قال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أن الحكومة حريصة على عرض أبعاد قضية التصالح فى مخالفات البناء للتعامل مع هذه الظاهرة المهمة.
وأضاف مدبولى خلال مؤتمر صحفى بمجلس الوزراء؛ أن البناء العشوائى بدأ فى مصر منذ عقد السبعينات نتيجة لتزايد النمو السكانى وعدم القدرة الاقتصادية للدولة على توفير البديل المناسب من السكن والأراضى للمواطنين الذين بدأوا فى البناء الذاتى على الأراضى الزراعية.
وقال رئيس الوزراء أن الظروف الاقتصادية والسياسة التى كانت تواجهها الدولة فى المرحلة السابقة كانت تؤدى لغض الطرف عن المخالفات وفى بعض المواسم الانتخابية كانت تصدر قرارات لتوصيل المرافق وتبسيط الإجراءات وأصبحت لدينا ثقافة أن البناء المخالف هو النمط السائد.
وأشار أن البناء العشوائى يمثل 50% من القرى والمدن المصرية ومنذ منتصف الثمانينات يمثل النمو العشوائى أكثر من 70% من حجم البناء.
ولفت أن البناء المخالف أدى لزيادة الامتداد العشوائى فى القرى بشكل “متبعثر” وغير متدرج وأدى لزيادة انتشار العزب والتوابع، أنه منذ عام 1980 فقدنا أكثر من 400 ألف فدان ومن 2011 حتى الآن فقدنا نحو 90 ألف فدان.
وقال رئيس الوزراء أن تكلفة استصلاح الفدان تتراوح من 150 إلى 200 ألف جنيه.. وتكلفة استصلاح أرض مماثلة للمساحة التى فقدناها فى العشر سنوات الماضية تصل 18 مليار جنيه.
وأضاف مدبولى أن لدولة “تلهث” لتوصيل الخدمات والمرافق للمبانى المخالفة بتكلفة مرتفعة منها نزع ملكية أراضى لتوفر مدارس ووحدات صحية ومحطات مياه وصرف، مشيرا أنه فى 2014 بدأنا مشروع توصيل الصرف الصحى لكل القرى وكان حجم التغطية لا يتجاوز 12% وتكلفة المشروعات 180 مليار جنيه.. وارتفعت نسبة التغطية بالصرف حاليا إلى 40% ولكن مع الانتشار العشوائى تتضاعف التكلفة لتصل إلى 300 مليار جنيه للمساحات الحالية.
وأشار أن بناء الأبراج فى المدن أدى لكتل متلاصقة من الطوب الأحمر لا نعرف كيفية تطويرها أو توفير الخدمات فى ظل عدم وجود أراضى لبناء مستشفيات ومدارس.. ونضطر لإزالة عشرات العقارات لمجرد فتح محور مرورى،
ولفت أن أحياء القاهرة مثل الدقى ومدينة نصر ومصر الجديدة كانت مخططة بطريقة سليمة ولكن بدأ هدم المبانى وبناء أبراج بارتفاعات تصل 12 دور بدلا من 4 أدوار.. وقدرات شبكات المرافق أصبحت محملة بضغوط هائلة لاستيعاب أضعاف عدد السكان.
وقال رئيس الوزراء أنه فى 2015 كنا نعانى من مشكلة ضعف المياه فى العاصمة ونفذنا محطات لخدمة المبانى المخالفة لفترة تصل 10 سنوات.. ولكن خلال 3 سنوات عادت ظاهرة ضعف المياه بسبب استمرار البناء المخالف.
وأضاف أنه فى منتصف التسعينات صدر قرار من الحاكم العسكرى لمنع البناء على الأراضى الزراعية ولكن لم يتم الاستجابة.. ولجأنا لتقنين الامتدادات العمرانية منذ عام 2008 وصدرت أحوزة عمرانية لكل المدن والقرى والتوابع وتم إضافة 160 ألف فدان لاستيعاب الزيادة السكانية لمدة 20 عاما تستوعب 24 مليون نسمة.
وأشار أن المواطن لا يلتزم بالأحوزة العمرانية ويريد البناء على أرضه بصرف النظر عن موقعها.. وحجم الإشغال فى الحيز العمرانى الحالى لا يتجاوز 20% وف نفس الوقت العزب والكفرو تنمو خارج هذا الحيز.
