%96 تراجعاً فى حركة المسافرين بـ 44 ميناءً جوياً
فى استطلاعات للرأى أجريت حول أفضل المطارات فى العالم، صُنف مطار شانغى الدولى فى سنغافورة بانتظام بالقرب من القمة، إذ أضاف المطار العام الماضى جوهرة شانغى ومجمعاً مستقبلياً يضم 1.5 مليون قدم مربع من المتاجر وأماكن الجذب، بما فى ذلك مساحات شاسعة من النباتات الخضراء وأطول شلال داخلى فى العالم.
كانت الحكومة السنغافورية تخطط هذا العام للبدء فى اختيار مقاولين للعمل فى مبنى خامس ضخم لزيادة السعة السنوية بنسبة 55% لتصل إلى 140 مليون مسافر.
لكن جائحة فيروس كورونا، تفشت فى العالم وتسببت فى تراجع حركة المرور فى المطار، الذى طالما كان مركزاً مفضلاً لرجال الأعمال المسافرين حول العالم، بأكثر من 99% فى أبريل ومايو ويونيو مقارنة بالعام السابق، وتعثرت أعمال المطار وتعطلت خطط بناء المحطة الإضافية.
فى مطارات العالم بأسره، دمر الوباء نموذج أعمال يعتمد على التدفق المستمر لشركات الطيران وركابها، لذلك يحاول المشغلون العالقون فى مبانى بلا حياة ابتكار طرق جديدة لتوليد الدخل.
ويشجع مطار شانغى السنغافوريين، الذين لا يسافرون، للتسوق المعفى من الضرائب لدى تجار التجزئة المتعثرين فى المطار، كما أنها تبيع برامج دخول لمدة 3 أشهر إلى «جوهرة شانغى»، وفقاً لمجلة «بلومبرج بزنس ويك» التابعة لوكالة أنباء «بلومبرج».
وبالنسبة للمطارات الأخرى، هناك طرق جديدة لجنى المال، مثل تحويل ساحات الانتظار إلى دور عرض سينمائى بالسيارات أو الأراضى غير المستخدمة إلى حقول للطاقة المتجددة.
وقال ماكس هيرش، الزميل الباحث فى جامعة هونج كونج والمدير الإدارى لدى أكاديمية مدينة المطار، التى تقدم دورات تدريبية للمسئولين التنفيذيين فى المطارات، إن كوفيد19- لقنت المطارات درساً يتعلق بحاجتها لتنويع مصادر إيراداتها، وبالتالى أصبح يتعين عليها اكتشاف طرق مختلفة لكسب المال.
وقال إنه تغيير صارخ عن عصر ما قبل الوباء، عندما كانت شركات الطيران فى أمس الحاجة إلى المزيد من المدرجات والبوابات والمحطات للحفاظ على طفرة الطيران العالمية، لكن الآن أدت المخاوف من انتشار الأوبئة وحظر السفر إلى توقف الاهتمام بالسفر الجوى وتوقف الكثير من الأعمال التجارية والسفر الدولى، الذى يعتبر أكثر أنواع السفر ربحاً بالنسبة لشركات الطيران والمطارات على حد سواء.
وأعلنت شركة «فينيتشى» الفرنسية، التى تدير مطار جاتويك فى لندن و44 مطاراً آخر فى آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة، انخفاضا بنسبة 96% فى حركة المسافرين فى الربع الثانى، بينما تكبدت شركة «Japan Airport Terminal»، التى تدير مطار طوكيو هانيدا الدولى، خسائر تشغيلية قدرت بنحو 17.5 مليار ين ما يقابل 165 مليون دولار» فى الربع الثالث، بجانب انخفاض الإيرادات بنسبة 87%.
ويتوقع اتحاد النقل الجوى الدولى خسائر بقيمة 100 مليار دولار فى صناعة الطيران بحلول العام المقبل، مع عدم عودة حركة الطيران إلى ما كانت عليه قبل تفشى الوباء حتى عام 2024.
