«البليت».. محور الخلاف بين منتجى الحديد


«الدورة المتكاملة»: لم نستفد من «رسوم الإغراق» فى عامها الأول

بعد مرور عام على قرار وزارة الصناعة، فرض رسوم إغراق على واردات البليت، ترى مصانع الدورة المتكاملة، أنها لم تستفد من رسوم الإغراق فى نسبتها الحالية، وطالبت بزيادتها إلى %25، خصوصاً مع ضعف علميات البيع فى الأسواق المحلية، وانعدام فرص تصدير المنتج النهائى.

وقالت المصانع، إن لديها طاقات إنتاجية متعطلة من الخامات المحلية.

أكد سمير نعمان، رئيس القطاع التجارى لمجموعة شركات حديد عز، أكبر مصانع الدورة المتكاملة، أنَّ نسبة الرسوم التى فرضتها الوزارة على البليت والحديد المستوردين لم تكن كافية أو مؤثرة، ولم تُحقق الغرض المطلوب منها بالشكل الكافى.

وفى أبريل 2019، فرضت وزارة الصناعة رسوماً وقائية على واردات البليت بنسبة %15 من قيمة الطن، لمدة 180 يوماً لدراسة إغراق الصناعة المحلية بالاستيراد، ثم أعلنت مدها إلى 3 سنوات بصورة متناقصة فى أكتوبر من العام نفسه.

ووفقاً لقرار المد، رقم 907 لسنة 2019، تبلغ الرسوم فى العام الأول %16 من القيمة Cif، بحد أدنى 74 دولاراً، وفى العام الثانى %13 بحد أدنى %60 دولاراً للطن، والعام الثالث %10 بحد أدنى 46 دولاراً للطن.

ووصف «نعمان»، استفادة المصانع من الرسوم فى العام الأول بـ«الضعيفة»، ومع تناقصها بداية من أبريل المقبل بنسبة %3، ستفقد مضمونها على الإطلاق، إذ لم تتوقف الواردات رغم وجودها.

ومع انخفاض أسعار البيع سيزداد الوضع سوءاً.

وأشار إلى دولة مثل الجزائر تتجه لفرض رسوم جمركية بنسبة %100 من قيمة واردات الحديد فى ظل توسعاتهم الجديدة على مستوى الإنتاج والتصدير، بطاقة إنتاجية مليون طن، بعد عجز كان لديهم بلغ 2.6 مليون طن حتى عام 2016.

وتابع: «لا نطلب فرض رسوم على الواردات بالنسبة نفسها.. لكن يجب أن تكون النسبة المفروضة فى مصر مقبولة، ومؤثرة على أقل تقدير، خصوصاً أننا نواجه تحديات أخرى فى الصناعة».

ورحّب «نعمان» بالدراسات التى تُجريها مجموعة من مصانع الدرفلة حول التحول نحو التكامل، وقال: «الدرفلة مش صناعة، ومينفعش نقول إن اللى يشترى قميص ويطبقه ويحطه فى علبة يبقى مُصنِّع».

من جانبها، أكدت مصادر فى مصانع الدورة المتكاملة، أنه لا عائد حقيقياً من فرض رسوم إغراق على واردات «البليت»، خصوصاً أن المصانع كانت طالبت بزيادة النسبة إلى %25 أثناء تحقيقات وزارة الصناعة فى الفترة بين أبريل وأكتوبر 2019.

أوضحت المصادر، أن انخفاض الطلب، أثر كثيراً على مبيعات الشركات المحلية، إذ لم تُحقق مبيعات 2019 النمو المستهدف عند %4، كنسبة سنوية فى الأعوام الأخيرة، وإن كانت قد تحققت فهى ما زالت أقل من العائدات المناسبة على الاستثمار فى الصلب.

وتابعت: «المصانع المتكاملة ضخت استثمارات كثيرة الأعوام السابقة لتحقيق عملية التكامل وإنتاج الخامات محلياً لإضافة قيمة اقتصادية للمنتجات، واستفادة الاقتصاد الكلى لمصر، ولا يجب أن يتم تعطيل تلك الاستثمارات لصالح مصانع الدرفلة».

1584947964 769 317798 p

وأوضحت المصادر، أن المصانع المتكاملة ارتفعت بحجم الإنتاج من البليت إلى 12 مليون طن بنهاية العام الماضى، وإجمالى الإنتاج المحلى من حديد التسليح إلى 8 ملايين طن عند أعلى مستوى لها تاريخياً، لذا فلا حاجة لاستيراد مصانع الدرفلة للبليت.

