
“فيتش”: الوباء يشكل عائقا للمبادرة مع عدم قدرة الدول على الاقتراض لتمويل المشروعات
تلقت الصين موجة من الطلبات المقدمة لتخفيف أعباء الديون عن الدول المتضررة المدرجة في مبادرة “الحزام والطريق”، إذ يفرض انتشار جائحة فيروس كورونا مزيدا من الضغط على أكبر برنامج تنموي في العالم.
قال مستشارو السياسة والمصرفيون الصينيون، في تصريحات لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، إن بكين تدرس عددا من المقترحات، بما في ذلك تعليق مدفوعات الفائدة على القروض من المؤسسات المالية في البلاد. ولكنهم حذروا أيضا من التوقعات التي تشير إلى إمكانية إسقاط الصين للديون على الفور.
قال باحث في بنك التنمية الصيني، وهو بنك سياسات صيني يعمل بجانب بنك التصدير والاستيراد الصيني، على قيادة مئات المليارات من الدولارات من الإقراض لمشاريع الحزام والطريق حول العالم: “نتفهم أن الكثير من الدول تتطلع إلى إعادة التفاوض بشأن شروط القروض، ولكن الأمر قد يستغرق وقتا لإبرام صفقة جديدة ولا يمكننا حتى السفر إلى الخارج حاليا”.
وأشار الباحث، الذي رفض نشر هويته، إلى أن قروض مبادرة “الحزام والطريق” ليست مساعدات أجنبية.
وأضاف: “من المقبول أن تعاني 20% من مشروعات محفظتنا من مشاكل، ولكن لا يمكننا تحمل تعرض نصفهم إلى مشاكل.. لذا ربما نفكر في تمديد القروض وتخفيف مدفوعات الفائدة”.
وتابع المصدر: “بشكل عام، تصدر قروضنا وفقا لمبادئ السوق”.
وتستهدف مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقتها الصين في عام 2013 كمبادرة سياسة خارجية مميزة للرئيس شي جين بينج، تشييد البنية التحتية وتعزيز نفوذ الصين حول العالم.
ومعظم الدول الـ 138 التي وقعت رسميا على المبادرة هي دول نامية، والعديد منها يعاني من أضعف تصنيفات ائتمانية في العالم.
وتنشر الصين قليلا من التفاصيل المالية في مشاريع البنية التحتية التابعة للمبادرة الصينية، ولكن شركة “آر.دبيلو.آر” للاستشارات ومقرها واشنطن، قدرت أن إجمالي الإقراض المعلن من المؤسسات المالية الصينية لمشاريع المبادرة منذ عام 2013 بلغ 461 مليار دولار.
وحتى مع السماح بتدني معدلات الاستكمال للمشروعات المعلنة، فإن مثل هذا المبلغ يجعل مبادرة “الحزام والطريق” إلى حد كبير أكبر مبادرة تطوير في العالم.
ويعتقد أن العديد من الدول، التي تقدمت بطلب إلى بكين لتخفيف أعباء الديون، تقع في أفريقيا، إذ قامت الحكومة والبنوك والمتعاقدون الصينيون بإقراضهم ما يصل إلى 143 مليار دولار بين عامي 2000 و2017، وفقا لمدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة.
وفي الوقت نفسه، وقعت الصين على اتفاقية مجموعة العشرين، في أبريل، لتجميد سداد القروض الثنائية للدول منخفضة الدخل حتى نهاية العام. واشتملت مبادرة مجموعة العشرين على تغطية كافة الدائنين الثنائيين الرسميين، وهو تعريف بدا أنه يشمل الإقراض من بنوك السياسة الصينية.
ومع ذلك، قال دبلوماسيون إن عملية تحديد أي القروض في أي دول ستكون مؤهلة قد بدأت للتو، مشيرين إلى أن المفاوضات تجري مع الصين على أساس ثنائي، مما يمنح بكين قدرا كبيرا من النفوذ.
وقال أحد المستشارين السياسيين للحكومة الصينية، الذي رفض نشر هويته، إن الخيار المفضل بالنسبة لبكين في التعامل مع الطلبات الوطنية لتخفيف أعباء الديون سيكون تعليق مدفوعات الفائدة على القروض، ومع ذلك، ربما يُسمح لبعض المقترضين الذين لديهم أمر سوقي جيد بإعادة هيكلة قروضهم، في حين أن فكرة إسقاط الدين بشكل نهائي ستكون الخيار الأخير.
وقالت الباحثة في مركز الصين للتبادل الاقتصادي الدولي، مي جوان كين، وهو مركز أبحاث حكومي في بكين، إن الصين لم تضع خطة للتعامل مع طلبات تخفيف أعباء الديون المتزايدة، ولكن ثمة بعض القواعد المعروفة.
وأوضحت أن أول تلك القواعد يتمثل في استبعاد إمكانية تنازل البنوك التجارية الصينية، ومنها بنك الصين ولبنك الصناعي والتجاري الصيني، عن القروض نظرا لتعرضها لضغوط من بكين لتحقيق الأهداف المالية.
وأضافت أن القاعدة الثانية تتمثل في احتمالية تقديم بنك التنمية الصيني وبنك التصدير والاستيراد الصيني، إعفاءات من القروض السيادية للدول الصديقة، فربما تخفض أسعار الفائدة ببضع نقاط مئوية أو إزالتها تماما، كما يمكن خفض المدفوعات الأساسية بقيمة معتدلة، فالفكرة تكمن في منع المقترضين من السقوط.
وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في “آر.دبليو.آر” الاستشارية، أندرو دافنبورت، إن بكين كانت حساسة تجاه التصور القائل بأن مبادرة “الحزام والطريق” سهلت من السلوك الاقتصادي المفترس الذي تتخذه الصين، والتي دعت إلى فكرة اتخاذ الأصول القيمة كضمان عندما تفشل الدول في دفع الديون.
وثمة شيء واحد واضح، وهو معاناة مبادرة “الحزام والطريق” من ضربة شديدة. ففي ظل مواجهة العديد من الدول المستفيدة لمخاطر الاقتصادية، ستنمو الدعوات المطالبة بتخفيف أعباء الديون فقط، مما يسلب الرئيس الصيني لتصميمه الكبير على تحقيق زخم إيجابي.
وكتبت مؤسسة “فيتش سوليوشنز”، في تقرير بحثي نشر في أبريل، إن التقدم في مشروعات البنية التحتية التابعة للمبادرة الصينية سيواجه عائقا بسبب تفشي الوباء المستمر.
وأضافت: “في الوقت الذي يغرق فيه الاقتصاد العالمي في ركود، لا يرجح أن تتحمل دول المبادرة، خصوصا الأسواق الحدودية، ديون جديدة لتمويل مشروعات جديدة في المدى القريب”.