شركات التكنولوجيا تحشد قواها لابتكار تطبيقات تتبع واحتواء الفيروس
قبل انتشار جائحة فيروس كورونا، كانت “ييينج لو” مشهورة بعملها في تصميم “Fail Whale” التابع لموقع التغريدات القصيرة تويتر.
ولكنها استدعيت لغرض أكثر أهمية في الأسابيع القليلة الماضية، وهو إنشاء موقع إلكتروني مجاني باسم “Corona Carecard”.
ويعمل هذا الموقع الجديد على دعم الشركات الصغيرة، من خلال مطالبة الأمريكيين بشراء بطاقات الهدايا لمتاجرهم المحلية المفضلة، مما يوفر مصدر دخل مطلوب بشدة أثناء إغلاق المتاجر الناتج عن انتشار “كوفيد-19”.
تعتبر “لو” ، واحدة من مئات إن لم يكن الآلاف، من العمال في وادي التكنولوجيا الأمريكي “سيليكون فالي” الذين يحاولون، بأقوالهم، محاربة الفيروس.
وأثار الوباء المستجد، حماسا مبشرا في كافة أنحاء “سيليكون فالي”.
فقد قررت شركتا “آبل” و”جوجل”، وضع خصومتيهما التي دامت لعقد من الزمان جانبا، وتشكيل تحالف لتتبع انتشار العدوى الفيروسية.
كما تشتري “فيسبوك” و “سيلز فورس دوت كوم” ملايين الأقنعة للعاملين في مجال الرعاية الصحية، في حين تبرع مؤسس “أمازون”، جيف بيزوس، بـ 100 مليون دولار ومؤسس “تويتر” ، جاك دورسي، بمليار دولار.
وفي أركان أخرى من “سيلكون فالي”، ستجد أن هناك أفرادا يعملون على تطوير مجموعة من الاختبارات واللقاحات المحتملة، بجانب برمجيات لعلاج الأمراض الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن الوباء.
فقد أنشأت الشركات الصغيرة نماذج أعمال جديدة تماما للتمكن من التصدي للفيروس. فعلى سبيل المثال يمكن لتلك الشركات تقديم مشاريع بسيطة مثل تطبيق يذكر الناس بغسل أيديهم أو تطبيق يصل المستخدمين بالحلاقين في بروكلين، لتعلم كيفية قص شعرهم بأنفسهم في المنزل.
ذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن ثمة شعور سائد بين بعض خبراء التكنولوجيا بأن بعض أعمالهم في السنوات الأخيرة أصبحت جشعة أو عابثة. فهم يحاولون الاستفادة من فترة الازدهار التكنولوجية الطويلة من خلال التطبيقات التي تلبي نزوات النخب الساحلية الغنية، بدلا من تلبية الاحتياجات الملحة لبقية العالم.
قالت “لو”، المدير الإبداعي السابق في “ستارتب 500 ” لرأس المال الاستثماري: “لقد جمعتنا فيسبوك و سناب شات، والعقد الأخير من التكنولوجيا سويا بطريقة ما، ولكنها دفعتنا بعيدا عن الحياة الواقعية”.
أضافت أن الفيروس يعتبر تحذيرا للناس في منطقة خليج سان فرانسيسكو. فلا يمكنهم القدوم فقط للحصول على المزيد والمزيد، بل يتعين عليهم العطاء أيضا.
وأوضحت “بلومبرج” أن شركات التكنولوجيا ليست بمنأى عن الأزمة، فالبعض يخفض الوظائف والأجور، كما تكافح الشركات الناشئة لجمع الأموال والتأكد من استمرار العمل، ولكن العديد من العاملين في مجال التكنولوجيا يمكنهم تحمل الضربة ورؤية فرصة للقيام بعمل جيد، أو على الأقل إرسال رسالة تنطوي على قيم لأقرانهم.
