سيطرت حالة عدم وضوح الرؤية، على صناعة الأعلاف حول العالم، فى ظل اضطراب العرض والطلب الناجم عن تداعيات انتشار فيروس كورونا.
فقد تسبب الفيروس القاتل، فى إغلاق المطاعم والفنادق، وعطل خطط الاعتماد على الوقود العضوى، وأثر فى أسعار صرف بلدان عدة أمام الدولار الأمريكى، مما قلل فرص المصدرين فى واشنطن.
لكن نادينى روى، باحث أول فى فيوتشر ماركيتش انسيتس، يرى أن تأثر المعروض كان أقوى من الطلب.
فعلى سبيل المثال، حظرت دول منها رومانيا، التصدير إلى خارج الاتحاد الأوروبى، وخلق ذلك اضطرابات قوية فى تناسب العرض والطلب فى صناعة الأعلاف الحيوانية، ومن بين الحبوب المحظور تصديرها فول الصويا، والدقيق، والذرة، والشعير، والقمح.
أضاف روى: «من ناحية أخرى، تسببت الصين، وهى مورد رئيسى لفول الصويا الخام، فى حدوث خلل لمنتجى الأعلاف العضوية العالمية فى ضوء الإجراءات الصارمة التى اتخذتها للحد من جائحة تداعيات كوفيد ـ 19».
علاوة على ذلك، تأثر أيضًا توريد الحاويات والسفن إلى جانب نقل بعض المكونات الدقيقة بسبب مشكلات اللوجستيات فى الصين، وأغلقت الحكومة الهندية موانئها الدولية بشكل جزئى، مما حفز مزيدا من الاضطرابات فى سلسلة إمدادات الأعلاف الحيوانية.
وقدر محللون، الانخفاض المتوقع فى الطلب على فول الصويا والذرة والقمح بنسبة %6 لعلف الحيوانات فى دول منها فيتنام وتايلاند وماليزيا والفلبين فى عام 2020، مما قد يتيح على الناحية الأخرى معروضًا أكثر فتنخفض الأسعار.
وتستهلك صناعة الأعلاف حول العالم نحو %65 من صافى الإنتاج السنوى لفول الصويا والذرة والقمح، فى حين أن الـ%35 المتبقية لاستهلاك الغذاء.
لذلك، رغم زيادة الاستهلاك المنزلى من الحبوب، لكنه أقل بكثير من انخفاض الاستهلاك فى صناعة الأعلاف الحيوانية.
وقالت شركة الأبحاث «HIS MARKIT»، إن التنبؤ بما سيحدث فى أسواق اللحوم العالمية أمر صعب خصوصاً فى الوقت الحالى، إذ يعتمد على الجهود المبذولة للسيطرة على «كوفيد19-».
وإذا تمكنت الصين من منع حدوث موجة ثانية من التفشى، فستساعد مرة أخرى فى امتصاص الإمدادات وتحد من أى جانب سلبى للأسعار.
أما حال استمرت الأزمة، وتراجعت جهود إعادة بناء الطاقة الإنتاجية للصين، فذلك من شأنه أن يحفز الطلب الصينى على الواردات لجميع أنواع البروتين الحيوانى فى عام 2020.
وتعتمد الكيفية التى تتطور بها الأسواق فى أماكن أخرى من العالم على حالة العرض الخاصة بها.
فعلى سبيل المثال، تعمل الولايات المتحدة على تكثيف إنتاج البروتين الحيوانى، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للصدمات من جانب الطلب حال تباطوء أكثر.
فى المقابل، حافظ المنتجون البرازيليون على غطاء للتوسع، وهو ما جعلهم أقل انفتاحًا على المشاكل المحتملة لزيادة العرض.
وسيتضرر المصدّرون الأمريكيون أيضًا من تحركات أسعار الصرف الأخيرة، التى شهدت ارتفاع الدولار أمام عملات الموردين المتنافسين فى أمريكا الجنوبية وأستراليا وكثير من الأسواق الناشئة.
وكما هو الحال دائمًا، فإن أى ركود عالمى مستقبلى سيؤثر على الدواجن أقل من اللحوم المنافسة بسبب قدرتها النسبية على تحمل التكاليف.
وقال ايد أوسيد، الاقتصادى فى جامعة مينوستا للحبوب، إن خطط الحكومة الصينية للتحول نحو المزيج (الذرة والصويا) ليمثل %10 من مزيج الطاقة لديها كان يعنى قفزة كبيرة فى صادرات الذرة للصين.
لكن جاء «كوفيد19-» وما تسبب فيه من وقف لرحلات الطيران والانتقالات ليهبط بأسعار البترول لأدنى مستوياتها فى سنوات.
أضاف أن ذلك انعكس على أسعار الذرة التى تراجعت بشكل حاد بالإضافة إلى أسعار الصويا، أيضًا.
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، يخسر حاليًا صناع الأعلاف إمداداتهم لصناع الثروة الحيوانية التى تمد المؤسسات بالأغذية، ومنها القطاع السياحى بالدرجة الأولى، وبعض المؤسسات الأخرى منها المستشفيات، والمطاعم.
وقدر التقرير عائدات خدمات أغذية المؤسسات فى مصر بـ5.8 مليار دولار، فى حين بلغت عائدات قطاع السياحة فى 2019 نحو 12.6 مليار دولار (%4.7 من الناتج المحلى الإجمالى).
وقال نادينى روى، إن الجانب الرئيسى من الطلب على صناعة الأعلاف الحيوانية تأثر بشكل سيئ، مدفوعًا بإغلاق المطاعم والأماكن السياحية فى جميع أنحاء العالم.
وأوضح أن التحول فى نمط استهلاك المواطنين المدفوع بتفشى فيروس كورونا أجبر المصنعين على إعادة التفكير فى سياساتهم واستراتيجياتهم.
وعد روى، قطاعات الإنتاج الحيوانى بين الأكثر تضررًا من الإغلاقات، ودعا مربى الثروة الحيوانية والسمكية فى الاتحاد الأوروبى إلى اتخاذ تدابير لإدارة الأزمات للتخفيف من تأثير الفيروس، على رأسها توفير مساحات تخزين خاصة لإنتاجهم.
وانخفض الاستهلاك العالمى للأسماك واللحوم بشكل كبير، وبالتالى انخفض الطلب على الحبوب والبذور الزيتية بالدرجة نفسها.
وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار اللحوم 168.8 نقاط فى شهر أبريل 2020، بانخفاض نسبته %2.7 عن مستواه المسجّل فى شهر مارس، وهو الانخفاض الشهرى الرابع على التوالى.
وانخفضت الأسعار الدولية لجميع أنواع اللحوم الممثلة فى المؤشر خلال أبريل، لأن الانتعاش الجزئى فى الطلب على الواردات، خصوصا فى الصين، لم يحقق التوازن مع تدهور الواردات من البلدان الأخرى بسبب استمرار الصعوبات الاقتصادية المتصلة بجائحة كورونا، والاختناقات اللوجستية والانخفاض الحاد فى الطلب من قطاع الخدمات الغذائية نتيجة الإغلاق التام.
ورغم انخفاض مستويات تجهيز اللحوم بسبب تزايد الافتقار إلى اليد العاملة، أدّى الانخفاض الحاد فى مبيعات المطاعم إلى زيادة تراكم المخزونات والكميات المتاحة للتصدير، وهو ما ألقى أيضًا بثقله على أسعار اللحوم.