في البداية أود أن أوضح أن كل ما أكتبه أو أعلق عليه حول أسعار علاج كورونا بالمستشفيات الخاصة لا يمثل غرفة مقدمي الخدمات الصحية باتحاد الصناعات ولا أي مستشفي خاص، فقط أمثل رأيي المتواضع كأحد خبراء الصحة في مصر.
وأحب أن أوضح أيضا أن كل ما أدعو له في تلك الظروف الطارئة هو ضرورة الوصول مع جميع مقدمي الخدمة Healthcare Providers (القطاع الخاص و الأهلي والحكومي المقدم للخدمة بسعر مدعوم ) إلي السعر العادل للخدمة Fair price وهذا مبدأ اقتصادي متفق عليه.
أساس المناقشة التي أريدها تقتصر على دعوة العقلاء والخبراء لأبداء الرأي لمصلحة المجتمع المصري، والدعوة للحوار بين أصحاب المصلحة Stakeholders هو أساس ما إنادي به، وأنادي أيضا باستخدام التكنولوجي والرقمنة والتطبيقات الصحية للهواتف المحمولة كاحد اهم الأدوات لإيجاد حلول سريعة و فعالة.
وللتوضيح لا يحق للقطاع الخاص أن يتفقوا معا لتسعير أي خدمة لأن ذلك مخالف لقانون منع الاحتكار Ani-trust law وحماية المنافسة.
دعونا نكسر الأرقام Crunching the numbers لنوضح الصورة بطريقة سهلة ، وفق ما أعلنته وزارة الصحة ، فإن الاسرة المخصصة لعلاج الكوفيد هي 30 الف سرير و دورة أستخدم المريض للسرير هي 5 أيام وفق أحدث توصية عالمية للعالج ( يومين اقل تقدير للإقامة و 14 يوم أعلي تقدير) و بالتالي فإن القدرة الاستيعابية شهريا هي 62 الف إلي 180 الف مريض.
إجمالي عدد الإصابات حتي تاريخه 28615 ألف مصاب ولهذا فإن نسب الإشغال تتراوح بين 45% في حدها الأقصي ونسبة 16% في حالة الإلتزام بعدد 5 أيام علاج بالمستشفي، ولهذا فإن عدم وجود سرير لمن يطلب هي معلومة تحتاج إلي تفسير.
الدولة مشكورة أدت أداء رائع وعند ارتفاع الأعداد وجب استخدام تطبيقات حديثة health App مثل اوبر ليطابق بين المرضي وبين الاسرة بكل مدينة في مصر ومن ثم يتم توفير وسيلة لنقل كل هؤلاء حتي لو تم نقلهم بالطائرات.
إن عدم وجود وسيلة علنية آلية دقيقة تطابق Matching متطلبات المرضي مع الأسرة المتاحة هو أمر واجب التعامل معه بحرفية وهو مطلب آني يجب تنفيذة بأسرع وقت.
يمكننا تقسيم المستشفيات الخاصة الي ثلاث توجهات، المستشفيات ذات الصبغة الدقيقة و التي تقدم خدمات حساسة جدا مثل أقسام للقلب المفتوح و نقل الكبد والكلي ولا يمكن لهم قبول حالات مصابة بالكورونا بتلك المستشفيات.
الجزء الثاني هي المستشفيات المتخصصة مثل مستشفيات العيون و المسالك و مراكز القلب والنساء والتوليد وعلاج العقم وكلها لا تصلح وغير مجهزة ولا يمكن لها أن تقدم خدمة الكورونا.
والجزء الثالث هي المستشفيات العامة و التي تقدم خدمات أساسية بسيطة غير متخصصة و التي يغلب عليها تخصص جراحات اليوم الواحد و العناية المركزة وهي الوحيدة القادرة علي التعامل مع مرض الكوفيد بشرط تحولها كاملآ لتقديم خدمة علاج مصابي الكورونا لتفادي إصابة باقي المترددين وتعتذر عن عدم قبول حالات مرضية اخري.
وبالتالي فإن أي قرار لعلاج مرض الكوفيد من قبل تلك المؤسسات يجب أن يسبقة الكثير من القرارات منها مثلا توفير كميات كافية من الدواء والمطهرات والأدوية الاخري المساعدة و المسحات وفق الأسعار الرسمية المعلنة أو توفيرها بالمجان لغير القادرين وكذلك التعاقد مع الدولة علي تحمل نفقة علاج غير القادرين بتلك المؤسسات.
أخيرا قدرة القطاع الخاص من حيث العدد محدودة للغاية ولن يستطيع تقديم خدمة متكاملة إلا لعدد محدود من المصابين ونتمني أن يظل تركيزة مركزآ في علاج حالات الغير كوفيد حتي لا تنفجر فينا تلك الأمراض.
حتي لو استخدمنا الأسعار المعلنة و التي يتراوح قيمتها وفق درجة جودة المستشفي، من 1500 الي 10 آلاف جنيه في اليوم، من هو المواطن العادي القادر علي دفع هذ ة المبالغ يوميا بدون أن تساعدة الدولة .
لقد نجحت الدولة بإمتياز في كل المبادرات الصحية السابقة و تركت بالفعل أثر إيجابي علي صحة المصرين و لهذا فأني أقترح تخصيص 10 مليار جنيه منها لعلاج 200 الف مريض بتكلفة 10 آلاف جنيه لمدة 5 أيام للفرد والدولة جاهزة إداريآ لتنفيذ تلك المنظومة، ويتم صرف هذا المبلغ من خلال الدولة لعلاج المواطن الغير قادر بأي مكان خاص او عام او اهلي.
أخيرا أحب أن أوضح بعض الحقائق الهامة والتي تتعلق بمبادئ أساسية للحوكمة في مثل تلك الأمور:
أولا: قرار تقديم مساعدة مالية مباشرة للمواطن ( من خلال دعم الخدمات ) هو قرار الجمعيات العمومية الغير عادية وليس لة أي علاقة بمديري المستشفيات الخاصة ومجالس إدارتها.
ثانيا: أموال المؤسسات الخاصة هي اموال خاصة لكل حامل من حاملي الأسهم و بالتالي فهذا قراره الشخصي، لانه من سيتحمل التكلفة من خلال رفع راس المال لتحمل نقص السيولة الضخم الناتج عن هذا القرار.
ثالثا: الكل يعلم أن الشركات الخاصة تدفع سنويا مبلغ مستقطع من إجمالي الدخل تبرعا لصالح الدولة وفق القانون (CSR) غير الضرائب السنوية.
وأخيرا دعونا و بطريقة علمية نعمل على احتواء التكلفة وتخفيض المكون السعري لكل الخدمات الصحية عامآ بما فيها خدمات الكوفيد – 19 ربنا يحفظ بلدنا وشعبنا العظيم.
بقلم: أ.د خالد سمير
خبير الرعاية الصحية والاستثمار الصحي