السندات السيادية قد تعيد تشكيل مستقبل الاتحاد الأوروبي


اقتباسات:
ستساعد إصدارات الديون السيادية الأوروبية لتمويل صندوق التعافى فى تعزيز دور اليورو كعملة احتياطية
السندات المشتركة ليست العصا السحرية.. بل يتعين مضاعفة الجهود لبناء اتحاد الأسواق الرأسمالية

افتتاحية صحيفة “فاينانشيال تايمز”
قبل 70 عاماً من اتفاق الاتحاد الأوروبي على حزمة صندوق التعافي، كانت الكتلة تأخذ خطواتها الأولى نحو اتحاد نقدي. وبالنظر إلى نقص احتياطيات الدولار لدى الدول الأعضاء حينها، لجأت إلى المقايضة كوسيلة للتبادل التجاري فيما بينها.

واجتمعت دول غرب أوروبا الممزقة من الحرب معا، وشكلت اتحاد مدفوعات أوروبي يسمح لهم بممارسة التجارة من خلال الائتمان وتأجيل مدفوعات الدولار حتى نهاية الشهر.
والآن، ستساعد إصدارات الديون السيادية الأوروبية لتمويل صندوق التعافي في تعزيز الاستقلال المالي للكتلة عن الولايات المتحدة، كما أن لها القدرة على تعزيز دور اليورو كعملة احتياطي من خلال خلق أصل آمن جديد يمكن استخدامه كضمان في أسواق المال.

ويمكنها أيضاً، كسر “الحلقة المفرغة” من اعتماد البنوك على الملاءة المالية لبعض الدول الفردية، وهذا التحول المؤسسي مع الوقت سوف يكون له تأثير أكبر على مستقبل الكتلة الاقتصادي أكثر من صندوق التعافي نفسه.
ويلعب اليورو، دوراً أقل من ثقله بكثير، فبينما تشكل منطقة اليورو حوالي 16% من الدخل العالمي، مقارنة بـ15% للولايات المتحدة، يأتي اليورو في المرتبة الثانية بعد الدولار.
وأظهر تقرير نشره البنك المركزي الأوروبي في 2018 أن اليورو يشكل 20% من الاحتياطيات الأجنبية الدولية، مقارنة بنسبة 62% للدولار، والنسب متشابهة أيضاً فيما يتعلق بالديون الدولية والقروض.
ووضع الدولار كعملة احتياطي، لا يعطي الولايات المتحدة اليد العليا فحسب في السياسة الخارجية، حيث تستخدم وزارة الخارجية العقوبات لمنع الوصول إلى التمويل الدولي – وإنما أيضاً في وضع السياسة الاقتصادية.

وفي أوقات الأزمات تزداد قيمة الدولار، في حين تتراجع عائدات سندات الحكومة الأمريكية، وهو ما قد يجعل الحياة أصعب للمصدرين الأمريكيين، ولكنه أيضاً يعني أن ثمة مخاوف قليلة بشأن الاستدامة المالية أو استيراد التضخم في أوقات الأزمات.
وورث الدولار هذا الدور من نظام “بريتون وودز” لأسعار العملة الثابتة بعد الحرب، ولكنه حافظ عليه بفضل الأسواق الرأسمالية الأمريكية العميقة.

وفي ظل نقص السندات الآمنة المدعومة من المركزي الأوروبي وكذلك المخاوف المتعلقة بأن العملة الموحدة قد تنهار في يوم من الأيام، لم تطور منطقة اليورو أسواقها الرأسمالية لتصل لنفس العمق.

ورغم أن وجود سندات مشتركة مقومة باليورو، سيساعد في حل الكثير من هذه المشكلات، إلا أنها ليست العصا السحرية.. بل يتعين على الاتحاد الأوروبي مضاعفة جهوده لبناء اتحاد الأسواق الرأسمالية.
وثمة العديد من الأسباب التي تدعو للتشكك في أن هذه الاتفاقية الجديدة ستعطي النتيجة المرجوة.

أولاً.. صندوق التعافي مؤقت، ورغم أن الديون المصدرة لتمويله ستظل متداولة لفترة، إلا أنها مصممة على أن تصدر لمرة واحدة بدلاً من أن تستخدم كوسيلة دائمة للإنفاق.

ثانياً.. يعد صندوق التعافي خطة اتحاد أوروبي وليس لمنطقة اليورو فقط.

وازداد الفارق بين الاثنين منذ أن قررت بريطانيا ترك الكتلة كما أن ذلك يزيد من عدم اليقين المؤسسى، وهناك مخاطر تتعلق بالولايات المتحدة أيضا، فالصين تعد دائنها الرئيسي وتمتلك 4% من الديون الأمريكية الحكومية، كما أن الاحتياطيات الأجنبية للصين البالغة 3 تريليونات دولار يعتقد أن غالبيتها مقوم بالدولار وهو ما يرجع في الأساس إلى عدم وجود  بدائل حقيقية للعملة الخضراء، ولكن إصدار سندات مدعومة من الاتحاد الأوروبي قد تغير الحسابات، وهو ما سيجعل الولايات المتحدة أكثر اعتماداً على النية الحسنة لدائنيها سواء الصين أو القطاع الخاص.

ومع ذلك، فإن كل تلك المخاوف هي مخاوف مستقبلية.
ولن تكون الديون “القومية” الجديدة للاتحاد الأوروبي كبيرة عند 750 مليار دولار، أي أن الاقتراض الضروري سيبلغ 5% فقط من الناتج المحلي الإجكالي للكتلة، وهو لن يكون كافياً لتغيير مشهد التمويل الدولي على المدى القصير، ولكن على المدى البعيد يمكن أن يكون ذلك بداية نهاية عملية بدأت منذ 70 عاماً.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2020/07/25/1369425