«أبل» شركة كان من المفترض أن تكون أفضل أيامها قد ولت، وقال المستثمر، كارل إيكان، إنها من الشركات التى تحدث فى كل قرن مرتين، لكن ذلك لم يمنعه من بيع جميع أسهمه منذ 4 سنوات بسبب المخاوف من وضع الشركة فى الصين.
حينها، كانت القيمة السوقية لـ»أبل» ، أقل من 600 مليار دولار، ويوم الأربعاء الماضي، وصلت قيمتها السوقية إلى 2 تريليون دولار، لتكون أول شركة غير حكومية تصل لتلك القيمة السوقية، وهى محطة مهمة فى مسيرة الشركة.
وتصبح أكثر أهمية بسبب حقيقة أن التريليون الثانى تمت إضافته فى الـ21 أسبوعاً الماضية فقط – أصبحت «أبل» أول شركة تصل قيمتها لتريليون دولار فى 2018 – ومعظم هذا الارتفاع يمكن إرجاعه إلى الرياح المواتية التالية:
أظهر المستثمرون شهية كبيرة لسهم الشركة عندما أغلقت الاقتصادات نتيجة لفيروس كورونا، وتحول العالم إلى قطاع التكنولوجيا لكى يظل متصلاً.
وبجانب «أبل» كانت أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة الأخرى ومنها «أمازون» و»فيسبوك» من بين الرابحين فى هذه الأزمة، كما أنهم الأسباب الرئيسية لوصول مؤشر «ستاندرد آند بورز 500 «لأعلى مستوى على الإطلاق يوم الثلاثاء الماضي.
ومع ذلك، كان إيكان محقاً بشأن الحالة الخاصة لشركة «أبل»، فالمنتجات التى تقوم عليها – حاسب ماك الشخصى، والآى بود، والآى فون، والآى باد، وعالم أعمال الخدمات الحالى – هى منتجات استهلاكية ومهمة بمقدار سيارة فورد موديل «تى» والتلفاز.
ومن الصعب المبالغة فيما حققته الشركة بهاتف الآى فون، وهو الجهاز الذى أطلق ثورة الحوسبة الهاتفية.
كما أنها لطالما تحدت قوانين قطاع التكنولوجيا، إذ تشهد المنتجات المتميزة تآكلاً عنيفاً فى هوامش الربح مع نضوجها، ويأخذ المنافسون الأرخص مكانهم فى المقدمة.
أما «أبل» فقد تمكنت من إنتاج إصدارات أكثر تكلفة دون أن تشهد انخفاضاً فى الطلب، وهو إنجاز هائل بالنظر إلى المنافسين التكنولوجيين الأقوياء الذين يبذلون قصارى جهدهم للاستيلاء على عرش أبل.
كما أن نجاح أبل، فى السنوات الأخيرة ينهى تشكيك البعض فى قدرة تيم كوك على مضاهاة إرث الراحل ستيف جوبز، وقد لا يكون كوك قد ابتكر شيئاً يضاهى الآى فون، ولكنه وسع منصة الهاتف إلى أجهزة قابلة للارتداء وخدمات، وهو ما منح العلامة التجارية لأبل ثقلاً، وربط عملائها بتكنولوجياتها بشكل أوثق.
ودخول أبل عالم الخدمات، يوفر لها إيرادات ثابتة من 550 مليون مستخدم يدفعون مقابل هذه الخدمات، ويعطى الشركة أرباحاً سهلة، ويمكنها من الاعتماد بقدر أقل على دورة تحديث هاتف الآى فون.
ولكن ثمة أسباب تدعو للحذر. فنسبة السعر إلى ربحية سهم «أبل» – التى تعد أعلى بمقدار 35 مرة عن مستواها فى 2007 – تشير إلى أن تقييم الشركة قد يكون مبالغاً فيه.
كما تلوح فى الأفق قواعد تنظيمية أشد وسط المخاوف المتنامية بشأن الهيمنة المتزايد لشركات التكنولوجيا الكبيرة، فى ظل إشارة البعض إلى أن هذه الشركات يتعين عليها الخضوع لنفس الأعباء التنظيمية التى تخضع لها الشركات التقليدية المدرجة فى البورصات.
وجدير بالملاحظة فى جلسة الاستماع التى عقدت فى الكونجرس لـ4 من المدراء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الكبيرة، بمن فيهم تيم كوك، وجد هؤلاء أنفسهم تحت هجوم جميع الأطراف السياسية، كما تخضع الشركة كذلك للانتقاد بشأن ممارسة استقطاع %30 من إيرادات التطبيقات المتاحة على متجر تطبيقاتها.
كما يلوح تحدى الصين بقوة فى الأفق، والتى تعد سوقاً كبيرة لأبل من حيث حجم المبيعات وكقاعدة إنتاج، وقد تضرها الحرب التجارية المتصاعدة مع الصين.
وبالطبع يعد التساؤل الذى يقدر بـ3 تريليونات دولار، وهو «ماذا بعد؟»
فقد نجحت «أبل» فى تحدى الهيكل التقليدى للأعمال الرائدة وابتكار منتجات تولد أرباحاً أعلى من المتوسط حتى يلحق بها باقى المجال، وسيكون العالم مكان أكثر فقراً إذا فقدت «أبل» فى السنوات الـ10 المقبلة، الذوق الذى وضعها فى قلب الحياة الرقمية لأكثر من مليار شخص.
بقلم: افتتاحية صحيفة «فاينانشيال تايمز»
إعداد: رحمة عبد العزيز