توصلت الأرجنتين إلى اتفاق مع دائنيها حول شروط إعادة هيكلة الديون البالغة 65 مليار دولار، بعد محادثات طويلة بدت في بعض الأحيان وكأنها قريبة من الانهيار منذ تخلف البلاد عن سداد الديون للمرة التاسعة في مايو.
وقالت الحكومة الأرجنتينة، في بيان صدر اليوم الثلاثاء، إن الاتفاقية ستسمح لأعضاء مجموعات الدائنين وأصحاب الأسهم الآخرين بدعم اقتراح إعادة هيكلة الديون ومنح الأرجنتين قدرا كبيرا من التخفيف من أعباء الديون.
وإذا حصلت البلاد على موافقة من عدد كاف من المستثمرين، فإن الصفقة تعني أن الأرجنتين بإمكانها تجنب سنوات استبعاد محتملة من أسواق رأس المال كما حدث بعد تخلفها عن سداد الديون في عام 2001، مما آثار معركة قانونية شرسة مع ما يسمى حملة السندات المماطلين والتي لم يتم حلها حتى عام 2016.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن هناك مجموعات مختلفة من حملة السندات تفاوضت مع بوينس آيرس، منذ تولي الرئيس اليساري ألبرتو فرنانديز مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي، حيث سعى في البداية إلى تخفيف أعباء الديون بشكل أكبر بكثير مما كان الدائنون مستعدين للقبول به.
رفض وزير الاقتصاد الأرجنتيني مارتين جوزمان أحدث المقترحات المقدمة من بعض حاملي السندات، بحجة أنهم سيعرضون المجتمع الأرجنتيني لمزيد من الضغوط، لكنه وافق منذ ذلك الحين على سداد بعض مدفوعات الديون في وقت أقرب مما كان متوقعا.
وبموجب الاتفاقية، ستقوم الأرجنتين بتعديل بنود السندات الجديدة التي ستحل محل تلك القديمة المتعثرة، فضلا عن تعديل بعض تواريخ الدفع للسندات الجديدة دون زيادة المبلغ الإجمالي للمدفوعات الرئيسية أو مدفوعات الفائدة التي تلتزم الأرجنتين بها.
وسيظل حاملو السندات بحاجة إلى التصويت على الصفقة، مع وجود خطر يتمثل في أن البعض ما زال يقرر استخدام حق النقض ضد الاتفاقية الأخيرة وإفشال عملية إعادة هيكلة الديون.
وبافتراض الموافقة، تفتح الاتفاقية فصلا جديدا في مفاوضات الديون، حيث ستدخل الأرجنتين الآن محادثات مع صندوق النقد الدولي لتأخير سداد الديون المستحقة في الفترة بين عامى 2021 و23، بعد أن حصلت على قرض بقيمة 44 مليار دولار منذ أزمة العملة في 2018، بينما تتجنب البلاد إجراءات التقشف القاسية.
وستسمح تلك الاتفاقية للحكومة أيضا بالتركيز على إصلاح بقية مشاكل الاقتصاد العديدة، والتي تشمل معاناتها من واحدة من أعلى معدلات التضخم في العالم وضوابط رأس المال التي أدت إلى المبالغة في سعر الصرف الرسمي، فضلا عن ركودها الاقتصادي.
كانت الدولة الأمريكية اللاتينية تعاني بالفعل من ركود عميق وارتفاع أعباء الديون، عندما اندلعت أزمة كوفيد-19، مما دفع الاقتصاد إلى حالة من الفوضى وزاد من مستوى التعقيد مع حملة السندات.
وقال سيباستيان روندو، الاستراتيجي لدى بنك أوف أمريكا، في مذكرة، إن الأرجنتين حققت أداء جيدا نسبيا في التعامل مع فيروس كورونا مقارنة بأمريكا اللاتينية بشكل عام، حيث اتخذت إجراءات إغلاق مبكرة وصارمة، رغم أن التكاليف الاقتصادية لهذه الإجراءات كانت كبيرة.
ويتوقع روندو الآن انكماش اقتصاد الأرجنتين بنسبة 13.5% في عام 2020، مقارنة بالتوقعات السابقة التي تشير إلى انخفاض بنسبة 11.3%.