على الفن يمكن أن يكون طريقاً سريعاً للحصول على رأس المال.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن هذه الرغبة أو الحاجة للحصول على قروض جاءت فى ظل تسبب التفشى السريع لفيروس كورونا المميت فى أعنف التقلبات السوقية منذ الأزمة المالية العالمية.
ورغم ارتفاع الأسهم يوم الجمعة الموافق 13 مارس الحالى بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حالة طوارئ وطنية، إلا أن هذا الانتعاش لم يدم طويلاً، فقد انخفضت أسعار الأسهم العالمية يوم الإثنين الماضى بعد إخفاق الخطوة الطارئة واسعة النطاق التي اتخذها بنك الاحتياطى الفيدرالى فى تهدئة مخاوف المستثمرين بشأن الضربة الاقتصادية المتصاعدة سريعاً بسبب تفشى الفيروس.
وتتسبب هذه الانخفاضات في انهيار ثروات العالم، فقد قال المقرضون، إن بعض العملاء يريدون إنفاق النقود لاقتناص الفرص الاستثمارية، ووفقاً لصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، تأتى مجموعتى “يو بي إس جروب” و”كريدت سويس جروب” ضمن المجموعات المصرفية التى تطلب من العملاء تقديم ضمانات إضافية، ويعتبر التمويل الفنى جذاباً بالنسبة للبنوك والعملاء، نظراً لعدم ارتباط التقييمات بالضرورة بالأسهم.
وتستخدم البنوك إجمالى أصول العميل لتحديد حد الائتمان وعادة ما تقرض ما يصل إلى 50% من قيمة الضمان، كما أنها تتيح للعملاء أصحاب الثروات العالية الاحتفاظ بفنونهم وتقديم فائدة منخفضة تصل إلى 1%.
ومثل الشركات والمستهلكين، كثف العديد من جامعى الأعمال الفنية من اقتراضهم، نظراً للانخفاض الشديد لأسعار الفائدة فى هذه الحقبة، فقد قفزت القروض المضمونة بالفن بنسبة 40% منذ عام 2016 إلى ما لا يقل عن 21 مليار دولار على مستوى العالم، وذلك وفقاً لتقرير الفن والتمويل لعام 2019 الصادر عن شركة “ديلو3يت”.
وقالت ستيوارت، من “فاين آرت جروب”، إنه فى ظل عدم وجود نهاية فى الأفق لتفشى كورونا، فإن بعض العملاء يريدون ضمان توافر رأس المال بسهولة، حتى لو لم يكونوا بحاجة إليه الآن، مضيفة أن صالات العرض والوكلاء يستعدون أيضاً لتكديس رأس المال الكافى استعداداً لفترة من الهدوء المحتمل فى النشاط التجارى.
ووفقا لهذا، يقوم المقرضون بتقييم الفن بقيم أقل، حيث يقدر آشر إيدلمان، صاحب شركة “أرتيموس” فى نيويورك التى تقدم حالياً قروضاً بنسبة أقصاها 40% من قيمة العمل الفنى، انخفاضاً بنسبة 20% إلى 30% فى التقييمات الأولية والنهائية للعمل الفني من شهر مضى.
وأوضح أن العملاء يسعون للحصول على قروض بقيمة تتراوح بين مليون و4 ملايين دولار، وقال: “إن العالم ينهار، فما الذى يدفع للاعتقاد بأن قيمة الأعمال الفنية لن تنخفض؟”.