يتحدث القادة الأوروبيون عن تقليص سلاسل الإمداد وكبح خطة الصين “الحزام والطريق”، لكن على أرض الواقع في إيطاليا، يعتقد جيمي بالدينيني ،أن شركته “بالدينيني” المصممة للأحذية ليست في وضع يسمح لها بقطع العلاقات مع الصين.
وأوضح بالدينيني، أن العمال الصينيين يتمتعون بيد أفضل في صنع الأحذية الرياضية، مضيفا أن تكاليف الإنتاج هناك أقل بنسبة 75% من إيطاليا، وبالتالي فهو لا يستطيع قطع علاقته بالصين وإعادة خط الإنتاج إلى بلاده ببساطة، ما لم تقرر الحكومة الإيطالية خفض الضرائب وتكاليف العمالة بشكل كبير.
وفي ظل تأثره بالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ضاعف الاتحاد الأوروبي جهوده من أجل تقريب عمليات الإنتاج من أرض الوطن عقب تفشي وباء كوفيد-19 العالمي، الذي تسبب في ركود حاد لم يحدث منذ نحو قرن.
وفي غزو غير معتاد للسياسة الصناعية، جادل كل من عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي لويس دي جويندوس ومحافظ البنك المركزي الهولندي كلاس كنوت، بشكل مستقل بأن الشركات بحاجة للتفكير في نقل أجزاء من سلاسل إمدادها إلى أماكن أقرب إلى الوطن، حتى لو كان ذلك يعني تكاليف أعلى.
وفي الوقت الذي ربما أعربت فيه الولايات المتحدة عن مخاوفها بشأن الصعود الاقتصادي للصين في وقت سابق، تسعى أوروبا إلى إحباط سياسات الصين التوسعية، بما في ذلك استخدام التعريفات الجمركية في محاولة للحد من خطة البنية التحتية “الحزام والطريق”.
وكجزء من حزمة التحفيز المقترحة للتعافي من آثار كوفيد-19 والبالغ قيمتها 750 مليار يورو “أي 843 مليار دولار”، تحدثت المفوضية الأوروبية عن ضمان الاستقلال الاستراتيجي في القطاعات الرئيسية وبناء سلاسل قيمة أقوى داخل الاتحاد الأوروبي، قائلة إن الاستراتيجية الجديدة الخاصة بالمواد الصيدلانية ستعالج المخاطر- مثل الطاقة الإنتاجية المحدودة في أوروبا- التي تعرضت لها خلال الأزمة.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج” أن المهمة لن تكون سهلة، خصوصا أن الصين تصنع نحو 40% من كافة المكونات الصيدلانية النشطة المستخدمة في العالم بأسره.
وفي هذا الصدد، تخطط ألمانيا لتقديم استراتيجية خاصة بها لسلاسل التوريد في الأشهر القليلة القادمة، تهدف من خلالها إلى الحد من تعرض الصناعات الأساسية للتأثيرات المحتملة في التدفقات التجارية.
وقال وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، إن أي قواعد يجب أن تصمم بطريقة لا تشكل عبئا إضافيا على الشركات، حيث تعتبر مرونة سلسلة الإمداد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للصناعة الألمانية نظرا لاعتماد 17% من إنتاجها على الموردين العالميين، وهي حصة أكبر بكثير من الدول الأخرى.
وأظهرت دراسة حديثة من معهد “إيفو” الألماني، أن اعتماد ألمانيا على الموردين الدوليين قد يعيق عودة الاقتصاد إلى العمل كالمعتاد بعد الوباء.
وتشير الدلائل إلى أن التحول الهائل إلى أوروبا أمر غير مرجح بسبب الأهمية المتزايدة للصين، إذ تستحوذ القوة العظمى الآسيوية بالفعل على 40% تقريبا من عمليات تسليم السيارات العالمية لصانع السيارات الألماني الرائد “فولكس فاجن”، الذي زاد من معدل تعرضه للبلاد في مايو بعد شراء حصص في شركة “Guoxuan” الصينية لصناعة البطاريات.
ولمواجهة الهيمنة الآسيوية على بطاريات السيارات الكهربائية، بذلت فرنسا وألمانيا جهودا لبدء صناعة أوروبية. و يخطط الاتحاد الأوروبي لاستثمار 8.2 مليار يورو تقريبا في السنوات المقبلة لتحقيق إنجاز كبير في إنتاج خلايا البطارية.
وذكرت “بلومبرج” أن تقريب التصنيع ربما لا يعني بالضرورة داخل الاتحاد الأوروبي.. بل يمكن أن تقع مصانع جديدة خارج الكتلة. ففي الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحفاظ على التصنيع داخل بلاده، خفضت شركات تصنيع السيارات الفرنسية من قدرتها داخل البلاد وافتتحت مصانع جديدة موجهة نحو التصدير في المغرب.
وفي أوروبا الشرقية، تسعى دول منها بولندا ورومانيا أيضا لجذب الاستثمار والاستفادة من عضويتها في الاتحاد الأوروبي والروابط القائمة مع الشركات الغربية، وتكاليف العمالة التي تشكل جزءا مما يدفعه أصحاب العمل في ألمانيا.