اللجوء إلى بيع الأراضى لتوفير سيولة عاجلة وإنقاذ المبيعات أبرز الحلول
يدفع تفاقم أزمة جائحة «كورونا» دائمًا إلى التساؤل حول تأثيرها على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومن بينها القطاع العقارى وبالتحديد أسعار الوحدات فى ظل ضعف الطلب والتخوف من زيادة المعروض بالتوازى مع أزمة السيولة التى تواجهها أغلب الشركات، مع تراجع تحويلات المصريين فى الخارج وتأجيل قرارات الشراء، وتوقف طرق التسويق التقليدية بسبب الإجراءات الاحترازية الخاصة بالوباء والتباعد الاجتماعى الذى تشدد عليه الدولة فى اطار التعايش مع الجائحة.
توقع خبراء القطاع العقارى، أن تحتدم المنافسة بين المطورين العقاريين فى تقديم التسهيلات لجذب العملاء، تصل إلى تخفيض أسعار الوحدات بنسبة %30 فى حالة البيع الكاش، وأن يواجه المطورون الصغار منهم خطر الإفلاس، ما قد يدفعهم للاندماج فى الفترات المقبلة.
أوضح أدهم هشام، محلل أول مالى قطاع العقارات فى شركة بلتون المالية، أن الخطر الأكبر على الشركات العاملة فى القطاع العقارى فى الوقت الحالى، توقف التحصيلات وعدم قدرة العملاء على سداد الأقساط، حيث يؤدى ذلك لتوقف أعمال البناء بالوحدات الجديدة، مما يجعله يتجه إلى جدولة الأقساط خلال فترة ليست بالقصيرة تؤثر بدورها على دورة عمل المطور العقارى بالسلب، مما يجعل هناك تخمة فى المعروض من الوحدات.
وأكد أن ذلك يأتى بالتوازى مع اتاحة الشركات للعديد من التسهيلات لجذب العملاء وتحفيزهم على الشراء، متوقعًا تراجع أسعار العقارات حال استمرار وباء كورونا، موضحًا أن الأمر متوقف على مدى طول مدة أزمة الوباء وتأثيرها على الاقتصاد.
توقعت دراسة أعدها معهد التخطيط القومى، أن تتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العامين الماليين الجارى والمقبل، ووضع 3 سيناريوهات، السيناريو الأول يرجح تراجع قيمة التحويلات هذا العام المالى إلى 23.3 مليار دولار، وينخفض إلى 19.7 مليار دولار بناءً على تعافى الاقتصادات الخليجية بفترة أبطء لا تقل عن سنة على تعافى الاقتصادات الرئيسية مثل الصين والاتحاد الأوروبى وشرق آسيا.
وأوضحت الدراسة، أن السيناريو المتوسط يفترض تسجيل التحويلات 21.5 مليار دولار فى 2020 ثم ترتفع إلى 24.98 مليار دولار فى 2021، بينما ذهب السيناريو الثالث إلى أن تتجاوز التحويلات قليلًا 13.4 مليار دولار فى 2020 ثم ترتفع إلى 18.75 مليار دولار فى العام التالى.

وتوقع هشام، أن تدفع الأزمة الحالية الشركات لخفض أسعار الوحدات بنسبة تصل إلى %30 كحد أدنى فى حالة دفع ثمن الوحدة كاملاً «الكاش»، أما فى سوق إعادة البيع فقد تزيد نسب الخفض عن %30، خاصة فى ظل حاجة البائع كشركة أو كفرد للسيولة النقدية، موضحًا أن ذلك لا ينطبق على مشاريع الاسكان الحكومية التى يكون لها نظام تقسيط وأسعار مختلفة تماماً عن مشاريع القطاع الخاص.
وألمح إلى تراجع مبيعات الربع الأول بالنسبة للشركات التى تركز على العقارات فقط، بنسب تصل إلى %50، ومن المتوقع أن تزيد نسب تراجع المبيعات فى الربع الثانى من العام الجارى، الذى توقع أن يكون ذروة الأزمة، إلا إذا اتجهت الشركات إلى بيع الأراضى لإنقاذ إجمالى المبيعات، مثلما فعلت أوراسكوم للفنادق والتنمية، ومدينة نصر للإسكان فى الربع الأول من العام الجارى.