وأشارت إلى أن موقع “Corona Carecard”، الذي أسسته لو، أنشأ باستخدام منحة بقيمة 1000 دولار أمريكي مقدمة من “صندوق 1517” المدعوم من قبل المستثمر الرأسمالي بيتر ثيل.
فقد قدم “صندوق 1517” منح للعديد من الشركات الناشئة التي شاركت في حاضنة تضم 800 شخص لإنشاء مشاريع متعلقة بفيروس كورونا في غضون أسبوعين.
وهناك مشارك آخر في برنامج مكافحة الفيروس وهو مارتن جرينبرج، الذي يعمل على تطوير نوع جديد من قناع الوجه الطبي. و قال إنه شعر بأن الحكومة لا تقوم بأي شيء، في حين يمكنه محاولة تحقيق شئ ما على الأقل.
وفي الوقت نفسه، لا تسعى بعض شركات التكنولوجيا لتلبية التوقعات. و قال عمال المستودعات والتوصيل في “أمازون” إن الشركة لا تتخذ إجراءات كافية للحفاظ على سلامتهم، في حين قال سائقو شركة النقل الذكي “أوبر” إنها فشلت في توفير طرق مناسبة لكسب العيش مع انخفاض الرحلات.
ومن المؤكد أن التفكير الجاد، في فرصة المساهمة في التصدي للفيروس وآثاره ، قد تسلط الضوء على التباين بين “سيليكون فالي” وباقي العالم.
وقال المدير التنفيذي السابق في شركات “روبن هود” و “فيسبوك” و “جرايلوك بارتنرز”، جوش إلمان : “لا أريد المبالغة من الناحية التكنولوجية، ولكننا نمتلك المهارات اللازمة لتشييد العلامات التجارية والشركات والمواقع الإلكترونية والتوسع بسرعة كبيرة”.
ومن المؤكد أن مثل هذه الأمور العظيمة بإمكانها تحقيق نتائج جيدة عند تطبيقها على أزمة عالمية.
فقد بدأ أحد المشاريع التي جمعت 1.6 مليون دولار، بطلب شراء عشاء للعاملين في المستشفيات.
وقال رئيس موقع “آرت دوت كوم” التابع لشركة “وول مارت”، فرانك باربيري، إن شخصا مقربا منه في المركز الطبي في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، طلب منه هو والرأسمالي الاستثماري ريان رايفر، شراء بيتزا لموظفي المستشفى.. وبالتالي تحول المشروع سريعا إلى مشروع مشترك على نطاق واسع، إذ يمكن للعاملين في المستشفيات طلب وجبات الطعام من المتطوعين.
وبحلول نهاية مارس، اجتذب المشروع ما يصل إلى 200 شخص من مصممي البرمجيات والمهندسين الذين حولوه إلى شبكة وطنية تسمى “فرونت لاين فودز”.
وأفاد باربيري أن العديد من هذه المشاريع، تقدم ترياقا للعجز الذي يعاني منه الأفراد، موضحا: “لقد استفدنا من شعور عدم وجود شيء يمكن القيام به لأكون منتجا ومفيدا”.
وذكرت “بلومبرج” أن المال هو الشيء الوحيد الذي يمكن للرأسماليين المغامرين تقديمه.
وفي هذا الصدد، قالت حاضنة أعمال “واي كومبينتور” الأبرز في سيليكون فالي، إنها جمعت أكثر من 30 مليون دولار من مجموعة من المستثمرين لتعزيز وضع الشركات الناشئة المرتبطة بفيروس كورونا.
وقال المؤسس المشارك في صندوق “50 Years” لرأس المال المجازف، سيث بانون : “أردنا دفع الشركات إلى السير بشكل أسرع، فهذه دعوة للاستيقاظ، خصوصا في سيليكون فالي، حيث تتسم الحياة بكونها جيدة للغاية ويتقاضى كل شخص هنا الكثير من المال، بطريقة تقود لفقدان التركيز على الأمور الهامة”.
