
تتأخر بعض أفقر الدول المنتجة للبترول في تسديد مدفوعات بمليارات الدولارت في قروض النقدية مقابل البترول من شركات تداول السلع، ما يعرضهم لمخاطر التخلف عن السداد.
وقالت وكالة أنباء “بلومبرج” إن الاتفاقات المعروفة بالدفع المسبق، التي تقدم بموجبها شركات تداول البترول الأموال مقدما مقابل الشحنات البترولية المستقبلية، شائعة بين بعض الدول في أفريقيا والشرق الأوسط، ولكنها مثيرة للجدل لأنها في بعض الحالات تخلق مصدرا غامضا للديون التي تجد الحكومة صعوبة في سدادها عندما تتراجع أسعار البترول.
وتكافح كردستان العراق حاليا لسداد قرض بقيمة 500 مليون دولار من عملاقة تداول السلع “جلينكور”، وفقا لوثائق اطلعت عليها “بلومبرج”، كما تخوض “جلينكور” ومنافستها “ترافيجورا” مفاوضات لإعادة هيكلة قروض نقدية مقابل بترول بقيمة 1.5 مليار دولار مع جمهورية الكونجو، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
أما تشاد، واحدة من أفقر الدول في العالم، فتستخدم بند في عقود النقدية مقابل البترول الخاصة بها التي تزيد قيمتها على مليار دولار لتقليل المدفوعات.
وقالت منظمة الشاهد العالمي، وهي منظمة غير حكومية، إن هذه القروض بمثابة “مضاربة على أسعار البترول المستقبلية”، وحذرت الدول من أنها قد تتحول إلى “مسئولية لا نهائية للحكومات والأجيال المقبلة”.
وذكرت “بلومبرج” أنه بالنظر إلى أن هذه القروض تسدد بشحنات من البترول، فإنه عندما تتراجع أسعار البترول تحتاج الدول تقديم المزيد من براميل البترول للحفاظ على المدفوعات، وفي سيناريو الحالة الأسوأ، مثلما حدث في 2016 في تشاد، قد يعني ذلك تسخير إجمالي الناتج البترولي للدولة لإعادة سداد القروض.
ورغم أن شركات تداول السلع تنتعش مع تفلبات الأسعار وليس من ارتفاع الأسعار أو انخفاضها لفترات طويلة نسبيا، فإنهم أيضا معرضون لمخاطر تراجع أسعار السلع بسبب هذه القروض، ففي معظم الحالات يخففون عبء المخاطر من خلال إشراك البنوك في هذه القروض وشراء تأمين الائتمان وفي بعض الأحيان بيع أوراق مالية للمؤسسات الاستثمارية مثل صناديق المعاشات، وهو ما يعني انتشار الخسائر عبر النظام المالي إذا أعيد هيكلة هذه الصفقات.
ورفضت “جلينكور” و”ترافيجورا” التعليق على الأمر، كما لم يستجب ممثل وزارة البترول الكردية لطلبات التعليق، ورفضت حكومة جمهورية الكونجو التعليق كذلك.
وفي حالة كردستان، يثتوقع المستثمرون العالميون بما في ذلك صنايق التحوط خسائر محتملة بعد شرائها أوراق مالية لأجل 5 سنوات بقيمة 500 مليون دولار مرتبطة بهذه القروض، وقالت “جلينكور” لحاملي الأوراق المالية إنها سوف تقدم “اقتراح رسمي” لإعادة هيكلة الصفقة، وفقا لإخطار نشر على بورصة جزر الكايمان.
وقالت تشاد لصندوق النقد الدولي إنها تخطط لسداد قرض بترول قيمته أكثر من مليار دولار من تحالف بقيادة “جلينكور” بوتيرة أبطأ من المتوقع باستخدام بند في العقد يسمح لها بتقليل المدفوعات عندما تتراجع الأسعار دون 42 دولاراً للبرميل، ويتداول خام برنت في الوقت حالي حول 35 دولاراً للبرميل.
وتحاول جمهورية الكونجو إعادة هيكلة قروض النقدية مقابل البترول منذ عام تقريبا وتوصلت إلى اتفاق مبدئي في نهاية 2019 قبل أن يؤدي تفشي الفيروس إلى فشله، وتخوض الدولة محادثات جديدة حاليا مع “ترافيجورا”، و”جلينكور”.