الصين وألمانيا واليابان رواد تشييد المصانع الذكية
تخيل.. لو أن محطة تصنيع تتغير فيها جميع معدات الإنتاج باستمرار، استجابة لاحتياجات السوق، إذ يمكن للروبوتات، على سبيل المثال، التي تشغل الأدوات تلقائياً، إعادة تشكيل نفسها بناءً على البيانات الواردة من جميع نقاط سلسلة إمداد الأدوات، بالإضافة إلى أجهزة الاستشعار التى تراقب المصنع نفسه.
بالطبع.. ستكون النتيجة، مصنع ذكي أكثر مرونة وفعالية عن الأجيال السابقة من الأتمتة.
يعمل المصنع الذكى، المعروف أيضاً باسم “الصناعة 4.0″، على البيانات والذكاء الاصطناعي، لكن رغم ذلك لايزال يشكل الاتصال، العمود الفقرى للعمليات، وبالتالى فإن شبكات الجيل الخامس الجديدة تعد حافزاً لهذه الثورة الصناعية الجديدة، لأنها توفر سرعة ونطاق ترددي أفضل بكثير من الشبكات السابقة، بالإضافة إلى جهد كهربائي منخفض، أو الوقت اللازم لنقل البيانات بين نقطتين.
وذكرت شبكة “سي.إن.بي.سي” الإخبارية أن شبكات الجيل الخامس ستعمل- فى بعض الحالات- لتحل محل بعض الاتصالات الثابتة السلكية الموجودة، مما يجعل التصنيع أكثر مرونة ومستعداً لتنفيذ الابتكارات.
المصنع المتصل
يمكن أن تحل شبكات الجيل الخامس، محل شبكات إيثرنت السلكية وشبكات الواي فاي والجيل الرابع، التي تربط الأجهزة في المصانع، لكن مزودي شبكات الجيل الخامس يبدأون بالأساسيات، مثل تشغيل الأجهزة المحمولة والروبوتات.
في مصنع جديد في مدينة لويسفيل بولاية تكساس الأمريكية، قامت شركة الاتصالات السويدية “إريكسون” بتحويل معدات البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس، بمساعدة تلك الشبكات في المصنع نفسه، من أجل تعزيز كفاءة الإنتاج، متوقعة وصول مشتركي شبكات الجيل الخامس إلى 190 مليون مشترك بنهاية عام 2020 و2.8 مليار بنهاية عام 2025.
وأوضحت الشبكة الإخبارية الأمريكية، أن العمال في المصنع يستخدمون الجيل الخامس للحصول على دعم الواقع المعزز من الخبراء عن بعد، من خلال مشاركة الفيديو والملاحظات المشروحة، كما سيتم استخدام الشبكة لتوجيه المركبات الآلية الموجهة والطائرات بدون طيار حول المنشأة.
وقال رئيس مصنع تقنية الجيل الخامس الذكي الأمريكي التابع لشركة “إريكسون”، إريك سيمونسون : “اتصالنا السريع والآمن بشبكات الجيل الخامس يعزز تمكين المصنع الذكي ويجعل العمليات مرنة والإنتاج مرن، باستخدام الحلول الصناعية مثل المخازن المؤتمتة والتجميع الآلي والتعبئة ومعالجة المنتجات والعربات المستقلة”.
عندما يتعلق الأمر بتبني المصانع الذكية، تأتي كل من الصين وألمانيا واليابان في المقدمة، ثم كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وفرنسا، وفقاً لشركة “كابجيميني” الفرنسية العاملة في مجالات خدمات تكنولوجيا المعلومات.
لا يبدو من الواضح عدد المصانع الأمريكية التي تحولت لتصبح ذكية الآن، ولكن استناداً إلى دراسة استقصائية دولية أجريت على 912 مصنعاً، قدرت “كابجيميني”، أن 28% من المصانع صُنعت في الأساس بشكل ذكي بين عامي 2017 و2018، وهو ما يقل بقليل عن المتوسط العالمي البالغ 30%.
استغلال المرونة والذكاء الاصطناعي
بالاقتران مع إنترنت الأشياء والحوسبة المتطورة والذكاء الاصطناعي، يمكن لشبكات الجيل الخامس السماح للمصانع الذكية بطرح منتجات مخصصة بسرعة وبأسعار معقولة، وفقاً للمحللين في شركة “جارتنر” العالمية للأبحاث والاستشارات، الذين توقعوا خلال العام الماضي وصول إيرادات البنية التحتية للشبكة اللاسلكية للجيل الخامس في العالم بأسره إلى 4.2 مليار دولار عام 2020.
تعزيز اللوجستيات
من الممكن أن تستفيد اللوجستيات أيضاً من شبكات الجيل الخامس، إذ أن عملية الرقمنة المحسنة والتغطية والتعقب، تعمل على تسريع عملية التوزيع، وفقاً لما قالته شركة “دى إتش إل إنترناشيونال”، التي تعتقد أن شبكات الجيل الخامس تعزز تطبيقات المخازن، مثل اختيار النظارات الذكية.
مع القدرة الكبيرة التي تتمتع بها شبكات الجيل الخامس تجاه الأجهزة الذكية، ستسمح أجهزة تتبع إنترنت الأشياء في سلسلة الخدمات اللوجستية، للمشترين بمراقبة بضائعهم في الوقت الفعلي، في حين ستتواصل شبكات الجيل الخامس مع الشاحنات المستقلة حتى تتمكن من الاستجابة سريعاً لظروف حركة المرور المتغيرة، وتمتلك شركات الخدمات اللوجستية الأخرى أفكاراً مستقبلية أكثر.
وقال رئيس وحدة “ياماتو ترانسبورت” التابعة لشركة “ياماتو اليابانية، كوجي هوما، في منشور على مدونته مؤخراً: “بفضل تقنية الجيل الخامس والهولوجرام، سيتمكن المستهلكون من استخدام غرف تبديل الملابس الافتراضية لتجربة وشراء ملابس مناسبة تماماً”.
ونُشرت شبكات الجيل الخامس في العديد من المدن بجميع أنحاء الولايات المتحدة، مع تسهيل هيئة الاتصالات الفيدرالية لقواعد النشر، حتى أن شركة “فيرايزون للاتصالات” تتحرك قبل الموعد المحدد.
ومع ذلك، واجهت التكنولوجيا رياحا معاكسة ناتجة عن تفشي جائحة فيروس كورونا المميت، بما في ذلك تأخيرات الإطلاق فى بعض الأسواق ونظريات المؤامرة.
كما حذرت شركتا “تاكاهاشي” و”هويب” أيضاً من أن شبكات الجيل الخامس لاتزال غير ناضجة وتفتقر إلى التطبيقات المهيمنة.
ربما يكون هناك جانب آخر من شأنه إقناع الشركات المصنعة بالاستثمار في شبكات الجيل الخامس في الوقت الراهن، بينما لا يوجد حالياً العديد من حالات الاستخدام التي تتطلب تلك الشبكات بشكل ضرورى.
بالإضافة إلى ذلك، يمثل الاستثمار في شبكات الجيل الخامس وتعديل المعدات والبنية التحتية العتيقة دون أى قيمة تجارية قصيرة الأجل تحدياً حقيقياً، إذ يتعين على مزودي خدمات الاتصالات العمل بشكل وثيق مع خبيرى تكامل الأنظمة ومقدمي خدمات تكنولوجيا المعلومات من أجل بناء قيمة قوية لشبكات الجيل الخامس.