تستمد برامج المسئولية المجتمعية، قوتها وشرعيتها من انخراطها المستديم فى ثنايا المجتمع المحلى، وعدم تضارب المصالح بين الشركات والمؤسسات من جانب وبين وحدات وهيئات المجتمع من جانب آخر.
ولكن تواجه هذه البرامج الخاصة بالشركات العديد من التحديات، أهمها اتخاذ البعض لها كوسيلة للدعاية، وهو ما يؤدى أحياناً إلى تغلب المصلحة الذاتية للشركة على المصلحة العامة للمجتمع، فضلاً عن عدم ملاءمة البنية التحتية بالسوق المحلى لاستيعاب بعض برامج المسئولية المجتمعية والتنمية المستدامة، وضعف ثقافة المواطن «متلقى الخدمة» بمفهوم المسئولية المجتمعية وبرامجها، بل وعدم إقباله أو إدراكه طبيعة وأهمية المشروع التنموى المراد تنفيذه.
كما تواجه بعض الشركات «عينة البحث»، تحديات من نوع آخر تتمثل فى نقص فرص التدريب المتاحة لموظفى قطاع المسئولية الاجتماعية بالشركة، وعدم استدامة الفعاليات والأحداث الخاصة التى تمثل ملتقى لبرامج المسئولية الاجتماعية للشركات، وعدم استيفاء معايير بعض مؤسسات المجتمع المدنى لتتوافق مع أهداف الشركات.
وهذه البيانات، تأتى وفقاً لبحث أجرى مطلع العام بعنوان «تحديات برامج المسئولية للشركات المحلية والدولية»، وكان من المقرر نشره بالمؤتمر البحثى لكلية الإعلام جامعة القاهرة أبريل الماضى، وتم تأجيله بسبب أزمة فيروس كورونا، واعتمد البحث على أسلوب المقابلة البحثية المتعمقة مع مديرى قطاعات المسئولية المجتمعية ومديرى أقسام العلاقات العامة فى شركات ومؤسسات محلية ودولية عاملة فى قطاع المسئولية الاجتماعية بالسوق المحلى.
وتنوعت مجالات عمل الشركات التى تم إجراء المقابلات معها بين القطاع البنكى، والاتصالات، والبورصة، والنقل، والأجهزة المنزلية، وأنظمة الطاقة، وحلول التطبيقات الرقمية.
وكان الهدف من هذا البحث هو رصد وتوصيف أبرز التحديات التى تواجه هذه المؤسسات. كما أنها كانت محاولة لتقديم حلول وتوصيات واقعية للحد من هذه المعوقات، بل والارتقاء بالآليات التنفيذية والخطط المستقبلية للمبادرات المجتمعية ذات الطابع الخيرى والإنسانى فى المقام الأول.
ويوصى البحث بأهمية أن يكون لوسائل الإعلام دور إيجابى أكبر من خلال تسليط الضوء على المبادرات التنموية الهادفة، ونقد الجوانب السلبية بها، مع مراعاة بساطة المضمون الإعلامى الموجهة بالأساس نحو المواطن البسيط.
بقلم: دكتور محمود فوزى
باحث بمجال المسئولية المجتمعية