تمر ألمانيا بأوقات عصيبة وتدابير يائسة، ففي 25 مارس الماضي، قام نواب البرلمان الألماني “البوندستاغ” بدعم مجموعة استثنائية من السياسات المصممة لحماية عمال وشركات البلاد من أسوأ خراب ناجم عن فيروس كورونا، ليفاجىء المراقبين المتشككين من سرعة وجرأة الحكومة.
وكان متوقعا أن يكون هذا العام، مليئا بالأحداث داخل فندق إسبلاناده في دورتموند، فقد قام الفندق بإغلاق أبوابه في 27 مارس الماضي وأرسل 40 موظفا إلى بيوتهم، ولكنه قد يعيد فتح أبوابه أمام النزلاء في 19 أبريل الحالي، وهو أمر تشكك فيه مديرة الفندق كاتيا كورتمان وتعتقد أن الأمر مأساوي.
وتشتمل حزمة المساعدات الألمانية، الأكثر شمولا في أوروبا، عدة عناصر، بعضها مستخرج من أزمات سابقة، ولكن المساعدات الأهم تتمثل في توسيع نطاق تبني نموذج “كورزاربيت”، الذي يتم فيه خفض ساعات العمل المقررة، والذي بموجبه تدفع الدولة ما يتراوح بين 60% إلى 67% من الأجور المفقودة للعمال الذين تخفض ساعات عملهم.
وأوضحت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية أن هذا المخطط، المطبق مثله في جميع أنحاء أوروبا، ساعد ألمانيا على تجنب حالات تسريح العمالة واسعة النطاق في 2008-2009، ولكن تجربة كورتمان تظهر كيف ستختلف الأمور هذه المرة.
وخلال الأزمة السابقة، لاحظ سيباستيان دوليان من معهد أبحاث “أي.أم.كيه”، استخدام الشركات المصنعة، التي عانت انخفاض الطلبيات، نموذج “كورزاربيت” لتقليل ساعات عمل العمال المناوبون.
وتخطط الحكومة الألمانية لمد تطبيق نموذج “كورزاربيت” على 2.15 مليون عامل، أي 5% تقريبا من العاملين، بتكلفة 10 مليارات يورو لمدة عام.
ويمكن للشركات الكبيرة الاستفادة بأنفسهم من 400 مليار يورو في ضمانات السيولة الصادرة عن صندوق الاستقرار الاقتصادي الجديد، الذي يشبه صندوق إنقاذ البنوك في عام 2008.
وربما يتم تخصيص 100 مليار يورو أخرى للاستثمار المباشر في الشركات، بما في ذلك الشركات الاستراتيجية المعرضة لخطر الاستحواذ، ويمكن تقديم نفس المبلغ إلى بنك التنمية الحكومي، الذي وعد وزير المالية الألماني أولاف شولز بقيامه بالإقراض بكميات غير محدودة للشركات المتعثرة.
وفي غضون ذلك، يمكن للموظفين المستقلين والشركات الصغيرة البالغ عددها 3 ملايين وحدة في ألمانيا الحصول على منح تتراوح قيمتها بين 9000 و 15000 يورو لتغطية التكاليف الثابتة، مثل الإيجار، طالما أنها قادرة على إثبات تضررها من تفشي الفيروس، والذي لا ينبغي أن يكون صعبا.
وبجانب العديد من الإجراءات الأخرى، تبلغ قيمة حزمة المساعدات 750 مليار يورو رغم احتمالية عدم استخدام المبلغ بالكامل، كما أن العديد من الولايات الألمانية تقدم مزيدا من المساعدة.
ولطالما حثت مجموعة متناوبة من المؤسسات المالية الدولية ، ألمانيا على تخفيف قيودها المالية، ولكن تمكن كوفيد-19 من القيام بما لم يستطع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي فعله.
على الصعيد الأوروبي، كان هناك بعض التضامن عبر الحدود، إذ قبلت العديد من الولايات الألمانية مرضى من المستشفيات الفرنسية والإيطالية المزدحمة بالفعل، ولكن الحكومة الألمانية غير راغبة في الاستجابة لطلبات دعم ديون منطقة اليورو المضمونة بشكل مشترك.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة بون، موريتز شولاريك: “إذا كنا نعلن الحرب على كورونا، فيجب أن تكون سندات اليورو الأداة المفضلة، ولكنني لست متفائلا، فالوباء غير الكثير في ألمانيا، لكن ليس كل شيء”.