قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن مصر تأثرت كسائر دول العالم من انتشار فيروس كورونا المستجد، ولكن دائما يكمن بداخل التحديات فرص يمكن استغلالها مشيرةإلى وجود عدد من القطاعات يمكن الاعتماد لتوافر قدرة من المرونة على تحمل الأزمة والتعافى السريع، ومنها قطاع الزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وصناعة الأدوية والمنتجات الكيماوية، والتشييد والبناء”، وهي قطاعات يمكن أن يرتكز عليها النمو الاقتصادي.
وأوضحت السعيد في لقائها اليوم بأعضاء غرفة التجارة الأمريكية عبرالفيديو كونفرانس -أن الاقتصاد العالمي تأثر بفعل انتشار فيروس كورونا ،مشيرة إلى أن الأزمة ستؤدي إلى فقد من 25 إلى 30 مليون وظيفة، بجانب انخفاض شديد في حركة التجارة العالمية، مع انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي، لافتة إلى توقعات صندوق النقد الدولي بأن العالم كله سيحقق معدلات نمو سالبة.
وأوضحت أن أزمة الكساد الكبير والأزمة المالية العالمية أثرت على الاقتصاد العالمي بنسبة تراجع تراوحت بين 4.9% إلى 5% ، في حين أن توقعات المؤسسات المالية العالمية أن يكون تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي تراجعًا بنحو 7%.
وأضافت وزيرة التخطيط أن أغلب المؤسسات العالمية أجمعت على أن الأزمة الحالية هي أشد من الأزمات الاقتصادية السابقة نظرًا للعديد من الأسباب منها؛ أنها أثرت فى جانبي العرض والطلب معًا مع تأثر سلاسل القيمة العالمية، وتوقف نشاط التصنيع في العديد من الدول، وتراجع مستوى الأجور، وتزايد حالات الخوف، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة وتراجع ثقة المستهلكين، هذا بالإضافة إلى أن الأزمة أثرت في جميع القطاعات في آن واحد.
وأوضحت أن الاقتصاد العالمي يواجه خسائر في النمو لا تقل عن 5.5 تريليون دولار.
وفيما يتعلق بموقف الاقتصاد المصري من الأزمة أوضحت السعيد أن مصر لديها شيئان ايجابيان في هذه الفترة أولهما نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت مصر في تنفيذه عام 2016، وما تم تنفيذه من إصلاحات هيكلية، وهو ما أعطى مصر قدرة على المناورة بما أنعكس على المؤشرات الاقتصادية على مستوى كل القطاعات قبل ظهور أزمة فيروس كورونا، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 5.6% وانخفض معدل البطالة إلى 7.7% وتراجع متوسط معدل التضخم خلال الفترة من يوليو 2019 إلى مارس 2010 إلى 5%، وانخفض عجز الميزان التجاري غير البترولي بنسبة 24%، وارتفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 19% خلال النصف الاول من العام المالي الجاري ، كما ارتفعت تحويلات العاملين بنسبة 13%، وغيرها من المؤشرات المالية والنقدية الإيجابية، مشيرة إلى أن هذا ما ساعدنا في التصدي لهذه الأزمة، ومساندة القطاعات التي تأثرت، والشيء الايجابي الثاني هو تنوع الاقتصاد المصري وبالتالي عندما يحدث غلق جزئي أو كلي لبعض القطاعات فهناك قطاعات أخرى لديها قدر من المرونة وقادرة على العمل بشكل جيد خلال هذه الأزمة.
وحول توقعات المؤسسات الدولية لأداء نمو الاقتصاد المصري؛ أوضحت السعيد أن البنك الدولي أشار إلى أن مصر تعد الأفضل أداءً بمؤشر القدرات الإحصائية بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يصدر عن البنك ويقيس جودة البيانات وإمكانية الوصول إليها، وهي الدولة الوحيدة التي من المتوقع أن تحقق معدلات نمو موجبة بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين اقتصادات المنطقة، كما أشار صندوق النقد الدولي إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تحافظ على النمو الاقتصادي.