أضافت: «لدينا 4 ملايين طن طاقات متاحة لم تستغل لعدم وجود مشترين، ويجب على وزارة الصناعة تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلى، لتمكين صناعة الصلب من تحقيق عائدات أفضل على الاستثمار»، فى إشارة إلى أهمية وقف الواردات تماماً على مستوى البليت.

ومع حماية الصناعة المحلية وانخفاض الأسعار العالمية، فإنَّ المصانع لديها قدرات أعلى على تخفيض الأسعار المحلية وتقديم حوافز تجارية لتسهيل حركة البيع، لكن استمرار تواجد البليت المستورد فى السوق يمنع من تحقيق تلك الرؤية كاملة.

واعترض 22 مصنع درفلة، على قرار فرض رسوم الإغراق على واردات «البيليت»، وظهر ذلك جلياً من خلال لجوء المصانع إلى القضاء الإدارى مرتين خلال العام الأول للرسوم، لكنها لم تنجح فى مساعها، ثم توجهت المصانع الـ22 إلى وزارة الصناعة، بصورة منفردة للعدول عن قرار الوزير السابق عمرو نصار.

من جانبها، أكدت مصادر لـ«البورصة»، أن 7 مصانع رفعت شكاوى إلى وزارة الصناعة بشأن الرسوم، أوضحت فيها الضرر الواقع عليها حاليًا من ضعف الطاقات لدى بعضها، وتوقف بعضها الآخر، وأبرزها مصانع «العشرى للصلب»، و«عياد للصلب»، و«طنطا للصلب».

أوضحت المصادر، أن الشكاوى وصلت إلى وزارة الصناعة بصورة منفردة، وكل مصنع على حدة، لكن وزارة الصناعة لم تبت فى أى منها بعد، ولم يتم تحديد مواعيد لمناقشتها.

قال طارق الجيوشى، رئيس مجلس إدارة شركة الجيوشى للصلب، إن رسوم الحماية التى فرضتها وزارة الصناعة على واردات البيليت، ظلمت مصانع الدرفلة وفاقمت خسائرها، وتم إيضاح ذلك لوزارة الصناعة ولمجلس الدولة من خلال ميزانيات الشركات.

أضاف أن غالبية مصانع الدرفلة أغلقت عقب القرار، فى ظل الخسائر التى تكبدتها، باستثناء مصنع أو 2 كان لديهم تعاقدات بكميات كبيرة على دفعات، وتابع: «المعلومات التى لدينا، أن استمرار الرسوم من عدمه قضية مازالت قيد البحث من قبل وزارة الصناعة، إذ وعدت نيفين جامع، وزيرة الصناعة الجديدة، بإعادة النظر فى القرار”، وخلال العام الأول للرسوم، لجأت مصانع الدرفلة إلى مجلس الدولة مرتين.

المرة الأولى حصلت فيها على حكم من القضاء الإدارى وبعدم أحقية الوزارة فى فرض قرار الرسوم، لكن طعنت الوزارة، وقبلت المحكمة الإدارية العليا، الطعن على الحكم وأوقفت حكم أول درجة، وتم رفع دعوى ثانية من شركات الدرفلة، وكانت آخر جلسة 22 فبراير الماضى، وتم تاجيل القضية لجلسة 23 مايو المقبل للنطق بالحكم ضد الرسوم.

واعتبر الجيوشى، أن خفض الرسوم مطلع أبريل المقبل من 16 إلى %13 طبقاً للقرار، لن يحقق أى استفادة لمصانع الدرفلة، إذ إن الرسوم يجب أن تلغى كلية.

أضاف أن مصانع الدورة المتكاملة، اشتكت من أوضاع السوق بسبب «البيليت» المستورد، وطالبت بفرض رسوم، وبعد مرور عام لم يتغير وضع الصناعة أو القطاع بتاتًا، وتساءل: «ما الجدوى منها؟».

قال الجيوشى، إن جميع مصانع الحديد تعانى تحديات عدة، فى ظل انخفاض الطلب المحلى وركود سوق العقارات، والعدول عن الرسوم سيكون أقل الأضرار، وسيحمى استثمارات «المدرفلين».

1564916786 893 1035595 11

الجيوشى: جميع المصانع تواجه تحديات عدة فى ظل انخفاض الطلب وركود العقارات

وأوضح أن عدم جدوى الرسوم، سببه تراجع الواردات بصورة تلقائية، لعدم وجود طلبات محلية على حديد التسليح كمنتج نهائى، مع وجود فائض فى الطاقات الحالية، وفسر التوجه للتعاقد على خامات البيليت من دول عدة فى فترة دراسة وزارة الصناعة للقرار، بأن الطاقات المتاحة وقتها لم تكف الاحتياجات، وبدأت بفرض رسوم إغراق على واردات المنتج النهائى من 3 دول هى أوكرانيا والصين وتركيا بين %9 و%29.

