يبدو أن الواقع السحرى، هو الوقود الذى يشجع عمليات التقييم فى عالم التكنولوجيا، فبعد أقل من عامين من كونها أصبحت أول شركة عامة تقدر قيمتها السوقية بتريليون دولار، وصلت القيمة السوقية لعملاق التكنولوجيا الأمريكى «أبل» إلى 1.6 تريليون دولار، رغم عدم تطابق المبيعات والأرباح مع وتيرة نمو سعر السهم.
ومع ذلك، يبدو أن إمكانية وصول قيمة الشركة إلى 2 تريليون دولار ليس أمراً بعيد المنال، فقد استغرقت «أبل» ما يقرب من 4 عقود للوصول إلى التريليون دولار الأولى، لكن من المحتمل أن تكون عملية الوصول إلى التريليون دولار الثانية أسرع.
واستطاعت شركات التكنولوجيا «أبل» و«أمازون» و«مايكروسوفت» إضافة أكثر من تريليون دولار فى قيمتها السوقية منذ بداية عام 2020، ولكن فى ظل ذلك أصبح من المؤكد أن الجهات التنظيمية القلقة بالفعل بشأن تأثير شركات التكنولوجيا العملاقة بحاجة للنظر فى طفرة سوق الأسهم.
وأثارت نائب رئيس تحرير عمود ليكس فى صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إيلين مور، تساؤلاً حول الأمور التى من شأنها تعطيل سباق تلك الشركات تجاه الـ 2 تريليون دولار، لتدور الإجابة حول إذا ما كان استمرار الركود الاقتصادى وفرض المزيد من الإجراءات التنظيمية القوية لمكافحة الاحتكار.
كان هذان العاملان يقومان بدورهما الأسبوع الماضى، إذ تراجعت أسهم شركة «مايكروسوفت» رغم المبيعات التى فاقت التوقعات بعد أن قامت الشركة بتذكير المستثمرين بالتباطؤ الاقتصادى الناتج عن تفشى وباء «كوفيد-19»، كما فشل النمو فى الحوسبة السحابية، الذى يمنح المستخدمين الوصول إلى القدرة الحاسوبية من خوادم الشركة، فى مطابقة التوقعات المرتفعة.
وأعلن صانع الرقائق الأمريكى «إنتل» عن أرباح فصلية أقوى من المتوقع. ولكن أسهم الشركة تراجعت عندما أعلنت اعتزامها تأخير إطلاق الجيل القادم من الرقائق.
وفى الوقت نفسه، أفادت التقارير بأن «أبل» تواجه تحقيقات بشأن الانتهاكات المحتملة لقانون حماية المستهلك فى العديد من الولايات الأمريكية.. الأمر الذى أثر بشكل سلبى على أسهم صانع هواتف الآيفون.
وبالنظر إلى أهمية التكنولوجيا إلى أسواق الأسهم الأمريكية، يجدر إيلاء الانتباه إلى عدد التحذيرات التى قدمتها شركات التكنولوجيا التى أبلغت عن نتائج جديرة بالتباهي.
فعلى سبيل المثال، أضافت «نتفليكس»، التى أصبحت الآن تطبيق الملايين الأفراد العالقين فى المنزل، 10 ملايين مستخدم جديد إلى قاعدة مستخدميها فى الربع السنوى الأخير، لكنها حذرت من إمكانية انخفاض نمو المشتركين فى الربع القادم إلى 2.5 مليون مستخدم.
بالإضافة إلى ذلك، أضاف تطبيق «سناب شات» ما يصل إلى 35 مليون مستخدم مقارنة بالعام الماضى، حيث سعى المراهقون المعزولون مع آبائهم إلى تحقيق مزيد من التواصل الافتراضى مع أصدقائهم، لكن الشركة الأم «سناب» حذرت من تراجع الطلب بالفعل من ذروة الوباء، وأنها لم تعد تتوقع أن يكون الأمر مربحاً هذا العام.
حتى صانع السيارات الكهربائية «تسلا»، الذى أعلن تسجيله الأرباح للربع الرابع على التوالى، كان عليه الاعتراف بالآثار المترتبة على إيرادات الاعفاءات الضريبية، كما أن سعر سهم الشركات كان ثابتاً على مدار الأسبوع.
ومع ذلك، يعتبر هذا التوقف المؤقت أمراً جيداً بالنسبة للبعض، ويمكن النظر إلى شركة «إير بى إن بي» التى تتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن للسكن فى العالم، والتى تعطلت خططها للطرح العام الأولى نتيجة تفشى الوباء واختارت اقتراض المزيد من الأموال، فى حين لاتزال شركة خاصة، فقد بدت وكأنها عادت إلى المسار الصحيح الخاص بخططها.
ويبدو أن التسارع غير اللائق لشركات التكنولوجيا «أبل» و»مايكروسوفت» و»أمازون»، التى تبلغ قيمتها تريليون دولار، لتصبح قيمتها السوقية تزيد على 1.5 تريليون دولار، ساهم فى تعزيز قطاع التكنولوجيا الأوسع نطاقاً، كما أنه شجع على الإهمال أيضاً.
فالفترة وجيزة بعد مهزلة شركة «وى ورك» العام الماضى، إذ بدا الأمر كما لو أن كل شركة تكنولوجيا ناشئة تقترب من إدراج أسهمها فى البورصة بحاجة إلى أن تكون مربحة أو لديها خطة فعالة لتحقيق ذلك.ولكن فى ظل السباق، انخفضت الهوامش الإجمالية فجأة، ولكنها عادت الآن لتصبح موضع تركيز مرة أخرى.
ومن المقرر أن يُعرض 4 من الرؤساء التنفيذيين الأقوى لعمالقة التكنولوجيا، وهم جيف بيزوس من «أمازون»، ومارك زوكربيرج من «فيسبوك»، وتيم كوك من «أبل»، وساندر بيتشاى من «ألفابيت»، أمام لجنة تابعة لمجلس النواب، وبإمكانهم توقع مواجهة أسئلة مصممة لإشعارهم بالتوتر، ومع ذلك، لا يزال السباق إلى الـ 2 تريليون دولار مستمراً، لكن بعد أشهر من الفائض.