وحول الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية لمواجهة أزمة فيروس كورونا لفتت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى ما قام به البنك المركزي من سياسات مالية، ونقدية بتخفيض سعر الفائدة 3%، وإعادة جدولة مستحقات الشركات المتعثرة، وجهود الحكومة في مساعدة القطاعات والفئات التي تضررت من الأزمة، لافتة إلى صدور العديد من القرارات في هذا الشأن ومنها تأجيل كل المستحقات السيادية لمدة ثلاثة أشهر، وتجديدها ثلاثة أشهر أخرى.
وأوضحت أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري نموا بمعدل 3.5%خلال العام المالي 2021/20 في حال انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا بنهاية العام المالي الحالي 2019/2020، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تمتد آثارها إلى الربع الأول من العام المالي 2021/2020 أو النصف الأول بأكمله، ولكن في حال استمرار الأزمة حتى ديسمبر 2020، فمن المتوقع أن ينخفض معدل النمو المستهدف إلى 2%.
وقالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن خطة العام المالى 20/2021 خرجت عن النهج التقليدي المتبع فى إعداد الخطط السنوية؛ وذلك فى إطار أزمة فيروس كورونا العالـمية؛ مشيرًة إلى أن هناك اتفاقًا عامًا على أن خطة 20/2021 هي خطة استثنائية تختلف عن سواها في توجّهاتها ومُستهدفاتها وأولويّاتها، فهى تستهدف الحفاظ على حياة الـمواطن الـمصري، وتوفير الرعاية الصحية الـمُناسبة والظروف الـمعيشية الـملائمة، والتي تُمكّنه من العودة لـمُمارسة حياته الطبيعية في أسرع وقت وبأقل الأضرار الـمُمكنة.
وأشارت السعيد إلى أن خطة عام 20/2021 يبلغ حجم الاستثمارات الكلية نحو 740 مليار جنيه مشيرة إلى أنه من المتوقع انخفاض حجم الاستثمارات الخاصة مما سيؤثر بدوره على حجم الاستثمارات الكلية تأثرًا بأزمة فيروس كورونا، وفي حال استمرار الأزمة حتى منتصف العام المالي القادم (2021/20)، من المتوقع انخفاض الاستثمارات بحوالي 30%.
وأضافت السعيد أنه من المخطط زيادة الاستثمارات الحكومية من 211 مليار جنيه في عام 2020/2019 إلى 280.7 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 33%، كما ترتفع الاستثمارات الممولة من خزانة وقروض من 140 مليار جنيه إلى 225 مليار جنيه بزيادة قدرها 61%.
وأشارت إلى زيادة الاستثمارات بقطاع التعليم قبل الجامعي بنحو 35% لربط التعليم الفني بسوق العمل والعمل على خفض كثافة الفضول إلى 27.5 الف فصل جديد ومضاعفة الاستثمارات فى مجال التعليم العالي إلى 24 مليار جنيه و21 مليارجنيه بقطاع الرعاية الصحية.
ونوهت إلى إنشاء صندوق للرعاية الصحية ضمن صناديق”صندوق مصر السيادي يبلغ حجم الصندوق المستهدف 300 مليون دولار أمريكي كمرحلة أولية ويهدف الى تعظيم قيمة الاصول على المدى الطويل من خلال الاستفادة من فرص الاستثمار المباشر في مصر، كما سيعمل كمحفز لجذب استثمارات اجنبية مباشرة كبيرة وكذلك خلق فرص الاستثمار المشترك في مشاريع اخرى ضخمة.
وأكدت على أن الاستثمار في الرعاية الصحية هو من أولويات الحكومة المصرية في هذا الوقت الذي يواجه فيه العالم أزمة فيروس كورونا المستجد، كما أن الاهتمام بصحة المواطن المصري هو جزء رئيسى من رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، مؤكدة على أن إنشاء صندوق متخصص للاستثمار في خدمات الرعاية الصحية المتنوعة؛ يعكس دور صندوق مصر السيادي في الإسراع في جذب الاستثمارات إلى أصول الدولة بهدف تعظيم قيمتها، مع زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.
وأوضحت أن أزمة انتشار فيروس كورونا ستغير من شكل الاقتصاد العالمي حيث ستغلق كل دولة على نفسها لتنمية الاقتصاد الداخلي والاعتماد على الذات ،كما سيكون لقطاع الغذاء و الرعاية الصحية الأولية.