في بداية فبراير، عندما أصبح تفشي جائحة فيروس كورونا في الصين أكثر تهديدا، أغلقت فيتنام الحدود، ليصبح من الصعب لسائقي الشاحنات نقل المكونات والمواد الخام من الصين إلى المصانع المحلية، وهي المشكلة التي واجهت عملاق التكنولوجيا الكوري الجنوبي “سامسونج”، الذي يصنع معظم هواتفه في فيتنام، والذي رفض تأخر الإنتاج، وبالتالي بدأ في نقل أجزاء حيوية من عمليات إنتاجه من الصين.
ذكرت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، أن هذه القصة تروى على جانبين، خصوصا أن فيتنام كانت سريعة في احتواء تفشي “كوفيد-19″، إذ اتبعت استراتيجية تتبع وعزل جيدة نسبيا، وهو النوع الذي يمكن لدولة الحزب الواحد فقط تنفيذه.
عانى اقتصاد فيتنام، لكنه تعافى بشكل أكثر حدة من معظم الدول، لتصبح بذلك واحدة من بضع عشرات الدول التي قد ينمو فيها الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وتؤكد القصة أيضا على وضع فيتنام كمكان مفضل للاستثمار الأجنبي المباشر، فهي أصبحت في الأونة الأخيرة أيضا حلقة وصل رئيسية في سلاسل الإمداد التكنولوجية.
وأشارت المجلة إلى أن فيتنام ليست مجرد دولة مفضلة بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات، بل أصبحت أيضا مفضلة من قبل المستثمرين في الأسواق الحدودية في أقصى حواف عالم الأسهم.
وتبدو فيتنام كواحدة من الدول الأكثر موثوقية، كما أنها فائز كبير من نمو التجارة العالمية في العقود الأخيرة. وتعتبر الآن دولة مستفيدة من التداعيات الجيوسياسية من هذا النمو.
منذ وقت ليس ببعيد كانت فيتنام واحدة من أفقر دول العالم، ففي عام 1986، أطلقت سياسة الانفتاح والتجديد- إصلاحات دوي موي ـ والتي سمحت بدور أكبر لقوى السوق والملكية الخاصة للمؤسسات، وانفتح الاقتصاد على التجارة الخارجية ورأس المال.
وكانت تكاليف الأجور المنخفضة تعتبر ميزة، ولكنها كانت بالكاد فريدة من نوعها، لذا عرضت فيتنام أيضا تخفيضات ضريبية سخية على الشركات الأجنبية التي اتجهت إلى هناك.
وانضمت البلاد إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2007، ومنذ ذلك الحين وقعت صفقات مع اليابان وكوريا الجنوبية، وهما من أكبر المستثمرين في فيتنام، ثم صدقت على واحدة مع الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي.
واستمر الاستثمار الأجنبي المباشر في النمو بالبلاد.
فثمة استثمارات كبيرة قادمة من الصين وهونج كونج وسنغافورة هذا العام. وأصبحت فيتنام المكان المناسب لنوع الإنتاج الذي أصبح باهظ التكلفة في الصين، كما أنها أصبحت ملجأ للشركات التي ترغب في الحد من تشابكها في معركة التجارة والتكنولوجيا الصينية الأمريكية.
تظهر مفارقة هنا، وهي أن الاستراتيجية الاقتصادية لفيتنام تبدو كتلك الخاصة بالصين في السابق، إذ ترتفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والنمو القائم على التصدير والنمو الثابت في سلاسل القيمة بداية من المنسوجات إلى التكنولوجيا، ولكن فيتنام تتمتع بسمات جعلت الاستثمار في الأسواق الناشئة جذابا وعولومي للغاية، مثل العقيدة المقنعة التي تدور حول الاقتصاد سريع النمو وسرعة التحضر وتحسين البنية التحتية والطبقة المتوسطة المتنامية.
وأشارت المجلة إلى أن مجموعة الشركات المدرجة في البلاد تسمح للمستثمرين بالتعرف على هذه الاتجاهات.
كل تلك الأمور تبدو رائعة، ولكن ثمة فخ، وهو أن فيتنام تفرض قيودا على الملكية الأجنبية للعديد من الشركات المحلية، وهذا إلى حد كبير هو السبب الكامن خلف تصنيفها، من قبل مؤشر “إم.إس.سي.أي”، كسوق حدودي وليس سوق ناشئ.
وذكرت “ذي إيكونوميست” أن الطبيعة التجارية لنموذج فيتنام تدل على أنها تحت رحمة الأحداث في أي مكان آخر.
فرغم تعاملها الجيد مع الوباء، إلا أنها ستشعر بالقلق من تصاعد الإصابات في الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر سوق تصدير لها.