ألقت تداعيات فيروس «كورونا » بظلال اقتصادية صعبة على قطاع الزراعة محلياً وخارجياً.. لكن القطاع لم يتوقف كلية، وهو ما عده متعاملون نقطة إيجابية يمكن الانطلاق منها نحو إعادة تشغيل عجلة التنمية.. لكن بشروط يجب تحقيقها أولاً.
قال على عيسى، أحد كبار المستثمرين فى القطاع الزراعى، رئيس جمعية رجال الأعمال، إن الزراعة دائماً ما تتأثر بالأزمات الاقتصادية، وتختلف حدة التأثر من أزمة لأخرى بحسب الأحداث والمدة.
أضاف أن المحاصيل تأثرت من تداعيات أزمة «كوفيد-19»، خصوصا المنتجات التى تزامن حصادها مع اغلاق الدول وفرض حظر التجوال فى كثير من البلدان، مشيراً إلى أن كثيراً من المحاصيل لم تجد من يحصدها.
وكانت أزمة أسعار الغذاء العالمية 2007 ـ 2008، رفعت أسعار المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح والذرة، إذ تضاعفت أسعارها فى ذلك الوقت، ثم ما لبثت أن خفتت نسبياً مع تباطؤ الاقتصاد العالمى أواخر 2008، ومن ثم أخذت فى النمو مرة أخرى مع التعافى خلال السنوات اللاحقة.
ويساهم القطاع الزراعى بنحو %12 من الناتج المحلى الإجمالى، وبنحو %20 من الصادرات السلعية، ويضم نحو %23.8 من إجمالى المشتغلين، بحسب دراسة أعدتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حول تحليل آثار فيروس كورونا على الاقتصاد المصرى والسياسيات المقترحة للتعامل مع تداعياته.
وقال محسن البلتاجى، رئيس جمعية تطوير وتنمية المحاصيل البستانية «هيا»، إن البطاطس تضررت الموسم الحالى بصورة كبيرة، خصوصاً مع اغلاق المطاعم.
كما تأثرت أيضاً على مستوى التصدير، لتنخفض أسعار البيع إلى 1200 جنيه للطن فى حين تبلغ تكلفة الإنتاج 4000 جنيه للطن الواحد. وتابع: «غالبية محاصيل الفاكهة تأثرت بالأزمة، عكس المحاصيل الأخرى ومنها الموالح، التى يرتفع عليها الطلب فى مثل الظروف الحالية لتعزيزها مناعة الإنسان ضد الفيروسات».
أضاف «البلتاجى»، أن التجار فى القطاع، تأثروا بقرار البنك المركزى وضع حد أقصى للسحب اليومى للعملات، والذى صدر بهدف تخفيف تزاحم المواطنين، كأحد الإجراءات الاحترازية من الفيروس.. وقد تأثروا لعدم قدرتهم على الوفاء بمستحقات الفلاحين.
وأوضح أن القرار تم تعديله بعد صدوره بساعات قليلة.. لكن بالنسبة للشركات، وعدد كبير من التجار، فإنهم لم يستطيعوا دفع مستحقات الفلاحين فى التوقيتات المتفق عليها، وهو ما أثر على وضعهم أثناء زراعة الموسم اللاحق.
وقال أحمد فرحات، رئيس شركة الفيروز للتنمية الزراعية، إن اختلاف الإجراءات من دولة لأخرى، أثر على القطاع التصديرى بصورة واضحة، إذ أغلقت العديد من البلدان، خصوصاً العربية موانئها أمام استيراد المنتجات الزراعية لفترة ما.. والبعض الآخر وضع إجراءات عطلت الدخول أيام طويلة.
ثم تداركت الدول ذلك، ولكن فى وقت متأخر على محاصيل عدة منها الموالح، والتى تراجعت كثيراً الموسم الأخير على مستوى الكميات.
فوفقاً لبيانات وزارة الزراعة انخفضت الصادرات إلى 1.35 مليون طن تقريباً مقابل 1.8 مليون الموسم السابق له.
واضطرت هذه الإجراءات، الشركات إلى إيجاد حلول بديلة للتسويق، ولكن بتكلفة أعلى، وبالتالى تحقيق عوائد أقل على الاستثمار، مع ارتفاع الفاقد من المحاصيل.
وبحسب الدراسة تعتمد مصر على استيراد بعض سلع الغذاء الأساسية، مثل القمح بنسبة %58 والذرة %50 وزيت الطعام %87 والسكر %30 والفول %90 والعدس %99 واللحوم الحمراء %49، فى حين يقل استيرادها فى بعض السلع الأخرى ومنها الدواجن %3 والألبان الطازجة %13 والأسماك %15.
وقال عماد مهدى، صاحب مشاتل الفيروز للتنمية الزراعية، ان القطاع الزراعى يحتاج إلى حوافز اقتصادية قوية فى الفترة المقبلة، على أن يتم وضع سياسات زراعية متطورة وحديثة تساعد الفلاحين على إنتاج محاصيل أكثر جودة لتسويقها بسهولة.
وأوضح أن غالبية الفلاحين يفضلون المحاصيل ذات العائد الاقتصاد المرتفع، خصوصا التى يسهل تسويقها سواء إلى الحكومة أو القطاع الخاص بهدف التصدير.
وحدد «مهدى»، عناصر رئيسية لتنمية الإنتاج الزراعى فى الفترة المقبلة، عبر إعادة النظر فى السياسة الزراعية والتراكيب المحصولية، والتى يجب أن تتوافق مع التغيرات المناخية التى أثرث سلباً على القطاع بجانب «كوفيد19-».
أضاف أن الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا، لم تميز بين المزارع الكبيرة وصغار المزارعين الذين تأثروا بدرجة أكبر من غيرهم فى ظل ضعف الدعم المقدم من الدولة وعدم تفعيل قانونى الزراعة التعاقدية والتكافل الزراعى.
وأشار إلى أهمية إسقاط الديون عن المتعثرين فى القطاع الزراعى خصوصاً الفئات الصغيرة والمتوسطة، أو تخفيضها وجدولة الباقى، مع وضع قاعدة معلومات تفصيلية حول الاحتياجات السنوية من المحاصيل للسوق المحلى والتصدير، ومن ثم الزراعة على هذا الأساس.
وتابع: «قاعدة المعلومات ستجنب الدولة خسائر اقتصادية كثيرة بزراعة محصول متوافر منه كميات كبيرة محلياً من الموسم السابق أو عالمياً، وبالتالى فالعائد الاقتصادى منه سيضعف، وهو ما يؤثر فى النهاية على المزارعين لحصولهم على عوائد ضعيفة وفقاً للعرض والطلب».