والأسوأ من ذلك، احتمالية عدم تعافى حركة المرور الدولية قبل عام 2027، كما قال فيليب باسكال، المدير التنفيذى للشئون المالية والاستراتيجية والإدارية لدى مطار باريس شارل ديجول الدولى، فى مكالمة مع المحللين بتاريخ 28 يوليو.
وتعتقد ميريام ويدمان، المحاضرة والباحثة فى مجال الطيران بجامعة جنوب أستراليا، ضرورة بقاء المرافق مفتوحة للأعمال التجارية، رغم اختفاء عملائها إلى حد كبير، مضيفة: «لا يمكن لأى حكومة أن تسمح بإغلاق المركز، كما أن فكرة إغلاق مطار رئيسى تعتبر أمراً لا يمكن تصوره».
ويطالب المشغلون الكبار بالحصول على المساعدة من الدائنين، فقد قالت شركة «هيثرو إيربورت هولدينجز»، فى 9 يوليو الماضى، إنها حصلت على إعفاء من سداد ديونها حتى عام 2021، كما طلبت شركة «فرابورت»، التى تدير مطار فرانكفورت، المساعدة من المقرضين.
وتواجه أكبر 10 مطارات فى الولايات المتحدة مدفوعات على شكل فوائد وأصول يصل إجمالى قيمتها إلى 14 مليار دولار تقريباً بحلول عام 2022، وفقاً لوحدة «بلومبرج إنتلجينس».
لتوفير المال، تقوم العديد من الشركات بتسريح العمالة أو إغلاق المرافق، فقد قالت الشركة المشغلة لمطار كوبنهاجن، فى 5 أغسطس الجارى، إنها تعتزم خفض 25% من قوتها العاملة البالغ عدد أفرادها 2600 شخص وخفض التكاليف بمقدار 325 مليون كرونة دانمركية «أى 51 مليون دولار».
وأعلنت شركة «Corporación América Airports»، الشهر الماضى، اعتزامها غلق مطار خورخى نيوبرى، أحد المطارات التى تخدم بوينس آيرس، بشكل مؤقت لمدة 4 أشهر تقريباً للقيام بأعمال التجديد والتوسيع.
وهناك أيضاً إمكانية للحصول على المساعدة الحكومية، فقد تضمن قانون الرعاية فى الولايات المتحدة ما يصل إلى 10 مليارات دولار التى وجهت فى الغالب إلى المطارات الإقليمية والتجارية، كما اقترح الجمهوريون فى مفاوضات الجولة التالية لتجديد حزمة التحفيز 10 مليارات دولار أخرى، معظمها موجه للمجمعات الكبيرة.
وتراهن بعض الحكومات الآسيوية على انتهاء الوباء بحلول الوقت الذى تنتهى فيه مشاريع التوسع، فمن المقرر افتتاح المرحلة الأولى من مشروع جنوب بانكوك، البالغ قيمته 9.4 مليار دولار، فى تايلاند بحلول عام 2024، كما تنفق هونج كونج ما يصل إلى 18 مليار دولار لتوسيع مطارها، وتواصل الصين وكوريا الجنوبية وفيتنام مشاريع البناء المكلفة أيضاً.
ويعتقد جريج فوردهام، المدير الإدارى لشركة «Airbiz» الاستشارية العاملة فى مشاريع المطارات فى بروكسل ودبى وهونج كونج وسنغافورة، ومقرها ملبورن، أن المطارات بحاجة لإعادة تقييم كيفية جنى الأموال، عندما يعود الركاب إليها مرة أخرى، حيث يمكن أن تشمل هذه العملية ترتيب الفنادق لأطقم الطائرات وتزويد الركاب مباشرة بكل شىء من الأكل الفاخر إلى العلاجات الصحية.
وأوضح فوردهام، أن الأزمة تعتبر فرصة عظيمة للمطارات للانخراط فى أشياء لم تكن موجودة فى الماضى، لكن فى الوقت الراهن، تركز المطارات على تعديل عملياتها للتعامل مع حقائق السفر فى عصر الوباء.