التصرف بمسؤولية يضمن عوائد استثمارية أقوى على المدى البعيد
مع توجه أوروبا نحو الإغلاق مرة أخرى، غرد الرئيس التنفيذي لشركة “تيمبسون” البريطانية للأحذية، عبر موقع التغريدات القصيرة “تويتر” في نهاية مارس، أن موظفي شركته سيظلون في وظائفهم بأجر كامل رغم بقاء متاجرها في حالة سبات، في حين أشارت سلسلة “JD Wetherspoon” إلى نيتها عدم دفع أي أجور لموظفيها حتى تنفذ خطة الإجازة الحكومية.
وأثارت حالات أرباب العمل، ممن وضعوا أرباحهم قبل رفاهية العمال خلال أزمة تفشي وباء كوفيد-19، ردود فعل عكسية، مما دفع الشركات التي تريد أن ينظر إليها على أنها مسؤولة، للتركيز على العدالة والإنصاف عند اتخاذ قرارات تؤثر على الموظفين وسلاسل الإمداد.
واحتفظت شركة “Intuit QuickBooks” لبرمجيات المحاسبة العالمية، بعقود عمال النظافة بأجر كامل، بما يتماشى مع باقي القوى العاملة، في حين تظل مكاتبها مغلقة.
وأرجع مدير الشركة في المملكة المتحدة، كريس إيفانز، السبب في ذلك إلى أن التفكير قصير المدى قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة، بما في ذلك ارتفاع معدل دوران الموظفين ومخاطر السمعة المرتبطة بتعيين موظفين غير سعداء، مضيفا: “كيفية تعامل الشركات مع موظفيها تأتي من خلال تفاعلات العملاء معهم”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن الأمر نفسه ينطبق على الطريقة التي تتعامل بها الشركات مع مورديها، إذ تصرفت بعض الشركات الكبيرة بسرعة لدعم التدفق النقدي للموردين أثناء الإغلاق.
فعلى سبيل المثال، تقدم سلسلة المتاجر البريطانية الكبرى “موريسونز” مدفوعات مبكرة للموردين الأصغر لمساعدتهم على البقاء.
وتعهدت مجموعة “لوريال” الفرنسية لمستحضرات التجميل، أيضا، بتقديم المدفوعات لمورديها الصغار ومتوسطي الحجم بشكل أسرع.
ومع ذلك، يتعرض بعض تجار تجزئة الملابس، لانتقادات بسبب إلغاء الطلبيات وحجب المدفوعات المستحقة لمصانع الملابس في بنجلاديش، مما يؤدي في الواقع إلى نقل المخاطر إلى الأجزاء الأقل قدرة على تحمل الصدمة في سلاسل الإمداد.
وبشكل عام، يحكم المستثمرون بشكل متزايد على مثل هذه التحركات بشكل سلبي.
وثمة أدلة متزايدة، تشير إلى أن الشركات التي تتصرف بمسؤولية تحقق عوائد استثمارية أقوى على المدى الطويل.
وقال ليو مارتن، أحد مؤسسي “GoodCorporation” للاستشارات الأخلاقية في مجال الأعمال، ويدعى كريس إيفانز، إنه مع استمرار ازدياد شعبية استراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بات ينظر إلى رب العمل الجيد على أنه أصبح أحد الأصول، مشيرا إلى أن كثيرا من مؤشرات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تعتبر في الحقيقة مجرد وسائل غير مباشرة للإدارة الجيدة.
وعانت فئات الأقليات العرقية بشكل غير عادل من “كوفيد-19″،إذ يرجح أن تكون تلك المجتمعات الأكثر تضررا من الأضرار الاقتصادية الناتجة عن تفشي الوباء، وهي مخاوف سُلط عليها الضوء بشكل أكثر حدة من خلال احتجاجات “حياة السود مهمة”، واستجابت العديد من الشركات للتصدي للظلم العرقي.
وتعهد عملاق التكنولوجيا الأمريكي “آبل” وشركة الترفيه “والت ديزني” وعملاق التجزئة الأمريكي “وول مارت”، بتقديم تبرعات للمنظمات والجمعيات الخيرية الملتزمة بتعزيز العدالة العرقية.
ومع ذلك، تحتاج الشركات إلى تعزيز الوعود الرامية إلى اتخاذ إجراءات لتجنب الاتهامات بازدواجية المعايير أو القيام بما هو جيد للأعمال بدلا من فعل الخير.
وفي الوقت نفسه، قال الرئيس التنفيذي نيل هندرسون: “كانت هناك علامة استفهام بالنسبة للموظفين تدور حول ما إذا كان مخطط الإجازات دون أجر يقع على بعد خطوة من التكرار؟ لكننا أوضحنا ذلك بطريقة أشارت إلى أن الأفراد سرعان ما استوعبوا بنجاح أن الفكرة كانت في الواقع وسيلة لتعظيم فرص حصول الجميع، أو أكبر عدد ممكن من الأشخاص، على وظيفة”.
في أبريل، تبنت شركة التكنولوجيا الأمريكية “آي بي إم” تعهدا على مستوى الشركة بتقديم بدلات لآلاف العمال الذين وجدوا أنفسهم فجأة بحاجة إلى تعليم أطفالهم في المنزل، ويرعون أقاربهم ضمن أعمالهم اليومية.
وقال ديب بوب، من “آي بي إم”، إن شركته أدركت ضرورة رؤية الناس بشكل فردي ، وتمكين الموظفين من رفع أصواتهم حتى يخروجوا من الأزمة بشكل جيد.
كما أنها أنشأت قناة للمديرين لتبادل النصائح حول كيفية الاستجابة بطريقة إبداعية للمشكلات التي يواجهها الزملاء.
وتتحدث العديد من الشركات الآن عن جعل أنماط العمل المرنة ميزة دائمة. لكن جيف فيبس، المدير الإداري في شركة “أيه دي بي” في المملكة المتحدة، حذر من أن هذا الأمر قد يتسبب في خطر إنشاء نظام مزدوج مقسم على المسائل المتعلقة بالجنسين، مشيرا إلى أن النساء، اللاتي تشير البيانات إلى أنهن يحملن العبء الأكبر من مسؤوليات الرعاية أثناء الوباء، مازلن في المنزل بشكل غير متناسب وبعيد عن الأنظار، في حين عاد زملائهن الذكور إلى مقر العمل.
وأوضح فيبس، أنه رغم أن المرونة قد تكون ملائمة، إلا أنه من الضروري توخي الحذر من أن هذه المرونة لا تستخدم بطريقة تعيد الشركات إلى مكانة متأخرة.
وللخروج من الأزمة مع سمعة طيبة، ستحتاج الشركات إلى التأكد من أن أفعالها ليست فقط حسنة النية ، ولكن أيضا مدروسة جيدا.