واصلت أوروبا طريق العودة إلى الحياة الطبيعية حيث خففت مجموعة من الدول في القارة من قيود الإغلاق لاحتواء تفشي فيروس كورونا الجديد أمس الأثنين وسط تباطؤ في الإصابات الجديدة.
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، تم الإبلاغ عن أكثر من 1.89 مليون حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا وحوالي 167200 حالة وفاة حتى الآن في 54 دولة في المنطقة الأوروبية.
وفي الوقت نفسه، اقترحت فرنسا وألمانيا بشكل مشترك صندوقا غير مسبوق للانتعاش بقيمة 500 مليار يورو (546 مليار دولار أمريكي) لمساعدة الاقتصادات والمناطق الأوروبية المتضررة من الفيروس.
أكبر خطوة في إيطاليا
واتخذت إيطاليا، إحدى الدول الأوروبية الأكثر تضررا، أكبر خطواتها نحو إعادة فتح اقتصادها بعد ما يقرب من عشرة أسابيع من الإغلاق الوطني.
واعتبارا من يوم الاثنين، سُمح بإعادة فتح المحلات التجارية والمطاعم والحانات وصالونات الحلاقة والتجميل والمتاحف وشواطئ البحر مع احترام قواعد التباعد الاجتماعي وتطهير المرافق. وسُمح للإيطاليين أيضا بالتنقل داخل المناطق التي يعيشون فيها.
وكانت إيطاليا أول دولة تطبق إغلاقا وطنيا بدءا من 10 مارس.
وبعد أكثر من شهرين، تسير البيانات الخاصة بالإصابات والوفيات الجديدة وعدد المرضى في وحدات العناية المركزة في الاتجاه الصحيح.
وأبلغت البلاد عن 99 حالة وفاة بفيروس كورونا الجديد يوم الاثنين، وهي المرة الأولى التي تقل فيها الخسائر اليومية عن الرقم 100 منذ 10 مارس. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حالات التعافي 2150 حالة عن اليوم السابق، ليصل المجموع إلى 127326. وسجلت البلاد الآن ما مجموعه 225886 حالة إصابة و32007 حالات وفاة.
وأكدت السلطات الصحية في إسبانيا، وهي دولة أخرى من بين الدول الأكثر تضررا في أوروبا، يوم الاثنين، المزيد من التراجع في عدد الإصابات والوفيات الجديدة. وخلال 24 ساعة حتى منتصف ليل الأحد، توفي 59 شخصا بسبب الفيروس التاجي، وهي المرة الثانية في يومين التي يقل فيها عدد الوفيات اليومي عن 100. وبلغ عدد الإصابات الجديدة في ذلك اليوم 285 منخفضا من 421 عن اليوم السابق.
وتأتي الأرقام المتراجعة بينما تواصل البلاد تقدمها نحو تخفيف قيود الإغلاق. وفي يوم الاثنين، انتقلت أربع جزر إلى المرحلة الثالثة من خطة الحكومة الإسبانية المكونة من أربع مراحل لدفع البلاد تدريجا إلى “الوضع الطبيعي الجديد”.
وانتقلت جزر لا غوميرا وإل هييرو ولا غراسيوزا في مجموعة جزر الكناري قبالة الساحل الغربي لأفريقيا، وفورمينتيرا في جزر البليار إلى ما يعرف بـ “المرحلة الثانية” من تخفيف القيود.
المزيد من التخفيف في أماكن أخرى
وبدأت البرتغال يوم الاثنين المرحلة الثانية من رفع قيود فيروس كورونا الجديد بفتح العديد من الخدمات والشركات، غير أن قواعد النظافة وقيود التباعد الاجتماعي وتقليل السعات لا تزال سارية.
ويمكن الآن إعادة فتح المقاهي والمطاعم (التي تحتوي أيضا على تراسات خارجية) والمتاحف والمحلات التجارية التي تصل مساحتها إلى 400 متر مربع بعد أسابيع من الإغلاق.
وتعافى حوالي 6430 مريضا في البرتغال بزيادة 1794 حالة في الساعات الـ24 الماضية.
وقال وزير الدولة البرتغالي للصحة انطونيو لاسيردا ساليس “في الوقت الحالي، 22% من الحالات المؤكدة استردوا عافيتهم. إنها أكبر زيادة في عدد حالات التعافي”.
وفي اليونان بدأت المرحلة الثالثة من تخفيف القيود وفتحت مراكز التسوق والمنافذ والشركات التي تقدم خدمات الحمية والعناية بالجسم يوم الاثنين.
كما أعيد فتح المواقع الأثرية وحدائق الحيوان والحدائق النباتية وفق قواعد صارمة. وفي الوقت نفسه، تم السماح بالسفر بين المناطق المختلفة، وكذلك السفر من وإلى جزيرتي كريت وإيفيا.
ودخلت بلجيكا يوم الاثنين المرحلة الثانية من رفع الإغلاق مع إعادة فتح بعض الصفوف في المدارس في ظل ظروف تنظيمية صارمة.
وقد أعيد فتح المتاحف والمكتبات والبنى التحتية ذات الأهمية الثقافية مثل المباني التاريخية أيضا مع تدابير التباعد الجسدي وارتداء القناع.
وتم السماح لصالونات التجميل وتصفيف الشعر بإعادة التشغيل أيضا في ظل شروط معينة، بما في ذلك تحديد المواعيد وارتداء الأقنعة واحترام المسافات بين العملاء.
صندوق انتعاش غير مسبوق
ومن أجل دعم الاقتصاد الذي دمره الفيروس، اقترحت فرنسا وألمانيا يوم الاثنين أن تقوم المفوضية الأوروبية بالاقتراض من أسواق رأس المال باسم الاتحاد الأوروبي وإنشاء صندوق للتعافي بقيمة 500 مليار يورو.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك عبر الفيديو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إنها المرة الأولى التي تتفق فيها فرنسا وألمانيا على السماح للاتحاد الأوروبي بجمع الديون بشكل مشترك، واصفا الاقتراح بأنه “خطوة كبيرة إلى الأمام”.
ويُنظر إلى الاقتراح على أنه غير مسبوق في ضوء اعتراض ألمانيا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي الغنية الأخرى على مفهوم الاقتراض الجماعي.
وقال البلدان في بيان مشترك إن الصندوق سيضم 500 مليار يورو في موازنة الاتحاد الأوروبي للانفاق على القطاعات والمناطق الأكثر تضررا على أساس برامج ميزانية الاتحاد الأوروبي وتمشيا مع الأولويات الأوروبية.
وقال البيان إن هذا الصندوق من شأنه أن “يعزز مرونة وتقارب وتنافسية الاقتصادات الأوروبية وزيادة الاستثمار خاصة في التحولات البيئية والرقمية وفي البحث والابتكار”.
وقال ماكرون إن الـ500 مليار يورو “سيتم تخصيصها لقطاعات ليست تكنولوجية فقط. إنها استجابة اقتصادية قوية ستساعد في محاربة البطالة في أكثر المناطق ضعفا”.
وقالت ميركل “لن تكون قروضا، بل نفقات في الميزانية ستنسب إلى القطاعات والمناطق الأكثر تضررا. نحن مقتنعون بأن هذا الإجراء مبرر”.
وستقدم المفوضية الأوروبية تفاصيل برنامج التعافي الاقتصادي في بروكسل في 27 مايو. لكن لا يزال يتعين على باريس وبرلين إقناع دول أعضاء أخرى مثل هولندا والدول الاسكندنافية على وجه الخصوص.