وأوضح أن بعض الشركات بدأت التأقلم مع الأزمة بالتوجه إلى التسويق بأشكال جديدة عن طريق وسائل جديدة تتضمن التباعد الاجتماعى مثل محادثات الفيديو عبر برامج التواصل الاجتماعى المختلفة، مشيرًا إلى أن ظهور بودار نهاية الأزمة وعودة الحياة الطبيعية تدريجيًا سيدفع العملاء للتفاعل مع هذه الوسائل لانتهاز فرص التسهيلات الحالية والشراء قبل ارتفاع الأسعار مجددًا، وتحسن شهية المستثمرين.
استبعد هشام تعرض المطورين العقاريين الكبار لخطر الإفلاس بسبب الأزمة الحالية، أما الشركات ذات الحجم الصغير والمتوسط التى دخلت السوق فى الأعوام الخمسة الماضية، فستواجه ذلك الخطر بالتأكيد ما سيدفعها إلى الخروج من السوق أو الاندماج مع شركات أخرى، خاصة أن تعثرها ماليًا حاليًا سيجعلها تلجأ للاقتراض، لكن البنوك إذا وافقت على إقراضها فسيكون ذلك بفائدة مرتفعة مع عدم وجود سابقة أعمال لها.
وأشار إلى أن الأزمة الحالية ستزيد قوة المطورين العقاريين الكبار فى السوق أصحاب التاريخ الكبير، نظرًا لقدرتهم على تخطى أزمة عارضة فى السيولة وانخفاض الطلب، ما سيجعلهم أكثر كفاءة بعد مرور الأزمة ونهايتها.
وأوضح محمود جاد محلل قطاع العقارات بشركة العربى الأفريقى الدولى لتداول الأوراق المالية، أن انتشار فيروس كورونا يمثل تحدياً كبيراً لجميع القطاعات الاقتصادية فى مصر والعالم أجمع، لكن الأمر يعتمد على الوقت الذى سيستغرقه العالم فى القضاء على هذا الفيروس والحد من انتشاره وعودة الأمور إلى طبيعتها.
وإلى أن يتحقق ذلك، ستواجه الشركات العقارية صعوبة فى عملية التسويق وتحقيق مبيعات جديدة، لسببين أساسيين أولهم تباطؤ الطلب على العقارات، خاصة من المصريين بالداخل، منذ تعويم الجنيه المصرى فى نوفمبر 2016 بسبب ارتفاع الأسعار فى الوقت الذى انخفضت فيه القوى الشرائية للمستهلكين، وهو ما دفع المطورين للمنافسة الشديدة من خلال تقديم تسهيلات أكبر للسداد لجذب المزيد من العملاء وتحقيق مبيعات تعاقدية جديدة.

“جاد”: تباطؤ السوق العقارية وضعف الطلب سيزداد مع طول المدة
بالإضافة إلى توقف المعارض العقارية وتأجيلها، مما سيحد من قدرة الشركات على تسويق مشاريعها وجذب العملاء بشكل مباشر داخل وخارج مصر، خاصةً فى ظل ضعف الطلب، بجانب قيام العملاء بتأجيل عملية الشراء فى ظل التخوفات من حدوث أى أزمات إقتصادية، تؤدى لعدم قدرتهم على سداد الأقساط فى حالة حدوث خفض للرواتب أو التسريح من وظائفهم، سواء على المصريين بالداخل أو بالخارج.
وتوقع جاد، أن يؤدى استمرار فيروس كورونا إلى زيادة تباطؤ السوق العقارية، الأمر الذى قد يدفع لاحتدام المنافسة بشكل أكبر، مما كانت عليه بين المطورين وذلك بتقديم تسهيلات أكبر فى السداد وعدم زيادة الأسعار بما يتماشى مع نسب التضخم، خاصةً بعد خفض أسعار الفائدة والتى من شأنها أن تخفف من الأعباء التمويلية للمطورين سواء كان ذلك فى صورة قروض تحصل عليها الشركات لتطوير مشاريعها أو فى صورة تمويلات تقدمها للعملاء من خلال مد فترات التقسيط.
وأكد أن الشركات التى ستستطيع أن تتعامل مع الموقف هى التى لديها سيولة جيدة ورافعة مالية منخفضة، وعلامة تجارية وقاعدة عملاء قوية، ومشاريع عقارية موزعة جغرافياً، مثل إعمار مصر وسوديك، ومصر الجديدة ومدينة نصر للاسكان التى لديها مخزون أراضى بأماكن مميزة وذات تكلفة تاريخية منخفضة جداً ولا يوجد عليها التزامات أقساط أراضى، وهو ما يعطى لها القدرة والمرونة الأكبر فى التعامل مع متغيرات السوق العقارى المختلفة.