«فاينانشيال تايمز»: الاتحاد يعول على الرسوم البيئية والضرائب الرقمية لسداد الديون
توصل زعماء الاتحاد الأوروبى أخيرا إلى اتفاق بشأن خطة بقيمة 750 مليار يورو، لتعزيز اقتصادات المنطقة المنكوبة من تفشى وباء كوفيد19-، بعد أربعة أيام من محادثات اختبرت قدرة المنطقة على إمكانية التغلب على الانقسامات السياسية الداخلية.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن ثمرة المفاوضات الماراثونية، التى بدأت يوم الجمعة فى بروكسل، ستتمثل فى صندوق تعافى اقتصادى مرتبط بموازنة الاتحاد الأوروبى القادمة للفترة 2021-2027، والبالغ قيمتها 1.074 تريليون يورو، وهى تعرف أيضا باسم الإطار المالى متعدد الأعوام.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الحل الوسط النهائى يعتبر نسخة مصغرة لما طلبته رئيس المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لين» فى الأصل من قادة المنطقة فى مايو الماضى، إذ خُفض عنصر المنح الأساسية فى جهود الإنعاش إلى 390 مليار يورو، وهو أقل بكثير من 500 مليار يورو التى أوصت بها اللجنة وعززتها ألمانيا وفرنسا.
ومع ذلك، لا يزال هذا الاتفاق تاريخيا، رغم الصعوبات الكبيرة، التى ستمنح بروكسل قوة غير مسبوقة لاقتراض مئات مليارات اليورو من الأسواق وتوزيعها بصفتها شكلا من أشكال دعم الموازنة للدول الأعضاء.
كيف يعمل صندوق التعافي؟
يتضمن الاقتراح الأساسى، الذى أطلق عليه لقب «الجيل القادم للاتحاد الأوروبي»، إمكانية اقتراض المفوضية بقيمة تصل إلى 750 مليار يورو فى الأسواق المالية، وسيتم توزيع ما يقرب من 390 مليار يورو، من إجمالى المبلغ، على شكل منح، فى حين ستأتى البقية على شكل قروض لتسهيل الانتعاش فى الدول الأعضاء.
وستحتاج الدول الأعضاء إلى إعداد خطط إنعاش وطنية تتعهد خلالها بإصلاح اقتصاداتها حتى تتمكن من الحصول على حصتها المخصصة من هذا التمويل، والتى سيتم توزيعها بين عامى 2021 إلى 2023، فى حين تُستخدم المنح المتبقية البالغ قيمتها 77.5 مليار يورو لتعزيز برامج الموازنة العادية للاتحاد الأوروبى.
كيف تُصرف الأموال؟
كانت القواعد التى تحدد كيفية توزيع الأموال بين الدول وآليات الرقابة لضمان قيام العواصم بإصلاحات واعدة ضمن أكثر الموضوعات إثارة للجدل فى القمة، بجانب حجم صندوق الإنعاش نفسه.
وبناء على إصرار العديد من الحكومات، قام قادة الاتحاد الأوروبى بتعديل خطط بروكسل لربط مخصصات الدول من أموال التعافى بشكل واضح بالضرر الاقتصادى الذى أحدثه الوباء، بدلا من الاعتماد على بيانات ما قبل الأزمة المتعلقة بالنمو والبطالة.
وبعد معركة طويلة بين هولندا وإيطاليا، حدد القادة أيضا آلية حوكمة تسمح للدولة العضو الفردية بإثارة الاعتراضات، إذا شعرت بفشل رأس المال فى الوفاء بوعوده الإصلاحية مقابل الأموال التى تتلقاها من المفوضية.
ومن المؤكد أن هذا النظام، الذى يعتبر مطلبا أساسيا لرئيس الوزراء الهولندى مارك روتى، سيسمح لأى حكومة وطنية بإيقاف التحويلات المالية من بروكسل مؤقتا إلى أى دولة من خلال مطالبة قادة الاتحاد الأوروبى بمراجعة ما إذا كان هذا البلد يفى بالالتزامات بالفعل.
لكن الغرض الأساسى من عملية المراجعة هو تحديد مهلة ثلاثة أشهر، بينما تحتفظ المفوضية رسميا بالكلمة النهائية.
ما علاقة الصندوق بموازنة الاتحاد الأوروبي؟
تفاوض القادة على حزمة التعافى بأكملها جنبا إلى جنب مع موازنة الاتحاد الأوروبى التى تدوم لسبعة أعوام قادمة حتى عام 2027.
ومن بين أكثر العناصر المثيرة للجدل، هذه التخفيضات المضمونة من قبل الدول المقتصدة وألمانيا مقابل مساهماتها العادية فى الموازنة، مما يعنى أن القادة قاموا بتسوية المساهمات الوطنية للدول فى موازنة الاتحاد الأوروبى للأعوام القادمة، فى حين منحوا بروكسل سلطات جديدة للاقتراض من أسواق رأس المال لمكافحة الانكماش.
وفى الوقت الذى ستذهب فيه معظم الأموال المقترضة إلى صندوق التعافى الاقتصادى الجديد، سيتم توجيه المبلغ المتبقى من خلال برامج الموازنة العادية للاتحاد الأوروبى، فى حين ستتجه الأموال المقترضة من قبل المفوضية لتصدر الخطط الحالية ومخطط البحث العلمى والتنمية الريفية والخضراء، كما انخفض عنصر المنح لهذا الإنفاق الإضافى بشكل كبير مقارنة بالمقترحات السابقة للمفوضية.
كيف سيتم سداد الأموال؟
تخطط المفوضية الأوروبية لإنشاء منحنى عائد لإصدار السندات بحيث يتم سداد جميع الالتزامات بنهاية 2058،وهو ما يهدد باستنزاف الموازنات الأوروبية المستقبلية. كما أن الدول ليست متعجلة لزيادة مساهماتها فى خزائن الاتحاد الأوروبى.
وتعتقد بروكسل أن عددا من الدول سيوافق على تسليمها عائدات رسوم بيئية وضرائب رقمية جديدة – والتى يطلق عليها «الموارد الخاصة» – للمساعدة فى تمويل الدين.
ولكن اتفاق يوم الثلاثاء يعطى فقط بريقا من الأمل، لأن أغلب القادة يعتزمون الالتزام بضريبة جديدة على مخلفات البلاستيك، أما بالنسبة للبقية، هناك خطة طريق تجاه «الموارد الخاصة» تتضمن مطالبة المفوضية بوضع خطط لفرض ضرائب على المنتجات الأجنبية التى لا تلبى الشروط البيئية المفروضة على الشركات الأوروبية وكذلك الضريبة الرقمية.
ونتيجة لذلك قد ينتهى الأمر بوقوع عبء تكلفة الديون على موازنة السبع سنوات التقليدية فى جولات وضع الموازنة المستقبلية.
ماذا يحدث بعد ذلك؟
لا يعد اتفاق يوم الخميس بمثابة نهاية القصة، فمن أجل اقتراض التمويل الإضافى، طلبت المفوضية توسيع ما يعرف بسقف الموازنة أى الفجوة بين الإتفاق الحقيقى والحد الأقصى الذى يستطيع الاتحاد الأوروبى جمعه من الدول الأعضاء، وهى خطوة ينبغى تمريرها عبر البرلمانات الوطنية للدول الأوروبية فى خطوة متوقع أن تمتد حتى العام المقبل.