فى ظل الظروف الصعبة، بسبب أن العالم يواجه أزمة فيروس كورونا الذى يؤثر بانتشاره على سير العمل فى جميع القطاعات، هل التأثير السلبى يكون سريعاً على جميع مناحى الحياة يوضح موقف القانون المصرى من عدم قدرة الشخص عن الوفاء بالتزاماته فى الإنتاج والتمثيل التليفزيونى للظروف الحالية، وهو ما يضع مسئولية على المكاتب القانونية المختصة ومن بينها مكتب التميمى للاستشارات القانونية الذى يقر عدداً من النصائح التى يجب على الجميع مراعاتها لمواجهة الوضع الحالى.
1. مع اقتراب شهر رمضان تسارع القنوات الفضائية فى الإعلان عن المسلسلات والبرامج التليفزيونية التى سوف تُذاع خلال الشهر الكريم، وهو الشهر الذى أضحى مناسبة لعرض هذه المسلسلات والبرامج والتى يتم العمل عليها فى الشهور القليلة قبل دخول رمضان، ولكن يختلف رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة، لظهور فيروس كورونا كوفيد 19، وهو الفيروس الذى يهدد اكتمال المسلسلات والبرامج التليفزيونية؛ نظراً إلى الظروف الاحترازية والوقائية التى فرضتها الدولة للحد من انتشار هذا الفيروس، مثل حظر التجوال، ومنع السفر، وتوقف العديد من القطاعات العامة والخاصة، وهو الأمر الذى أثار التساؤل عن مصير هذه المسلسلات والبرامج التليفزيونية من الناحية القانونية.
2. عند ظهور الأوبئة والكوارث الطبيعية والحروب أول ما يتبادر إلى الذهن نظرية القوة القاهرة، وهى النظرية التى نصت عليها المادة (159) من القانون المدنى المصرى (فى العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام؛ بسبب استحالة تنفيذه انقضت الالتزامات المقابلة له، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه).
ولنظرية القوة القاهرة شروط يجب أن تتوافر فيها حتى تستأهل التطبيق، وهذه الشروط وفقاً لما استقرت عليه أحكام محكمة النقض هى أن (يستحيل توقعه، ويستحيل دفعه، وأن يكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام التعاقدى مستحيلاً)، وعدم إمكان التوقع يكون وقت إبرام العقد، فمتى كان الحادث غير ممكن التوقع وقت التعاقد، كان هذا كافياً حتى لو أمكن توقعه بعد التعاقد وقبل التنفيذ.
ومتى تحققت القوة القاهرة بشروطها القانونية، فإنها تؤدى إلى انفساخ العقد بقوة القانون.
3. وتُزاحم نظرية القوة القاهرة فى التطبيق فى ظل انتشار فيروس كورونا نظرية أخرى تعرف بنظرية الظروف الاستثنائية أو الظروف الطارئة، وهى نظرية تكاد تتطابق أحكامها مع نظرية القوة القاهرة، إلا أنها تختلف عنها فى أمرين، الأمر الأول؛ أن الظرف الاستثنائى لا يُعجِز المدين عن الوفاء بالتزامه بالكلية، ولكنه يجعل أداء الالتزام مرهقاً له، والأمر الثانى؛ هو أنه لا يترتب على تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية انفساخ العقد، ولكن القاضى يتدخل لكى يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويعيد التوازن الاقتصادى للعقد.
4. وفى نظرنا لا يمكن الجزم بأن إحدى النظريتين أولى بالتطبيق من الأخرى، بل يتعين النظر فى كل حالة على حدة، والنظر فيما إذا كان انتشار فيروس كورونا أدى إلى استحالة فى تنفيذ الالتزام، ومن ثم يكون العقد مستأهلاً للفسخ، أم أنه جعل الالتزام مرهقاً على المدين، ويكتفى برد القاضى للالتزام إلى حده المعقول.
5. وأخيراً، ففى كل الأحوال، فإنَّ التكييف القانونى لكل واقعة يخضع للسلطة التقديرية للقاضى، فإذا رأى القاضى أن هناك استحالة فى التنفيذ فى ظل الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة للحد من فيروس كورونا، وفى إمكانية إصابة الفنانين والفنانات والعاملين فى هذا القطاع بفيروس كورونا عند اجتماعهم لتنفيذ العمل الفنى أو التليفزيونى، ففى هذه الحالة قد يكون الأثر القانونى هو انفساخ هذه العقود، أما إذا رأى القاضى أنه ليس هناك استحالة فى تنفيذ هذه العقود، لكن هناك إرهاق فى تنفيذها نتيجة الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة، وفى التدابير الوقائية التى يجب أن تُتَخذ للحفاظ على سلامة العاملين فى المجال الفنى، ففى هذه الحالة من الممكن أن يرد القاضى الالتزامات المرهقة إلى حد غير مرهق مثل تقليل عدد حلقات العمل الفنى، أو رده بأى وسيلة أخرى قد تتراءى للقاضى.
بقلم د. خالد عطية؛ الشريك ورئيس قسم حل المنازعات فى مكتب التميمى ومشاركوه.