الآن كلنا فى منازلنا فى حضرة متابعة مستجدات الأخبار نتابع فى قلق وترقب تارة وفى عبث غير مكترث تارة أخرى فلا تكاد تمر دقيقة على أيامنا إلا وهو يتلقى تعليمات وتوصيات وتوسلات مقروءة ومسموعة ومرئية تتصل بواجبات الحيطة والحذر للسلامة الشخصية وإرشادات لتعزيز سبُل تخفيف حدة انتشار قذيفة الكورونا التى طالت عموم البشر.
ثم لا تكاد تمر دقيقة أخرى حتى تفترسك أخبار التداعيات الكارثية لكورونا من الناحية الاقتصادية وأثرها على العاملين وأرباب الأعمال وسوق العمل العالمى والمحلى.
لا أخفى هول ما نمُر به وشدته على النفوس خاصة فى ظل المفاجأة التى ابتُلى بها العالم أجمع والتى لم تكن مدونة بروزنامة أى مسئول حول العالم حتى يمكننا من استيعاب وطئة الأمور بل الأقدار لم تكتف فقط بالمفاجأة ولكنها حرمتنا من أيضا من توقع إلى متى قد يستمر هذا الكابوس!!
أنا لا أهدف هنا سوى مخاطبة زملائى وأصدقائى فى القطاع الخاص سواء من يعمل حراً او منتميا لمؤسسة صغيرة كانت أو كبيرة، وعلى وجه الدقة فإنى ألتمس هؤلاء الأحدث انضماماً والأصغر سناً.
إلى أصدقائى وأخوتى وزملائى ممن انضموا حديثا لشتى القطاعات المهنية فى القطاع الخاص وهم يحدوهم الأمل ولكل منهم أهدافه وطموحاته ثم ما لبثوا وأن شعروا بغيوم فى محيط الرؤية لديهم وطافت أسئلة المستقبل بعقولهم وكادت تذهب بها إلى غير عودة.
إنكم على تمام العلم والمعرفة بأن القطاع الخاص فى الظروف الاعتيادية هو أعلى فى مخاطره وتقلباته عن نظيره العام وذلك لاعتبارات كثيرة ليس هنا مجالها ولا هو المجال أيضا لإعادة قراءة وتحليل علاقات العمل فى السوق المصرى وجوانبه القانونية والمالية والاقتصادية.
من هنا يتوجب على وعلى غيرى أن نخاطبكم بألا تجزعوا فكل الشدة التى يمر بها العالم الآن والتى حتما ستتغير معها أمور كثيرة إلا أن ذلك لا ينبغى أن ينال من يقينكم.. يقينكم بأن تلك الكارثة ستمر وسنعود وستعودون وتملكون زمامكم وتستأنفوا أحلامكم وسننهض جميعاً من تلك الكبوة. إن ما تمرون به اليوم هو أمر يخرج عن المألوف عملاً أو المدون بالكتب وعليكم ألا تتسرعوا بالحكم على قراراتكم المهنية الآن أو فى المدى القصير..انتظروا إلى أمد ليس بعيد.
من سخرية القدر أن ما يميزكم حالياً ونحن فى هذا المنعطف أنكم لستم فى الصفوف الأولى أو الثانية تلك التى قد تتجاوز خسائرها حجم استيعابها. لذا فما أوصيكم به فيما تعاصرونه معاناً فى تلك المحنة هو أن تدرسوها جيداً ولا تدعوا تفصيلة تغيب عنكم.
غدا وأنتم فى موقع المسئولية ستكون تلك المحنة ونتائجها حاضرة لأذهانكم وأحد مكونات قراراتكم. تعلموا من الآن دروس التحوط والتأهب حتى ولو لم تكن فى آفاقكم وقتذاك ثمة خطر. راقبوا كلما سنحت لكم الفرصة فى تلك الأيام كيف تُتخذ قرارات التعامل مع الأزمات داخل مؤسساتكم وتابعوا كيفية ضبط النفس.
وأيضاً أذكركم أن ما نمر به الآن هو استثنائى فى كل جوانبه لذا فالخطأ وارد وسوء التقدير سيحدث لا محالة. يقيناً أنه لم يكن فى حسبان أيا مناً أن ندخل جميعاً فى عزلة إجبارية للوقاية الصحية إلى آجل غير مسمى على مثل هذا النحو التراجيدى والذى أفرد للجميع مساحة هائلة من الوقت يتوجب فيها إعادة ترتيب مهامة دون أن ينزلق ويُعتصر بين رحى الاستماع لصراخ الامتثال لمعايير العزل والسلامة الصحية وبين قراءة مهالك الاقتصاد التى ستطال الجميع.
أعلم أيضاً أنه ربما لا يكترث بكم الكثير فبحساب الخسائر قد تكونوا بالفعل وعلى المدى القصير الأقل تضرراً فمعظمكم لم يُكون أسرته الخاصة بعد أو طالته أعباء الأبناء بالمدارس أو لم يتم تجنيده بعد فى دوامة القروض البنكية للبقاء على قيد الحياة. كل ذلك بالفعل وارد وحاصل ولكن ليس معنى ذلك أنكم خارج المعادلة بل على العكس فأنتم اليوم فى موقع المتدربين والمساعدين والمرؤوسين ولكنكم غدا ستصبحون رؤسائى فى العمل وأصحاب الكلمة والقرار.
تمسكوا بالأمل ولاتفقدوه ستمر الكبوة عاجلاً أم آجلاً والمستقبل لكم.
مصطفى موسى؛ محام.