لم يوفق عدد من كبار رجال الأعمال فى تصريحاتهم الأخيرة بشأن التعامل مع أزمة فيروس كورونا… وبدلا من يلتزموا الصمت تاركين إدارة الأزمة للدولة وللحكومة.. فإن منهم من استفز الرأى العام بتصريحاته بطلب الدعم من الدولة والانضمام لطوابير ضحايا الأزمة من معدومى الدخل وهو ملياردير من أصحاب الثروات ورجل أعمال آخر يطالب بإلغاء حظر التجوال والسماح للعمال بالعودة للعمل وأن مصلحة الاقتصاد أهم من فقدان أعداد من البشر.. وها هو رجل أعمال ليس لديه مانع أن يموت من يموت ولكن لابد من العمل حتى لا تفلس البلد.
بالطبع لا أحد ضد مصلحة البلد وضد الاقتصاد القومى.. ولكن لماذا هذا الاندفاع فى اتجاه مضاد للتعامل مع الأزمة التى قد لا يسلم منها أحد من البشر.. الدولة تتعامل مع الأزمة بهدف الحفاظ على حياة مواطنيها أولا.. أما القطاع الخاص فاللأسف يهمه الحفاظ على ثرواته وأرباحه حتى ولو كانت على حساب البشر بمفهوم بعض رجال الأعمال الذن اندفعوا فى تصريحات غير مدروسة وغير مسئولة.. هكذا يقدم القطاع الخاص نفسه لمجتمع يعانى من أزمة مرعبة.. بالتلآكيد لن يطلق على القطاع الخاص وفقاً لهذا المفهوم إلا أنه رأسمالية متوحشة وللأسف تلك هى أزمة القطاع الخاص فى مصر، فبرغم عدد منظماته وجمعياته واتحاداته إلا أنه يفتقد لخطاب سياسى وإعلامى يوضح للدولة وللمجتمع هل هذا القطاع رأسمالية وطنية أم متوحشة.. وهل القطاع الخاص تابع للدولة وللنظام أم هو مستغل وشريك أساسى وفاعل في منظومة الاقتصاد القومى.. هل رأيتم القطاع الخاص من خلال منظماته له موقف سياسى تجاه قضية معينة مثل نظام الانتخابات أو المناخ السياسى.. نفس الأمر فى الخطاب الإعلامى ورغم أن بعض من رجال الأعمال امتلك صحفاً وقنوات إلا أنهم لم ينجحوا حتى فى تغيير صورة رجل الأعمال المستغل والمترسخة فى أذهان الناس، لأنه للأسف راح يبحث عن مصالحه فى محاباة الدولة أو تحقيق مكاسب مادية أو تكوين شبكة علاقات من كل نوع..
حتى فى تطبيق مفهوم المسئولية المجتمعية للشركات لم تكن ممنهجة وتتم بصورة عشوائية على الرغم من المليارات التى تنفق فى هذا المجال والتى يمكن أن تحقق نتائج جيدة لو تم توجيهها وفقاً لاحتياجات المجتمع وأهداف خطط الدولة، فنحن جميعاً على علم بتردى مستوى الخدمات الصحية فماذا لو وجه القطاع الخاص كل ميزانيات المسئولية المجتمعية لهذا القطاع فى وقت واحد.. وهكذا.. يا سادة لقد أدرك القطاع الخاص فى الدول المتقدمة أهمية تحقيق السلام الاجتماعى لحماية أصوله وثرواته فخرج مفهوم المسئولية المجتمعية للشركات، ولكن تم تطبيقه وفق منهج ودراسات حقيقية فأمن القطاع الخاص هناك نفسه من ثورات الجياع.. انظروا إلى برامج رعاية العاملين فى الغرب وانظروا إلى حالها فى مصر.
كل ما أريد أن أقوله إن القطاع الخاص فى هذه الأزمة يقف إلى جانب الدولة فى هذه الأزمة التى تعد حرب حياة أو موت الكلمة فيها للدولة، أما القطاع الخاص فيجب أن يكون بجانبها يقدم لها كل ما تحتاجه ويلتزم بما تتخذه من إجراءات.. منظمات الأعمال يجب أن يكون لها موقف واضح هى التى تقود الموقف بالنسبة لهذا القطاع بدلا من أن ينبرى بعض رجال الأعمال بالسفسطة بتصريحات قد لا تكون فى صالح القطاع الخاص وليعلم رجال الأعمال أصحاب المليارات والذين يخافون على ثرواتهم أن لا أحد يضمن أن يسلم من هذا الوباء ووقتها لن تفلح المليارات فى إنقاذه.. ولن تفلس الدولة لأن فلان الملياردير الشهير قد مات، فالبشر هم من يصنعون الثروات..
وبعض الناس الذين استفزتهم تصريحات بعض رجال الأعمال تساءلوا إذا لم يقف القطاع الخاص مع الدولة فى هذه الأزمة فمإذا سيفعلون إذا ما دخلت البلاد فى حرب مع دولة أخرى هل سيغلبون مصالحهم على مصلحة بلادهم..
للأسف هؤلاء المليارديرات هم من وضعوا القطاع الخاص فى هذه الورطة.
بقلم: حسين عبدربه رئيس تحرير جريدة البورصة