تحجب آلاف القصص عن الدمار العالمى الناتج عن فيرس كورونا 3 عناوين من قارة أفريقيا لا ينقصها أنباء عن الوباء والكوارث سواء الطبيعية أو من صنع الإنسان، ولكن من بين الـ54 دولة التى تضمها القارة، هناك 6 دول من بين أسرع 10 اقتصادات نمواً فى العالم العام الجارى، كما أنها المكان المفضل لارتفاع قيم الأسهم بعد شرق أوروبا ولديها أحد أفضل القطاعات أداءً فى البورصة وهو الاتصالات.
ولا تعانى أفريقيا من حالات إصابة بفيروس كورونا بقدر المناطق الاخرى الكثيفة بالسكان، وحتى بعد ارتفاع الاختبارات 3 أضعاف إلى 1.2 مليون اختبار، قال مدير المراكز الأفريقية للوقاية والمكافحة من الأمراض، جون نكيجاسونج، إن نسبة الإصابة فى القارة منخفضة نسبياً.
وتتمتع أفريقيا بأعلى نسبة شباب فى العالم ودرجات حرارة أعلى والمزيد من الأشخاص خارج منازلهم نسبياً وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية يوم 28 أبريل.
ورغم أن جنوب أفريقيا تعد استثناء مع ارتفاع حالات وباء كورونا يوميا بنسب مشابهة لتلك فى الولايات المتحدة، فإن كينيا وإثيوبيا ونيجيريا على النقيض يمثلون النسبة المنخفضة للإصابات نسبةً إلى عدد سكانهم وفقاً لوكالة أنباء “بلومبرج”، وكلية “جونز هوبكينز بلومبرج” للصحة العامة.
إذا ثبُت صحة التوقعات فسوف تكون أفريقيا ضمن أفضل 6 مناطق عالمية أداءً فى 2020 من أصل 18 منطقة رئيسية
ورغم أن حالات الإصابة اليومية فى الولايات المتحدة نسبة إلى عدد السكان تنخفض، إلا أنها لاتزال أعلى بمقدار 24 أو 26 مرة عن إثيوبيا وكينيا ونيجيريا.
ولدى هذا الاتجاه جذورا فى بداية القرن الـ21 عندما هدد وباء آخر معظم العالم، فعندما تفشى وباء السارس فى 2002 و2003، كان هناك حالة إصابة واحدة فى كيب تاون، وحينها تفوقت أفريقيا على العالم المتقدم فيما يتعلق بنمو الناتج المحلى الإجمالى، وارتفعت مساهمتها بشكل مطرد فى الناتج العالمى.
ومؤخراً، خفض 38 اقتصادياً ممن يكتبون فى “بلومبرج” توقعاتهم للنمو العالمى فى 2020، من نمو بنسبة 3% إلى انكماش بنسبة 3.7%، ولكنهم يتوقعون جميعاً تراجعاً أقل حدة لأفريقيا من النمو بنسبة 3% إلى تراجع بنسبة 2.5%، وإذا ثبُت صحة هذه التوقعات، فسوف تكون أفريقيا ضمن الـ6 مناطق العالمية الرئيسية الأفضل أداءً فى 2020 من أصل 18 منطقة رئيسية، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة أنباء “بلومبرج”.
وتهيمن أفريقيا على قائمة الدول المتوقع أن تنمو بأعلى تيرة فى 2020، ومن المتوقع أن تنمو رواندا بنسبة 3.2%، وإثيوبيا وساحل العاج بنسبة 3%، وأوغندا بنسبة 2.8%، وغانا بنسبة 1.9%، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرج”، وهو ما يساعد فى تفسير لماذا ساهمت الأسهم من أمريكا الشمالية وغرب أوروبا ومنطقة آسيا المطلة على المحيط الهادى فى تراجعات بنسب 3% و2% و1% على التوالى فى الخسارة البالغة 8% لمؤشر الأسهم العالمى بينما ساهمت أفريقيا بنسبة 0.24%، وبالتالى فإن أفريقيا لاتزال المنطقة الأفضل أداءً مثل شرق أوروبا وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرج”.
قطاع الاتصالات فى أفريقيا جنوب الصحراء الأفضل أداءً فى العالم بعائد 22% مقارنة بـ9% لقطاع الرعاية الصحية العالم
وبينما تراجع مؤشر الأسهم العالمى بنسبة 4% فى 2020، فقدت أفريقيا 1% فقط، وتقود شركات الاتصالات فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء العام الجارى جميع القطاعات تقريبا بإجمالى عائد بنسبة 22% أى أكثر مرتين من العائد بنسبة 9% من شركات الرعاية الصحية العالمية، وبالتالى فهو القطاع الأفضل أداءً عالمياً على الإطلاق.
ويتزامن ارتفاع أسواق الأسهم فى أفريقيا مع صعود مشابه فى أسواق السندات السيادية، وبعد تخلفه فى العامين الماضيين، اكتسب سوق السندات السيادية فى أفريقيا 24% منذ بداية أبريل أى بأكثر من ضعف السوق العالمى الذى صعد بنسبة 10%، وفقاً لمؤشرات “بلومبرج باركليز”.
وعلى الأرجح لم يتوقع بعض كبار المستثمرين مثل هذه المكاسب لذلك أحجموا عن الاستثمار فى الأسواق الناشئة فى بداية العام الجارى عندما أصبح كورونا وباء عالمى، وخفضت شركة “بلاك روك”، أكبر مديرة أموال فى العالم بأصول تصل إلى 7.4 تريليون دولار، استثماراتها فى القارة بنسبة 24% إلى 8.3 مليار دولار، كما تراجعت استثماراتها فى آسيا المحيط الهادى بنسبة 20% إلى 115 مليار دولار، وبنسبة 31% فى شرق أوروبا إلى 9 مليارات دولار، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرج”.
ويثبت جميع ما سبق أن أفريقيا هى المفاجئة الاقتصادية والمالية الأكبر فى هذه الأوقات المضطربة.
بقلم: ماثيو وينكلر، رئيس التحرير الفخرى لوكالة أنباء “بلومبرج”.. والكاتب عن الأسواق
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”