عالم ما بعد الأزمة سيكون أعلى مديونية وأقل عالمية وأكثر رقمية
يجب على المستثمرين الحد من التعرض للنقد والسندات عالية الجودة
وضع بنك جوليوس باير، السويسرى، خريطة الاستثمار في عالم ما بعد كورونا الذي وصفه بأنه أكثر مديونية وأقل عالمية وأكثر رقمية في المستقبل القريب، ورجح أن يركز السوق على مدى سرعة تخفيف إجراءات الإغلاق ووتيرة الانتعاش في أرباح الشركات.
ولكنه أكد أن المستثمرين بحاجة أيضًا إلى التفكير في التحولات الهيكلية المحتملة التي تقودها أزمةكوفيد-19.
أضاف:”سيحتاج المستثمرون إلى التعامل مع الضرائب المرتفعة والضغط المالي والتضخم المرتفع إلى جانب السياسات الوطنية والحمائية، فى ظل التحول المحتمل من التركيز على سلاسل التوريد العالمية إلى المحلية، ومن التواجد المادى إلى الرقمي”.
وأستبعد أن تكون الأزمة قد غيرت بشكل جوهري النظرة طويلة المدى للنمو الاقتصادي المتواضع.
ومع ذلك، فإن الانخفاض الأخير في عوائد السندات عالية الجودة يعني أن المستثمرين سيحتاجون إلى إعادة تقييم دور النقد والسندات في محافظهم.
تابع:”يجب على المستثمرين المنفتحين على تحمل مخاطر الاستثمار المتزايدة أن ينظروا في تقليل التعرض للنقد والسندات عالية الجودة لصالح الائتمان المرتفع العائد أو الأسهم المتنوعة عالميًا، بالإضافة إلى النظر في أدوات بديلة”.
أضاف: “كما يجب على المستثمرين أن يوسعوا انكشافهم للمستفيدين من الاتجاهات طويلة الأجل التي عظمت الأزمة فرصها بما في ذلك الشركات المصنعة للأنظمة الالكترونية والروبوتات، المعنية بالتحول الرقمي، والتكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والمنصات الصحية الإلكترونية، والعلاجات الجينية”.
وتوقع ارتفاع الدين الحكومي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بنسب تتراوح بين 15 و25 نقطة مئوية بنهاية عام 2021 مما كان عليه في نهاية عام 2019 في معظم أنحاء أوروبا، والولايات المتحدة.
أوضح: “بمجرد انتهاء الأزمة، ستنتهي إجراءات الإنفاق الطارئة وستنخفض عجز الميزانية، ولكن، على عكس الفترة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، لا نتوقع من الحكومات إجراء تخفيضات عميقة في الإنفاق العام لتوفير المال، نظرًا للتجربة السلبية مع التقشف خلال أزمة منطقة اليورو، وانخفاض تكلفة الديون، والطلب المحتمل يزيادة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك الرعاية الصحية”.
لذلك توقع أن يظل الإنفاق المالي عالياً بالمعايير التاريخية بعد عام 2020. وستكون هناك اختلافات إقليمية في كيفية تمويل الحكومات لهذا الدين، ولكن على نطاق واسع نتوقع أن تستخدم الحكومات ثلاث وسائل:
1- القمع المالي:
أوضح أنه قد تم استخدام هذا بالفعل على نطاق واسع على مدى العقد الماضي، وعبر اجبار الجهات التنظيمية للمؤسسات مثل البنوك وصناديق المعاشات وشركات التأمين على شراء السندات الحكومية التي يتم تخفيض عائدها عن طريق الشراء القسري، وكذلك من خلال التحكم فى التيسير الكمي للبنك المركزي ومنحنى العائد.
وفي نهاية المطاف، يتم تمرير هذه العوائد المنخفضة من قبل المؤسسات إلى المدخرين المحافظين، الذين ينتهي بهم الأمر بتقاسم عبء مستويات الديون المرتفعة مع دافعي الضرائب.
وعلى الجانب الآخر هو أن أصحاب الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم والائتمان قد يستفيدون.
ومن الجدير بالذكر أن دعم الأصول ذات المخاطر ليس مجرد أثر جانبي للقمع المالي ؛ بل هى جزء من استراتيجية البنوك المركزية. ويمتلك بنك اليابان بالفعل حوالي ثلثي سوق صناديق المؤشرات اليابانية، في حين أن الاحتياطي الفيدرالي يشتري الآن سندات الشركات، بما في ذلك السندات غير المرغوب فيها التي تم تخفيض تصنيفها مؤخرًا من الدرجة الاستثمارية.
ونظرًا للمستويات المرتفعة لملكية الأسهم بين الأسر في الولايات المتحدة، يمكن توسيع هذه الإجراءات حال حدوث أى ركود مستقبلي
2- ضرائب أعلى:
يمكن للحكومات أيضا أن تسعى إلى تمويل الديون من خلال زيادة الضرائب. وقال البنك إنه على وجه الخصوص يتوقع أن تٌقر ضرائب أعلى على الشركات الكبيرة وخاصة على شركات التكنولوجيا والأجنبية.
وأشار إلى أنه تم التخطيط لهذه الخطوة بالفعل قبل تفشي الوباء، ومن المرجح أن تكون له أولوية بعد ارتفاع متطلبات التمويل الحكومي بفعل الأزمة .
ومن المرجح أن يؤدي ربط الضرائب بمصادر جني الإيرادات إلى الشعور بالعدالة، كما أنه يتوافق مع اتجاه التخلى عن العولمة، من خلال استهداف الشركات الأجنبية.
أضاف أنه قد نرى أيضًا بعض الحكومات تفرض ضرائب أعلى على الأغنياء للمساعدة في تمويل الديون، على الرغم من عدم وجود أحكام ضريبية محددة فى هذا الصدد لكن قد تأتى في صورة ضرائب أعلى على الأرباح الرأسمالية أو الدخل، أو الهدايا والميراث، أو إدخال أو زيادة ضرائب الثروة، أو ضرائب المعاملات المالية.
ولكن في نهاية المطاف فإن التخطيط المالي طويل الأجل والنظر في الأداء بعد الضرائب سيصبح أكثر أهمية من الحصول على التمويل للديون.
3- تضخم أعلى بشكل معتدل:
والتضخم هو الوسيلة الأخرى التي يتم اللجوء لها لخفض مستويات الديون، لكن ذلك له مخاطر فأجزاء كبيرة من الإنفاق الحكومي ترتبط ارتباطا مباشرا بالتضخم، وقد ترتفع تكاليف الديون.
وقال البنك إنه لذلك يعتقد أنه من غير المحتمل أن يُسمح للتضخم بالانحراف عن السعر المستهدف لفترة طويلة، ومع ذلك، قد تكون البنوك المركزية مستعدة لتحمل معدل التضخم لمدة عام أو عامين.
وكما هو الحال مع القمع المالي، يمكن اعتبار التضخم في هذا النطاق بمثابة ضريبة على المدخرين المحافظين.