تقديرات بوصول فائض المخزون إلى مليار برميل خلال النصف الأول
بعد أن ساعدت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أسواق البترول العالمية على التعافي من أزمة فيروس كورونا المميت، ثمة تحد جديد ينتظر المنظمة قريباً، وهو أكوام البترول الخام غير المرغوب فيه، والتى تراكمت خلال فترة تفشى الوباء.
وعندما تجتمع “أوبك” وشركائها تحالف “أوبك بلس” خلال أسبوع ينبغى أن يكون التكدس غير المسبوق لمخزونات البترول قد انتهى، بعد أن ساهم اتخاذ الكارتل خطوات فعلية لتخفيض الإنتاج بشكل كبير، بجانب انتعاش الطلب، في إعادة السوق إلى حالة التوازن.
وتعتقد مجموعة من المحللين والاستشاريين أنه بحلول ذلك الوقت سيكون أكثر من مليار برميل من البترول الخام، تدفق في صهاريج التخزين في العالم، وبالتالي سيكون حرق هذا الفائض – الذي سيكون المحرك الرئيسى لأسعار البترول الخام- هو العائق الكبير التالى بالنسبة لأوبك.
وقال رئيس استراتيجية أسواق السلع في بنك “بي إن بي باريبا”، هاري تشيلنجيريان: “حتى مع وجود وجهة نظر محافظة، تفترض انتعاش الطلب والتزام أوبك بالتخفيضات الأعمق، سيستغرق الأمر حتى منتصف العام المقبل لعكس تكوين المخزون”.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن تقديرات حجم الفائض تتفاوت، نظراً لحالة عدم اليقين المتعلقة بمدى الضرر الذى لحق باستهلاك الوقود خلال الربع السنوى الراهن، عندما أدت عمليات الإغلاق، التي تهدف إلى احتواء تفشي الفيروس، إلى انخفاض كبير فى السفر جواً وبراً، وعرقلة الأنشطة الاقتصادية حول العالم.
ورغم المخاوف التي تدور حول إمكانية تجاوز الفائض لسعة التخزين المتاحة، إلا أن كمية البترول المتراكمة لاتزال كبيرة.
كثير من البترول
تعتقد شركة “ريستارد إنرجي”، أن المعروض العالمي تجاوز الطلب في النصف الأول من العام الحالي بمتوسط يبلغ نحو 5.5 مليون برميل يومياً، مما يتسبب فى تضخم المخزون بمقدار يقل عن مليار برميل، في حين قدرت مجموعة “سيتى جروب”، أن يسجل هذا المتوسط قيمة أعلى.
وإذا انخفضت مخزونات الدول الصناعية، التى تمثل 50% تقريباً من استهلاك البترول العالمي، بمقدار نصف مليار برميل، فإن المخزونات هناك ستتجاوز بسهولة الرقم القياسي البالغ 3.13 مليار برميل الذى تم الوصول إليه في عام 2016، وفقاً لحسابات “بلومبرج” باستخدام بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وقال رئيس إدارة أبحاث السلع فى شركة “سيتي جروب”، إد مورس، إن العامل الأكثر أهمية وراء الانتعاش في أسواق البترول ليس المستوى العام للمخزون، بل مدى سرعة تغيره.
وخلال فترة الركود السابقة في 1998-1999، ترسخ انتعاش الأسعار بمجرد أن بدأت الزيادة فى المخزونات فى التباطؤ.
وأشار مورس، إلى أن معدل تشييد أو تحديد المخزونات أكثر أهمية بكثير من مستوى المخزونات، حيث تعتمد هذه الوتيرة على قوة الانتعاش فى الطلب، سواء بقيت أوبك وحلفائها على المسار بشأن قيود الإنتاج، ومدى سرعة التعافى خارج الكارتل مثل إنتاج الولايات المتحدة.
لحظة اتخاذ القرار
يعتزم تحالف “أوبك بلس”، الذى يضم 23 دولة، بقيادة السعودية وروسيا، في اجتماعه المقرر فى يومى 9 و10 يونيو الجارى، اتخاذ قرار حول ما إذا كان سيستمر فى تخفيضاته الحالية- التي تبلغ الآن نحو 11 مليون برميل يومياً أو نحو 11% من الإمدادات العالمية- أو تخفيفها في يوليو كما كان متوقعاً فى الأساس.
وترغب موسكو في تخفيف القيود كما هو مقرر، ولكن “أوبك بلس” قد تحافظ على تضييق الخناق على إمداداتها، نظراً لأنها غالباً ما كانت تحافظ على استقرار المخزونات عند متوسط المستويات المستهدفة.
وإذا ظل الكارتل منضبطاً وتسارع استخدام الوقود، فإن زيادة المخزون القياسية المسجلة في النصف الأول من عام 2020 سيتم استنزافها فى النصف الثانى، وفقاً لما توقعه مورس.
وسيعيد ذلك الأمر، المقياس الأكثر أهمية للمخزون وهو التغطية المستقبلية – عدد أيام الاستهلاك المتوقع الذي يمكن أن يقابله إلى مستويات ما قبل الأزمة في أواخر الخريف، حيث يقف هذا المقياس عند 51.8 يوم هذا الشهر، ويجب أن ينحسر إلى 36.3 يوم فى نوفمبر، بما يتماشى تقريباً مع مستويات يناير، وفقاً لمجموعة “سيتي جروب”.
وقدرت شركة “كايروس ساس”، وهى شركة تستخدم صور الأقمار الصناعية لقياس تدفقات البترول، ارتفاع المخزونات بنحو 500 مليون برميل حتى أواخر مايو الماضى، وهو أقل بكثير من توقعات البنوك.
وربما لم ينخفض الطلب على البترول في الصين بقدر ما كان يعتقد خلال ذروة تفشى الوباء، حيث استفادت المصافى من أسعار البترول الخام الرخيصة لشراء المزيد من المنتجات.
وقال تشيلنجيريان، من بنك “بى إن بي باريبا”: “تم وضع جزء من هذا البترول في المخزون الاستراتيجي وسيبقى خارج السوق لفترة طويلة”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة والصين والهند تصدرت احتياطيات الطوارئ.
ومع ذلك، هناك أيضاً عدد من المخاطر التي يمكن أن تعرقل العملية، فالموجة الثانية من عدوى فيروس كورونا قد تؤدى إلى عرقلة الانتعاش الوليد فى الطلب على البترول، ويمكن أن يتعافى إنتاج البترول الصخري الأمريكي مرة أخرى، أو ربما تتسبب الأسعار المرتفعة في إغراء دول “أوبك بلس” لزيادة المبيعات مرة أخرى.
وقال رئيس أسواق البترول في شركة “ريستاد إنرجى”، بيورنار تونهاوجين، إن هناك ما يبرر توخى الحذر، فانتعاش أسعار البترول ووصولها مرة أخرى إلى المستويات طبيعية التي تتراوح بين 50 و60 دولاراً سيستغرق وقتاً ويمكن تحقيقه فقط من خلال التعافي المتزامن في الطلب وإدارة الإنتاج.