وقال رئيس الوزراء أن قانون التصالح على مخالفات البناء صدر فى إبريل 2019 للتصالح على مخالفات قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 والذى ينص على عدم التصالح على أى مخالفة، ولفت أن عدد الطلبات التى تم تقديمها عند صدور قانون التصالح لم يكن كافى مقارنة بأعداد المخالفات ما أدى لإعادة النظر فى القانون سواء فى الحكومة أو مجلس النواب ليصدر التعديل فى يناير 2020 لتبسيط إجراءات التصالح.
وأضاف مدبولى أن تعديل قانون التصالح فتح المجال لتقنين عدد كبير من المخالفات وتقسيط قيمة التصالح على أقساط بدون فوائد والتظلم من عدم قبول طلب التصالح أو القيمة المالية وتيسير تقديم المستندات والاكتفاء بشهادة هندسية من مهندس نقابى دون الحاجة للاعتماد من نقابة المهندسين، مشيرا أن قانون التصالح ليس إجراء عقابى ولكن يخدم المواطنين الذين استثمروا جزء من أموالهم لشراء عقارات والدولة تصبح ملتزمة بتوصيل المرافق بطريقة رسمية.
وأكد مدبولى أنه بمجرد التصالح ترتفع القيمة العقارية للمبنى بشكل مضاعف.. و”اللى كان يسوى قرش هيبقى بخمسة وستة وسبعة”.. ويمكن البيع بشكل قانونى أو الاقتراض من البنوك.
ونوه مدبولى أن الدولة مصرة على وقف نزيف النمو العشوائى للبناء.. ونشهد زيادة فى عدد طلبات التصالح.
وأضاف أنه الحكومة لديها شكاوى من كثرة عدد المستندات المطلوبة للتصالح ورفض استلام الطلبات وارتفاع القيمة المالية للتصالح فى بعض المناطق رغم أنها ليست “جزافية” ولكن مع تكرر الشكاوى كان هناك توجيه مستمر للمحافظين بمراعاة البعد الاجتماعى ومراجعة التقديرات الأولية لقيمة التصالح ومن الوارد أن تكون هناك مناطق شديدة التميز من الناحية الجغرافية ولكن يسكنها مواطنين بسطاء لا يملكون قدرة مالية على التصالح.. وتم تخفيض سعر المتر المربع بنسبة من 10 إلى 55%.
وقال رئيس الوزراء أننا نواجه إشكالية من يتقدم بطلب التصالح وفى الأغلب الأحيان المالك هو الشاغل.. ولكن ظاهرة “الكحول” أدت لاختفاء المالك الأصلى والقانون سمح لشاغل الوحدة بالتقدم للتصالح والاستفادة من مزايا التصالح وتقنين وضع الوحدة السكنية.
وأضاف أنه سيتم إصدار شهادة ورقم قومى لكل الشقق والعقارات السكنية ولن يتاح تداول أى شقة أو عقار دون إصدار هذه الشهادة.
وقال أنه تم تكليف الإدارات المحلية وأجهزة المدن الجديدة باستلام جميع طلبات التصالح حتى لو كانت غير مكتملة وتسليم المواطن “نموذج 3” لوقف أى إجراءات يمكن أن تتخذ ضد المخالفة لحين إنهاء إجراءات التصالح.
وأضاف أنه توجد فترة سماح لمدة شهرين لاستكمال إجراءات التصالح بشرط تقديم طلب التصالح للوحدات المحلية وأجهزة المدن الجديدة.
وأكد مدبولى أنه تم تكليف المحافظين بمراجعة القيمة المالية للتصالح لتيسير الإجراءات على المواطنين ومن سبق له السداد فى السابق سيستفيد من التخفيض.
وختم رئيس مجلس الوزراء أنه حان الوقت لوقف نزيف البناء والبدء فى النمو العمرانى الصحى والسليم، والدولة ستواجه بمنتهى الحسم أى محاولات جديدة للبناء العشوائى وغير الرسمى على أراضى الدولة أو الأراضى الزراعية.. ولدينا توجيه رئاسى بالإسراع بإصدار اشتراطات البناء فى المدن خلال 6 أشهر لتنظيم عملية البناء، والرخصة ستكون بمثابة عقد مشترك بين المواطن والدولة يحدد الحقوق والواجبات.