القارة تضم 7 من أصل 12 سوقا من أسواق السندات النامية الأعلى أداءً الربع الحالي
أفادت وكالة أنباء “بلومبرج” أن المستثمرين يتجهون إلى الأصول الأفريقية بشكل كثيف، كما لو أن جائحة فيروس كورونا المميت لم تحدث قط.
وحتى مع وجود تساؤلات حول مدى قدرة الحكومات في المنطقة على معالجة العواقب الاقتصادية والصحية لتفشي الوباء، كانت أسواق الأسهم والعملات والسندات في وضع يرثى له منذ بداية مايو على الأقل.
ويتطلع المستثمرون إلى تجاوز المخاطر، حيث تؤدي الحوافز غير المسبوقة التي تقدمها الحكومات والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم إلى انخفاض الدولار وإعادة تنشيط البحث عن العوائد.
وقال حسنين مالك، رئيس أبحاث استراتيجية الأسهم في شركة “تيليمر” ومقرها دبي: “لقد عدنا إلى المعركة الناشبة بين ضخ البنك المركزي للسيولة وتقديم الحكومات للدعم المالي في ظل عدم اليقين المتعلق بأي انتعاش”.
وأضاف مالك: “حتى عند الاحتشاد على الأسواق الأكثر ضعفا، يعد هذا مقياسا لمدى تقبل الرغبة في المخاطرة”.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج” أن هناك 7 من أصل 12 سوقا من أسواق السندات الأعلى أداء في الدول النامية في الربع السنوي الحالي،تقع في أفريقيا.
وتتضمن القائمة أنجولا، التي تقود الحزمة بعائد 74% مقارنة بمتوسط يبلغ 9.5% لدى نظرائها، وذلك رغم أنها تجري نقاشات لإعادة هيكلة بعضا من قروضها.
وتعافت العملات، مثل السيدي الغاني والكواشا الزامبي، من أدنى مستوياتها القياسية مقابل الدولار الأمريكي، كما هو الحال مع الراند الجنوب أفريقي، الذي لم يتفوق على مكاسبه البالغة 10% منذ بداية مايو الماضي سوى البيزو المكسيكي بين نظرائه في الأسواق الناشئة.
وانضمت أسواق الأسهم إلى قائمة المتعافين، حيث قاد المؤشر القياسي لجنوب أفريقيا المجموعة بقفزة تقدر بـ 44% من أدنى مستوى له في 19 مارس الماضي، في حين ارتفع مؤشر ناميبيا بنسبة 41% ونيجيريا بنسبة 14%، وانتعش مؤشر الأسهم الأفريقية التابع لمؤسسة “بنك ستاندرد” بنسبة 36%.
ويأتي هذا الانتعاش رغم الأدلة التي تشير إلى أن أسوأ الأمور المتعلقة بالوباء لم تأت بعد في أفريقيا.
فالقارة شهد عدد من اقتصاداتها تخفيف القيود الهادفة إلى منع انتشار الوباء.
وفي الوقت الذي تتبع فيه الدول الأفريقية نفس نهج نظرائها في الأسواق المتقدمة في معدلات الإصابة، تخيم حالة من عدم اليقين على مسار المرض في قارة لا تملك الموارد المالية المتاحة للدول الأكثر ثراءا لمواجهة الآثار الاقتصادية والطبية للوباء.
وأوضحت المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن حالات الإصابة بالوباء في القارة السمراء ارتفعت إلى أكثر من 163 ألف حالة، أي أقل من 3% من 6.6 مليون حالة على مستوى العالم، كما أنها تستحوذ على 1.2% من بين 390 ألف حالة وفاة.
وتعتبر جنوب أفريقيا البلد الأكثر تضررا في أفريقيا، حيث تجاوزت حالات الإصابة فيها حاجز الـ 40 ألف حالة، كما أن حالات الوفاة تجاوزت 800 حالة وفاة حتى صباح الجمعة الماضية.
وقال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين في مؤسسة “رينيسانس كابيتال” في لندن، إن الأسواق ترغب في رؤية أن عمليات الإغلاق تجدي نفعا في شرق آسيا وأوروبا وشمال شرق الولايات المتحدة، ولكنها تبدو على استعداد أيضا لتجاهل الحالات المتزايدة في الدول منخفضة الدخل، حيث ألغيت عمليات الإغلاق غير الفعالة.
وفي الوقت نفسه، يعتقد جاك نيل، الخبير الاقتصادي لدى شركة “NKC African Economics” ومقرها جنوب أفريقيا، أن فكرة انتعاش اللجوء إلى الأسواق قد تكون سابقة لأوانها، مع الأخذ في الاعتبار انعدام اليقين بشأن طبيعة وانتشار والوقاية المحتملة من كوفيد-19، مشيرا إلى أن عدم وضوح كيفية تأثير الوباء على الاقتصادات الفردية يجب أن يعطي المستثمرين وقفة للتفكير.
وأفاد أن الوباء يمكن أن يظل مشكلة خطيرة من المنظور الاجتماعي والاقتصادي لبعض الوقت، ولكن في الوقت الحالي من الصعب تحديد ذلك في ظل وجود معلومات محدودة”.
وأضاف نيل: “أشك في أن العديد من المستثمرين ينتظرون إشارات حول الكيفية التي ستؤثر بها الأزمة على المناطق الجغرافية المختلفة، بينما يستفيدون في الوقت نفسه من العائدات الأكثر جاذبية بكثير من تلك التي تقدمها الأصول الأقل مخاطرة”.
وتعتقد مؤسسة “بلومبرج إيكونوميكس” أن العديد من الاقتصادات الأفريقية في وضع يمكنها من المعاناة من ركود طويل الأجل، وليس انتعاش سريع، كنتيجة للتحفيز غير الكافي.
ومن المتوقع أن تشهد أكبر ستة اقتصادات أفريقية تراجع معدل الناتج المحلي الإجمالي بمتوسط قدره 4.5% هذا العام، مما يشير إلى أن الأسواق قد تدخل في مرحلة الشعور بآلالام بمجرد أن يبدأ الارتفاع الحالي في أخذ مجراه.
وقال مايكل نديريتو، مدير المخاطر لدى شركة “أيه زد أيه” ومقرها نيروبي: “لدينا نظرة مستقرة إلى إيجابية بالنسبة لمعظم العملات الأفريقية في الوقت الحالي، لكننا نشعر بالقلق من ارتفاع مستوى رغبة المستثمرين في الأسواق، مشيرا إلى أن المستثمرين في بعض الأسواق يبدو وكأنهم غير مدركين تقريبا المخاطر ويقومون بالشراء وكأن جائحة كورونا غير متواجدة”.