فى الوقت الذى تعانى فيه قطاعات ضخمة بالاقتصاد البريطانى، من انتكاسة ناتجة عن انتشار جائحة فيروس كورونا، ثمة قطاع واحد يواجه أزمة جيدة نسبياً، وهو الطاقة المتجددة.
وفى أبريل الماضى، سجلت الطاقة النظيفة أرقاماً قياسية بشكل متكرر، إذ أدى مزيج الشمس والرياح وانخفاض الطلب على الكهرباء، إلى ارتفاع مستوى استخدام الطاقة المتجددة فى المملكة المتحدة بشكل غير مسبوق.
والرئيس التنفيذى لشركة الطاقة النظيفة “كوبيكو”، قال ستيف ريلي، والتى تمتلك 3.3 جيجاوات من الأصول المتجددة، منها 300 ميجاوات فى المملكة المتحدة: “كان لدينا طقس هائل فى الأسابيع القليلة الماضية، وبالتالي كانت الطاقة التى أنشئت وتم بيعها أكثر من المتوقع”.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن قوة الشمس في المملكة المتحدة سجلت رقماً قياسياً جديداً في أبريل، مع قيام المحطات الشمسية بتشغيل نحو 30% من الشبكة فى ذروتها، بسبب الطقس الساطع وانخفاض مستوى التلوث، كما أن البلاد فى خضم تسجيل رقم قياسى جديد لأطول فترة عملت فيها الشبكة بدون فحم.
وأشارت إلى أن الانخفاض الكبير فى الطلب على الكهرباء منذ بدء الإغلاق في مارس الماضى دفع بعض محطات الطاقة التقليدية للابتعاد عن شبكة الكهرباء تماماً، ولكن طاقة الرياح والطاقة الشمسية ظلت تلبى الاحتياجات، خصوصاً أنها تمتلك معاملة تفضيلية للوصول إلى الشبكة، إذ استحوذت على نحو 30% من توليد الطاقة خلال الشهرين الماضيين، مقارنة بـ 23% فى الفترة ذاتها من العام الماضى.
ويبدو أن هذه الأوضاع الجديدة، خلقت لمحة غير متوقعة لما ستبدو عليه شبكة الكهرباء البريطانية في المستقبل، حيث يأتى مزيد من الطاقة النظيفة بشكل إلكترونى.
وقال رئيس التحكم في شركة الشبكة الوطنية للكهرباء، روزين كوينى: “كنا نخطط لظروف تشغيلية مثل تلك التي نراها فى الوقت الحالى، ويبدو أن إغلاق البلاد قد سرع هذه الظروف بشكل مؤقت لعدة سنوات”.
وانخفض الطلب على الكهرباء فى المملكة المتحدة بنسبة 14% الشهر الماضى، فى حين انخفضت الأسعار بنسبة 40% في المتوسط، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
ورغم أن أسعار الطاقة المنخفضة تضر عادة منتجي الطاقة، إلا أن معظم مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فى المملكة المتحدة، محمية من تقلب أسعار السوق من خلال الإعانات أو اتفاقيات الاستحواذ التى تضمن وجود سعر محدد.
وقال الرئيس التنفيذى لشركة “نيكست إنرجى”، مايكل بونتى فريدهايم، أحد أكبر مالكى الطاقة الشمسية فى أوروبا والتي تمتلك 720 ميجاوات من الطاقة الشمسية العاملة في المملكة المتحدة و2000 ميجاوات أخرى قيد التطوير هناك: “انخفضت أسعار الطاقة بشكل كبير، ونحن نشهد هذه التأثيرات فى السوق”، مشيراً إلى أن إيرادات “نيكست إنرجي” ارتفعت في فصل الربيع بسبب الطقس المشمس، حيث يبيع معظم مزودى الطاقة الشمسية طاقتهم من خلال عقود مدعومة.
ومع ذلك، تسبب الإغلاق الناجم عن “كوفيد-19” فى تحديات لوجستية لمشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية الجديدة فى المملكة المتحدة، حيث شهدت البلاد تأخيرات فى عمليات البناء والموافقات، مع ظهور تحديات أخرى فى سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف التمويل.
وقالت رئيسة جمعية الطاقة المتجددة، نينا سكوروبسكا، إن هذا التحدى كان غير مسبوق فى الاقتصاد وقطاع الطاقة، معتقدة أن الطاقة المتجددة صمدت بشكل جيد.