%17 نمواً فى الطلب على خام المنظمة بحلول 2025 وفقاً لـ”جولدمان ساكس”
بمجرد أن ينجو سوق البترول العالمي، من أزمة جائحة فيروس كورونا، ربما يواجه تغيراً مفاجئاً آخر وهو اعتماد أكبر على البترول الخام الخاص بمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”.
وخفضت أوبك وحلفاؤها تحالف “أوبك بلس” حالياً حصتها السوقية في محاولة لدعم أسعار البترول الخام، كما خفضت الإنتاج بمقدار ملايين البراميل في ظل تأثير الوباء على الطلب على الوقود.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن التحالف أمضى بالفعل الأعوام الـ3 الماضية في خسارة أحجام المبيعات، كتعويض عن وفرة البترول الناتجة عن إنتاج البترول الصخري الأمريكي المتنامي.
وقبل تفشي الوباء، توقع المتنبئون، أن مجموعة الدول المنتجة للبترول ستحتاج إلى خفض الإنتاج أكثر في السنوات القادمة.
لكن يبدو أن الاضطرابات الراهنة يمكن أن تمنح “أوبك” فرصة أخرى، فرغم أن انهيار أسعار البترول يعرقل الاستثمار في الإمدادات الجديدة حول العالم، بدءاً من المشاريع الضخمة للست الكبار وحتى أعمال التنقيب عن البترول الصخري الأمريكي، يرى بعض المحللين أن المنظمة تعيد إحياء مكانتها المحطمة.
إنها رسالة ينبغى للمنظمة التعامل معها بحذر، خصوصاً أن العقد الماضي شهد تحذيرات عديدة تدور حول تسبب انخفاض الاستثمار، الذي جاء عقب انهيار سوق البترول في 2014، في فجوة في المعروض لتملأها أوبك، لكن النقص لم يتحقق أبداً في ظل إثبات البترول الصخري الأمريكي صموده بشكل مدهش.
وبدلاً من ذلك، وجدت المنظمة- المنشأة منذ 60 عاماً بقيادة السعودية ومصدرين آخرين في الشرق الأوسط- نفسها في نهاية عام 2016 تشكل تحالفاً مع المنافسين السابقين، ومنها روسيا، لخفض الإنتاج.
والأسبوع الماضى، أكد تحالف “أوبك بلس”، الذي يضم 23 دولة، مرة أخرى أنه سيحافظ على تخفيضات الإنتاج حتى عام 2022، كما أن لجنة المراقبة التابعة للتحالف تعتزم الاجتماع مرة أخرى في 18 يونيو الحالي لإجراء مراجعة سوقية أخرى.
عرض متغير
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت التوقعات الأخيرة لفجوة المعروض ستثبت أنها لا أساس لها من الصحة، أو ما إذا كانت هذه المرة مختلفة حقاً، لكن المؤشرات الأولية تشير بالفعل إلى أن “أوبك” يمكن أن تظهر من جديد في وضع أقوى بعد جولة التخفيضات الحالية.
قبل انهيار الأسعار هذا العام، توقع مراقبو السوق تراجع الطلب على البترول الخام الخاص بالمنظمة مع استمرار منافسيها في النمو.
وفي توقعات سنوية نُشرت نوفمبر الماضي، تنبأت “أوبك” نفسها بانخفاض الطلب على البترول الخام بنسبة 7% بحلول عام 2023، بفعل الضغوط المستمرة من قبل كل من فيضان البترول الصخري الأمريكي والإمدادات الجديدة من جويانا والنرويج.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة عدم انتعاش الحجم المطلوب من “أوبك” إلى مستويات العام الماضي حتى عام 2024.
ولكن يبدو أن الصورة آخذة في التغير الآن، وتتوقع مؤسسة “جولدمان ساكس” للخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية ارتفاع الطلب على المنتجات البترولية لأوبك، بدلاً من ذلك، بنسبة 17% تقريباً بين عامي 2019 و2025، لتصل إلى 34 مليون برميل يومياً.
كما حولت مجموعتا “ريستاد إنرجي” الاستشارية ومقرها أوسلو، و”سيتي جروب” ، توقعاتهما لانخفاض الطلب إلى تقديرات للنمو.
وقال رئيس قسم أبحاث السلع في “سيتي جروب”، إد مورس: “لم يعد التهديد الكبير من نمو الإنتاج الأمريكي البالغ مليون برميل يومياً، المستمر بشكل سنوي إلى ما لا نهاية أو حتى عام 2025 على الأقل، موجوداً بالطريقة التي كان عليها”.
وأوضحت “بلومبرج”، أن انهيار الأسعار يقلب طموحات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هيمنة الطاقة الأمريكية.
فقد أظهرت البيانات الحكومية انخفاض إنتاج الخام الأمريكي بنسبة 15% خلال الشهرين الماضيين، إلى ما يزيد قليلاً على 11 مليون برميل يومياً.
وربما يكون الأسوأ قادم، في ظل انخفاض الإنفاق في قطاع البترول الصخري إلى النصف، وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة.
وبالنسبة إلى “جولدمان ساكس”، ثمة مشكلة أكبر من تباطؤ البترول الصخري وهي انخفاض الاستثمار السنوي في المشاريع طويلة الأجل- التي تدعم الإنتاج بشكل خاص من منافسي أوبك- بنسبة 60% خلال الـ5 أعوام الماضية، لتصل إلى 37 مليار دولار تقريباً، ولكن هذا الانخفاض سيتم الشعور به العام المقبل، مما يؤدي إلى توقف نمو المعروض خارج أوبك.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة، أن الركود الاقتصادي هذا العام يعمل فقط على تشديد الضغوط، مما يقلل إجمالي الاستثمار في قطاع البترول والغاز بنحو 250 مليار دولار أو بما يقرب من الثلث.
فقد أعلنت شركات البترول الكبرى، ومنها”بي بي” و”إكسون موبيل”، عن تخفيضات في الإنفاق الرأسمالي بمقدار مليارات الدولارات.
ومع ذلك، قال بير ماغنوس نيسفين، رئيس التحليل في شركة “ريستاد إنرجي”، إن تأجيل الاستثمارات في ظل الانكماش الاقتصادي مهد الطريق أمام نقص الإمدادات في السنوات المقبلة.
وفي ظل تلك البيئة، ربما تكون دول أوبك، وتتميز بها السعودية والإمارات بانخفاض كبير في تكاليف إنتاج وموارد هيدروكربونية ضخمة – في وضع أفضل للاستحواذ على حصتها السوقية.