استوقفني المشهد “العبثي” الذي قام بعض المصريين العائدين من دولة الكويت الشقيقة بمطار القاهرة وافتعالهم أزمة في وقت لا يحتمل إثارة أي أزمات، وكذلك مشهد بعض من يدعون الوطنية من رجال الأعمال وتخليهم عن دعم بلادهم في تلك الأزمة بل وادعاء البعض إصابته بفيروس كورونا لمجرد دخول الحجر الصحي وتصويره في صورة تسيء لبلادهم على عكس الحقيقة.
كلنا يا سادة في “مركب” واحد، لن ينجو منها أحد إذا قُدر لها الغرق، لن تفرق بين غني وفقير ورجل أعمال وعامل، هل هناك دولة في العالم قامت بسرعة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواجهة تلك الأزمة وتحملت كل وزارة وقطاع مسئوليته، وعملا في تناغم افتقدناه كثيرا في الحكومات السابقة.
فنجد اتخاذ الحكومة للعديد من القرارات الاستباقية بإغلاق جميع الأندية الرياضية ومراكز الشباب وتكليفها السادة المحافظين باتخاذ كافة التدابير اللازمة كل في اختصاصه وسلطاته، و التعامل بكل شفافية وأداء راقٍ من رئيس الحكومة وإنكار للذات ورقي في التعامل مع الشعب واستيعاب متطلباته.
وهنا أشير لقرارات محافظ البنك المركزي طارق عامر، التي لم أجد أقل وصف لها سوى قرارات “حرب” في وقت قد يتخلى الكثير عن اتخاذ تلك القرارات، ولكن اختار “عامر” مستقبل بني وطنه ولم يختر بناء مجد شخصي له، ولعل قراراته الأخيرة بوضع حد للسحب والإيداع في قرار وصفه بالمؤقت وتخفيض سعر الفائدة في قرار استثنائي، وأخيرا تثبيت سعر الفائدة ناهيك عن باقي المنظومة المصرفية واتحاد البنوك المصري ومبادرته لدعم المتضررين من آثار وتبعات فيروس كورونا من خلال مساهمة البنوك بنسبة من أرباحهم المحققة 2019 بالتنسيق مع البنك المركزي، بالإضافة إلى شهادات بنكي الأهلي ومصر ذات العائد 15%، ناهيك على دعم البورصة المصرية بثلاثة مليارات جنيه للخروج من أزمتها كلها تصب في مصلحة المواطن أولا والدولة ثانيا وهما جزء واحد وجسد واحد إذا ادعى فيه عضو، تداعى له سائر جسد الحكومة والوطن .
وفي الوقت الذي أهملت فيه دول كبرى رعاياها بل ومواطنيها وفشلها في علاجهم واستيعابهم نرى القيادة السياسية المصرية تعلن أنه “لا أموال توازي قيمة المواطن المصري”، في سابقة جعلتني أشعر أننا بالفعل في عهد جديد يُعلي قيمة المواطن المصري في أي مكان، فنرى أساطيل الطيران تجوب سماوات العالم لإعادة رعايانا ومواطنينا بالخارج لأرض .
“كلنا في مركب واحد” يا سادة، لابد أن يكون هذا شعارنا المرحلة القادمة، وننادي به جميعا المرحلة الحرجة القادمة والتي تعد أصعب مراحل مواجهة “الفيروس” وغير مقبول اعتبار الحكومة المصرية جبهة والشعب جبهة أخرى، فالثقة في حكومتنا أمرا لا مفر منه لأننا جميعا سنجني ثمار ذلك والعكس يجعلنا لا قدر الله نجني معا هلاك لا يعلمه إلا الله عز وجل .
فلا داعي للفلسفة والإفتاء ممن لا يعلمون وغير مؤهلين لها لدرجة أننا أصبحنا في يوم وليله 100 مليون خبير كفانا تعليق وتحليل جميع قرارات الحكومة المصرية ولنكن على قدر المسئولية ولو لمرة واحدة.
أخيرا مصر تستحق منا التكاتف والالتفاف حول القيادة السياسية ودعم ومساندة قرارات الحكومة المصرية وتفويضها في إدارة الأزمة وإعطائها كافة الصلاحيات لذلك والطاعة والالتزام بقرارتها ومواجهة الخارجين عنها بكل حزم وحسم ومواجهة الكتائب الإلكترونية والشائعات التي تستهدف النيل من أمن وأمان وصحة المواطنين لأننا أولا وأخير كلنا “في مركب واحد”.
بقلم: محمد ناقد؛ كاتب وإعلامى.