واعتبر الجيوشى، أن إلغاء رسوم الحماية على الحديد المستورد لأغراض التسليح سيساهم فى خفض السعر على المستهلك النهائى، ومن ثم انخفاض أسعار الوحدات السكنية، وبالتالى تحريك السوق، وهو أفضل من الوضع الحالى.

وكان طارق قابيل، وزير الصناعة الأسبق، أصدر فى نوفمبر 2017، رسوم إغراق نهائية على الواردات من حديد التسليح (أسياخ ولفائف وقضبان وعيدان) المستوردة من الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة 5 سنوات.

قال رئيس مجلس إدارة شركة الجيوشى للصلب، إنه يدفع رواتب العمالة الخاصة بالمصنع كاملة رغم توقفه عن العمل للحفاظ على العمالة وتحسبًا لتشغيل المصنع فى أى وقت، إذ يوجد لدى مصانع الدرفلة أمل فى العدول عن القرار.

واعتبر الجيوشى، أن أعباء دفع رواتب العمالة دون تشغيل المصنع، أقل كثيرًا من العمل فى ظل الرسوم المفروضة حاليًا على واردات البليت، فهى أقل من نسبة الرسوم المفروضة على الطن بحد أدنى 74 دولارًا، مما يكبد المصنع خسائر كبيرة.

قال حسام فرحات، رئيس شركة ميد ستيل للصناعات المعدنية، أحد مصانع الدرفلة، إنه أغلق المصنع تمامًا بعد قرار فرض الرسوم على واردات البيليت، ويحاول الحفاظ على العمالة من خلال دفع جزء من رواتبهم الشهرية.

أضاف أن المصنع استمر فى العمل فترة قصيرة عقب القرار، وبمجرد الانتهاء من مخزن البيليت المستورد توقف عن العمل، واعتبر فرحات، أن نسبة الانخفاض فى رسوم واردات البيليت خلال العام الثانى منها، لن يغير من الأمر كثيرًا، فلازالت الأعباء متراكمة، ومازالت التكلفة أعلى من التسعير، والمنافسة مع المصانع المتكاملة غير موجودة.

أضاف فرحات: «رغم أن سعر البليت والمواد الخام التى يُنتج منها وتستوردها مصانع الدورة المتكاملة لتصنيعه محليًا مرتبطين ببعضهم، لكن قرار وزارة الصناعة شمل البليت واستثنى المواد الخام، وبالتالى أضر مصانع الدرفلة فقط، ولا توجد عدالة فى ذلك».

يذكر أن الوزارة اتخذت قرار فرض رسوم إغراق البليت، واعتبرته لازما لحماية صناعة الحديد لدى المصانع المتكاملة، ولحماية استثمارات تتخطى 160 مليار جنيه، تضيف قيمة تصنيعة تصل أضعاف ما تضيفه مصانع الدرفلة.

ووفقًا لمصانع الدرفلة، تتوزع تكلفة إنتاج طن الحديد إلى 420 دولارًا قيمة استيراد طن البيليت، و74 دولاراً رسوم إغراق، ليصل السعر إلى 7900 جنيه، قبل احتساب %14 قيمة مضافة تبلغ 1350 جنيهًا، وبعد إضافة بند النقل ومصروفات التمويل بواقع 250 جنيهًا للأولى، و200 جنيه للثانية، ومصروفات تشغيل 1000 جنيه، تصبح تكلفة الإنتاج الإجمالية 10.7 ألف جنيه للطن، فى وقت تبيع فيه مصانع الدورة المتكاملة الطن فى حدود 1.3 ألف جنيه حاليًا على أقصى تقدير.

وقال ونيس عياد، رئيس شركة عياد للصلب، أحد مصانع الدرفلة، إن قرار الرسوم قضى على المصانع الصغيرة لصالح المصانع المتكاملة، مضيفاً أن غالبية مصانع الدرفلة أغلقت أبوابها، حيث يعمل مصنعه حاليًا فى «القطاعات – الكمر – والزوى» فقط، بعد أن توقف عن إنتاج الحديد بعد القرار.

أكدت مصادر فى القطاع لـ«البورصة»، أن استمرار مصانع الدرفلة فى العمل مرهون بعودة البيليت المستورد، أو توفير المنتج المحلى بأسعار مناسبة، إذ أن المصانع المحلية تعرض منتجاتها للبيع بأسعار متساوية مع اسعار الاستيراد بعد إضافة %14 ضريبة قيمة مضافة، و%16 قيمة رسوم الإغراق أو الحد الأدنى %74، أيهما أقرب للاستفادة.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2020/03/23/1307409