فى أغلب العالم الغني تقترب المرحلة الأولى، على الأقل، من فيروس كورونا من النهاية.
ومع تراجع أعداد الإصابات وتخفيف تدابير الإغلاق تدخل العديد من الحكومات مرحلة جديدة وهي بداية التخطيط لإعادة تشكيل السياسة الاقتصادية ودعم التعافي، ومع ذلك لايزال التخطيط الدولى المنسق طويل الأجل غائباً بشكل ملحوظ.
وإذا لم يتغير ذلك، فستكون الضحية الأكبر هي الدول الفقيرة التي تواجه ندوب عميقة من الأزمة.
ولم ينته الفيروس بأي شكل من الأشكال، إذ يضر حالياً العديد من الأسواق الناشئة بقوة أكبر من الاقتصادات المتقدمة.
ولدى البرازيل أعلى معدل وفيات، كما يرتفع معدل الوفيات في الدول متوسطة الدخل كثيفة السكان ومنها المكسيك والهند وروسيا.
حتى رغم تراجع أعداد الإصابات في أوروبا والولايات المتحدة، لايزال معدل النمو في عدد الحالات حول العالم في ازدياد مع وجود أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في مركز التفشي في الوقت الحالي ويشكلون تقريباً خمسي جميع الوفيات.
ولدى الأسواق الناشئة قدرة أقل على الاستجابة للفيروس بسبب الأنظمة الصحية الأكثر ضعفاً والاقتصادات التي تعتمد بشدة على السياحة أو التحويلات من الخارج، وجفت موارد العملة الصعبة تلك بجانب انهيار أسعار السلع، ما وضع ضغوطاً على الأنظمة المالية والموازنات الحكومية.
ويقدر البنك الدولي في تقرير نشر يوم الثلاثاء الماضي، أن اقتصاد أي دولة نامية عادية سيكون أصغر بنسبة 8% بعد 5 سنوات، مما كان ليكون عليه إذا لم يضرب الوباء، نتيجة الركود الذي يصاحبه أزمة مالية.
وبالنسبة للدول المصدرة للطاقة تصل نسبة الانكماش إلى 11%، ومما لا شك فيه أن مجهودات بث الاستقرار في النظام المالي الدولي ساعدت.
وقال صندوق النقد الدولى الأسبوع الماضى، إن الأسواق الناشئة تمكنت جزئياً من عكس التدفقات القياسية الأولية الخارجة لرؤوس الأموال، وقالت رئيس الصندوق، كريستالينا جورجيفا، في مؤتمر صحفي، إن الدول الناشئة جمعت 77 مليار دولار من أسواق السندات في مايو وأبريل لتعويض الـ100 مليار دولار التي هرب خلال مارس، كما أن برامج شراء البنوك المركزية للسندات وخطوط المبادلة للفيدرالي، شجعت المستثمرين على العودة إلى الأسواق الناشئة وخففت من حدة أزمة نقص الدولار.
والآن ينبغي أن يتحول التركيز من مكافحة آثار الفيروس إلى تقليل الآثار على المدى الطويل، وسيجعل وجود مصل، ومن المتوقع تطويره العام المقبل، الأمور أكثر سهولة، ولكن يتعين على الحكومات الاستعداد للأسوأ من اليوم.
وتعد دعوة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جوردن براون و225 قادة سابقين وحاليين واقتصاديين وخبراء صحة عالميين لعقد اجتماع طارئ لمجموعة الـ20، دعوة وجيهة، نظراً لوجود حاجة لنهج مشترك من كيان يتضمن كلاً من الدول الغنية والفقيرة، وكذلك هناك حاجة لتخفيف الديون وتعزيز الإنفاق على الاستثمارات الخضراء وزياة التمويل لصندوق النقد والبنك الدوليين.
وبعد 10 سنوات من حث رئيس الوزراء البريطاني حينها جوردن براون، مجموعة العشرين على أخذ الصدارة في محاربة الأزمة المالية العالمية، من غير الواضح إذا كانت المجموعة قادرة على نفس الأمر اليوم.
فقد ضعُفت تعددية الأطراف وتركز الدول بشكل فردي على معالجة أزماتها الاقتصادية المحلية، ولكن التحرك الحقيقي وذو المعني سيتطلب دعم الولايات المتحدة والصين في وقت تنحدر فيه العلاقات إلى أعمق قاع ويستخدم فيه القادة المواجهات القومية لصرف الانتباه عن الانتقادات الموجهة إليهم لتعاملهم مع أزمة الوباء.
ومع ذلك، لايزال هناك مجال لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن يلعبا دوراً مهماً في تقليص الضرر الاقتصادي العالمي إذا كان هناك دول كافية مستعدة لنقديم الدعم وزيادة التمويل.
وساعد التعاون الدولي حتى الآن بالفعل في تجنب أزمة مالية محتملة، والآن ينبغي أن يتكاتف لمنع حدوث أزمة اقتصادية.
بقلم: افتتاحية صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز