يبدو أن الحظر الذى فرضته الحكومة التركية على حالات تسريح العمالة مؤقتا، بجانب منحهم بدلات، يساهم فى إخفاء مدى الضرر الذى يلحق باقتصاد البلاد الذى تعثر نتيجة تفشى جائحة فيروس كورونا.
وأفادت البيانات الرسمية، التى أعلنت بفاصل زمنى طويل، وصول معدلات البطالة فى تركيا إلى 13.2% فى الفترة بين شهرى فبراير إلى أبريل، بانخفاض طفيف عن الربع الأول.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن أعداد العاملين وأولئك الذين يعتمدون على الدعم النقدى الذى تقدمه الحكومة يحكى قصة مختلفة تماما.
فقد انخفض معدل المشاركة فى القوى العاملة فى تركيا، أو بمعنى أكثر دقة حصة السكان ممن يمتلكون وظيفة بالفعل أو يبحثون عن وظيفة، بمقدار 4.5% سنويا ليصل إلى 48.4% فى الفترة بين شهرى فبراير إلى أبريل، وهو الأقل منذ يناير 2014، كما انخفضت معدلات التوظيف إلى أدنى مستوى له فى 8 أعوام.
وأوضح تقرير صادر عن مركز جامعة بهجيشهير للبحوث الاقتصادية والاجتماعية فى إسطنبول، إن الحكومة تعمل على قياس خسائر العمالة المحدودة على الورق فقط.
وأوضحت “بلومبرج” أن إبقاء عدد العاطلين عن العمل تحت السيطرة يعتبر واحدا من الأولويات القصوى للرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، الذى خسر العام الماضى الانتخابات المحلية فى معظم البلديات، بما فى ذلك أكبر المدن إسطنبول والعاصمة أنقرة، حيث كانت البطالة تسجل أرقاما مزدوجة.
ولكن فى الوقت الذى كان يمكن لأكبر الاقتصادات الأوروبية تحمل إنفاق ما يقرب من 100 مليار يورو “أى 113 مليار دولار” على برامج الإجازات دون رواتب بين شهرى مارس إلى مايو، كان على تركيا أن تسلك مسارا أكثر اعتدالا، حيث كانت موازنتها بالفعل تحت الضغط بعد طفرة الإنفاق الانتخابى وركود قصير جاء عقب أزمة العملة.
ومع ذلك، ومع إغلاق أجزاء من الاقتصاد لاحتواء تفشى الوباء، حظرت الحكومة التركية تسريح العمال لمدة ستة أشهر اعتبارا من 10 مارس الماضى وعرضت تقديم بدلا شهريا يصل إلى 1.177 ليرة تركية “أى 172 دولارا” لأولئك الذين حصلوا على إجازة من أرباب العمل.
وقال هالوك بورومتشكي، مؤسس شركة “بيرومتشيكسي” للأبحاث والاستشارات، ومقرها إسطنبول، إن الانخفاض المستمر فى معدل المشاركة فى القوى العاملة والبدلات الحكومية وممارسات الإجازات غير مدفوعة الأجر سيؤدى إلى منع الارتفاع الحاد فى معدلات البطالة على المدى القصير.
وكانت النتيجة ارتفاع البطالة، فقد انخفض عدد الأتراك العاملين بمقدار 1.5 مليون، ليصل العدد إلى 26.1 مليون منذ بداية العام، كما أن هذا الأمر رفع من مستوى خسارة سوق العمل إلى 2.4 مليون موظف فى العامين الماضيين، وهى الفترة التى ارتفعت فيها الكثافة السكانية للبلاد بنفس العدد تقريبا.
وتستبعد الأرقام الرئيسية الملايين من الأشخاص الذين ليس لديهم عمل فعلى، لكن لا يمكن فصلهم بسبب حظر تسريح العمال، وهى تكاليف تضاف الآن.
وحتى مايو الماضى، كان هناك ما يقرب من 3.1 مليون شخص يستفيدون مما يسمى ببرنامج العمل قصير المدى، والذى يمنح مدفوعات الدعم للموظفين ممن أغلقت أماكن عملهم بشكل جزئى أو كلى بسبب تدابير احتواء تفشى الوباء.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية أنفقت ما يصل إلى 10.3 مليار ليرة تركية لصالح برنامج العمل فى شهرى أبريل ومايو فقط.
ويتأهل 1.4 مليون تركى آخر، ممن ليسوا مؤهلين لبرنامج العمل قصير الوقت وفقدوا وظائفهم بعد 15 مارس، إلى مبادرة دعم نقدى أخرى، حيث أنفقت تركيا ما يصل إلى 1.7 مليار ليرة إضافية على هذا البرنامج فى شهرى أبريل ومايو.
وكنتيجة لحظر وتسريح العمال، انخفض إجمالى أصول صندوق البطالة فى تركيا بنسبة 9% تقريبا من عام 2019 ليصل إلى نحو 120 مليار ليرة تركية اعتبارا من 9 يونيو الماضى.
وأشارت “بلومبرج” إلى أن المصنعين الأتراك يشهدون بالفعل علامات على التعافى، حيث تم تعيين موظفين إضافيين فى يونيو، أى بعد شهرين من خفض أعداد التوظيف.