على مدار قرون، شعرت الدول الأوروبية بأنها تستحق الهيمنة على العالم بسبب معتقداتها بأفضليتها العرقية والعسكرية والاقتصادية.
وفى العصور الحديثة، يسيء الاتحاد الأوروبى استخدام حق الأفضلية ويشن حرباً اقتصادية ضد العديد من مستعمراته السابقة تحت مسمى حرب النزاهة المالية، بشكل أكثر تحديداً، تقوم الكتلة بتسليح قواعد التجنب الضريبى وغسل الأموال، ورغم أن الهدف المعلن شرعى، فإن «القائمة السوداء» للاتحاد الأوروبى وقائمة «البلدان الثالثة عالية الخطورة» تتحيز بشدة ضد الدول الأصغر، والتى أغلب سكانها من غير البيض لتجعل من الصعب عليهم التنافس اقتصادياً.
وفى الأساس يتخذ الاتحاد الأوروبى قراراً بالدفاع عن حكوماته مرتفعة الضرائب ومرتفعة الإنفاق العام من المنافسة من الدول التى تقوم بالأمرين على نطاق أقل، ولكنه لا يقول ذلك صراحة، وبدلاً من ذلك تستخدم الكتلة الضرائب والمتطلبات المناهضة لغسل الأموال بطرق تتسم بالتحيز.
أولاً، تعفى قوانين الاتحاد الأوروبى بشأن غسل الأموال الدول الأعضاء من قوائمها، رغم الدلائل على عدم التزام الدول الأعضاء بمعاييرهم وقوانينهم الخاصة، وعلى سبيل المثال، قدرت دراسة هولندية فى 219 أن 13 مليار يورو يتم غسلها عبر هولندا كل عام، كما ان القائمة السوداء الأوروبية للملاذات الضريبية تعفى المناطق منخفضة الضرائب الأوروبية مثل المجر وأيرلندا، رغم أن البرلمان الأوروبى قال إن لديهم خصائص الملاذات الضريبية.
وفى أكتوبرالماضى، أضاف الاتحاد الأوروبى جزر الباهاماس وباربادوس وبوتسوانا وغانا وجمايكا وكامبوديا وموريشيوس ومانغوليا وميانمار ونيكارجوا وبنما وزيمبابوى لقائمة «دول العالم الثالث عالية المخاطر» لأسباب غسل الأموال، أما الدول الأخرى على القائمة فهى أفغانستان والعراق وباكستان وسوريا وتريناند آند توباجو وأوغندا وفانواتا واليمن.
ولا يوجد دولة من الدول على القائمة الحالية يهيمن عليها السكان البيض، كما أنهم جميعهم تقريباً كانوا مستعمرات أوروبية سابقة.
وفى الوقت نفسه، قال الاتحاد الأوروبى القليل بشأن الدول التى يسكنها البيض، والتى تستخدم لتبييض الأموال بما فى ذلك جبل طارق وبريطانيا وروسيا وأمريكا، ولا يبدو أنها تهتم بالدول القوية التى تم اتهامها بتمويل الإرهاب.
وتعد خيارات الاتحاد الأوروبى مشكوك فيها بشكل متزايد لأنها لا تتماشى مع خيارات الخبراء العالميين بشأن مجهودات مكافحة غسل الأموال وتجنب الضرائب، وهناك 4 دول فى قائمة الاتحاد الأوروبى للمخاطر العالية لغسل الأموال وهى أفغانستان والعراق وفانواتو وتريناند آند توباجو – تعتبر الآن ملتزمة بقواعد مكافحة غسل الأموال من قبل مجموعة العمل المالى ولا تخضع حالياً للمراقبة، وفى الوقت نفسه هناك منطقتان أيضاً على القائمة السوداء للضرائب الأوروبية وهنا جزر الكايمان وساموا الأمريكية تصنفان بـ”ملتزمون بقدر كبير» من قبل منظمة ال?عاون الاقتصادى والتنمية، والتى كانت تنظم حملة ضريبية عالمية، وبدلاً من ذلك، يستخدم الاتحاد الأوروبى معاييره الخاصة فى قوائمه.
وبدلاً من الشكوى بشأن الدول الصغيرة يتعين على الاتحاد الأوروبى النظر للداخل، فأسعار الضريبة الأوروبية على الشركات، والتى تتراوح من %9 فى المجر إلى %34 فى فرنسا أعلى من المتوسط العالمى كما أنها تمول الإنفاق الحكومى الإضافى، كما أن نسبة الديون إلى الناتج المحلى الإجمالى فى الاتحاد الأوروبى تزيد بنسبة %30 تقريباً عن متوسط الدول التى تضمها قائمته السوداء، وعلاوة على ذلك يبلغ متوسط الإنفاق الحكومى للكتلة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى حوالى %15.
وكان يمكن للاتحاد الأوروبى أن يصبح أكثر تنافسية عالميا من خلال تطبيق القيود المالية وخفض معدلات الضريبة، وبدلاً من ذلك يحاول قتل البدائل من خلال إدراج الدول غير الأوروبية فى «قائمة سوداء»، والتى تقوم بكل بساطة باستخدام حقها السيادى فى وضع ضرائب «منخفضة للغاية» على الشركات.
وتجاوز الاتحاد الأوروبية سلطته من خلال هذا الموقف المتحيز والمناهض للتنافسية، وسلح قواعد مكافحة غسيل الأموال والتهرب الضريبى التى يفرضها على المستعمرات السابقة وحان الوقت لإنهاء تلك الحرب الاقتصادية غير المقبولة بالمرة.
بقلم: مارلا دوخران، خبيرة اقتصادية بشأن منطقة الكاريبي لدى “فاينانشيال تايمز”
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”