عندما يتحدث أكبر رأس في القطاع المصرفي على الجميع أن ينصت ويستمع للغة الأرقام عما تتحدث لأنها لا تكذب وتضع الحقائق والأمور في نصابها الطبيعي.
استوقفني حوار محافظ البنك المركزي طارق عامر مؤخراً مع إحدى الفضائيات المصرية الخاصة، والذي أكد فيه أن القطاع المصرفي ظهير قوي وسند للدولة المصرية وصمام أمان لجميع طموحات وآمال الإدارة السياسية للبلاد، وخطط إصلاح الدولة، وأثبتت الأرقام كيف ساهم القطاع المصرفي المصري في نجاح البرنامج الاقتصادي للحكومة.
وهنا استعرض معكم بعض أهم النقاط التي استوقفتني في حديثه بداية من لحظة تكليفه وتشريفه بمنصب محافظ البنك المركزي، حيث عمل منذ اللحظة الأولى ورفاقه على وضع خطة لتدارك الموقف آنذاك، وكانت نسبة نجاحها ضئيلة، تصل إلى 30% وجاء نجاحها الباهر والذي أبهر العالم كله بشهادة جميع المؤسسات المالية والنقدية الدولية خلال الفترة الماضية نتيجة تفهم القيادة السياسية لطبيعة الإجراءات المتخذة، في إشارة لقرار التعويم الصادر في نوفمبر 2016.
وعلى الرغم مما واجهه قرار التعويم وبعض إجراءات الإصلاح من مقاومة نتيجة تخوف البعض من هذه الإجراءات حيث كان يملك المركزي وقتها حوالي 800 مليون دولار احتياطي تلك الفترة في الوقت الذي كان يتم استيراد وقود فقط بقيمة مليار دولار، بالإضافة إلى استيراد اللحوم بقيمة مليار دولار، والذرة بقيمة ملياري دولار.
والرقم الثاني 413 مليار دولار دخلت إلى مصر من الأسواق الدولية، ونشاط الصادرات، وتحويلات العاملين بالخارج، وذلك خلال السنوات الماضية، وتحديدًا خلال فترة الرئيس السيسي منهم 260 صندوقاً استثمارياً دولياً، 60% منهم من الولايات المتحدة الأمريكية والباقي من أوروبا،
وهم مستثمرين بالفعل في السوق المصرى جاءت نتيجة ثقتهم في القيادة السياسية للبلاد ودعمها للسياسات النقدية واستقلاليتها في اتخاذ القرار وثقتها في العملة المصرية «الجنيه المصري»، حيث بلغ قيمة شراء هذه الصناديق خلال الفترات الماضية 18 مليار دولار وأصبحت مصر لديها رصيد كبير في سوق الصناديق الدولية، وطرحت خلال الفترة الماضة سندات بقيمة 23 مليار دولار وأصبح الآن من السهولة إحضار الدولار بكل سهولة، نظرًا لثقة البنوك والمستثمرين بالسوق المصرى.
الرقم الثالث نجاح مصر في سداد الأموال للمستثمرين الأجانب وضخ أخرى في الأسواق بقيمة 35 مليار دولار خلال أزمة كورونا، وكيف أن دفع هذه الأموال لم ينتج عنه أي ارتفاعات في أسعار السلع والمنتجات، ونجاح مصر في إثبات قدرتها على تحمل تداعيات كورونا في الوقت الذي قامت دولا كبرى بخفض قيمة عملاتها بنسبة تتراوح ما بين 20 و30%، باستثناء الجنيه المصري الذي شهد ارتفاعا بنسبة 1.4% منذ بداية العام وحتى الآن.
الرقم الرابع تريليون جنيه أقساط القروض المؤجلة، حيث جاء قرار تأجيل المستحقات الائتمانية من أصعب القرارات التي تم اتخاذها من البنك المركزي، ولم يتخذ قراراً مثله من قبل، مدعوماً من القطاع المصرفي الذي قدم تضحية كبيرة بتأجيل تحصيل هذه المستحقات من أجل جميع فئات المجتمع ورفع الأعباء عنهم ومساندة القيادة السياسية.
الرقم الخامس رفع مبادرة تمويل القطاع الخاص إلى 200 مليار جنيه، حيث كشف طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، أنه تقرر مضاعفة المبلغ المرصود لمبادرة تمويل القطاع الخاص الصناعي والزارعي والمقاولات، إلى 200 مليار جنيه، بدلاً من 100 مليار جنيه بناءً على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيادة الدعم المقدم لشركات القطاع الخاص، وبموجبها تمنح مبادرة القطاع الخاص الصناعي والزراعي والمقاولات، تمويل بعائد 8% على الرصيد المتناقص، وضم البنك المركزي الشركات الكبرى لمظلة المبادرة في أبريل الماضي، لتخفيف الضغوط والأعباء التمويلية عن الشركات في ظل تداعيات أزمة كورونا.
الرقم السادس إعفاء المصانع والشركات المتعثرة من ديون تقدر بنحو 40 مليار جنيه حيث نجح المركزي في إعفاء المصانع والشركات المتعثرة، من تلك الديون لتلعب البنوك دوراً جوهرياً في مساندة القطاع الخاص لتعزيز عمليات التشغيل للمساهمة بقوة في الاقتصاد المصري، ولتوظيف العديد من العمالة.
والرقم السابع والأخير 18 مليار جنيه دعماً للبنك الزراعي، و3 مليارات لتمويل الري الحديث وجاء دعم البنك الزراعي لمساعدته على تغيير ثوبه الجديد وإعادة هيكلته بما يحقق استفادة أكثر لخدمة الفلاح المصري، ليصبح خلال 3 أو 4 سنوات مقبلة من أكبر البنوك العاملة في مصر، بالإضافة إلى تمويل منظومة الري الحديث بقيمة 3 مليارات جنيه، كمرحلة أولى.
من كل تلك الأرقام والشفافية في الإفصاح عنها رسالة للعالم كله بأن مصر دولة قوية واعية ولا تتأثر بمثل تلك الصدمات والأزمات لقوة ومتانة القطاع المصرفي، الذي يعد صمام أمان للقيادة السياسية للتحرك بحرية كاملة في رسم الخطط الإصلاحية والتنمية والنمو والارتقاء بالمجتمع والمواطن، مما يعود بالنفع على البلاد لأن البيت «دايما عامر بعامر» ورفاقه، بقيادته المصرفية الواعية، والتي تخطو خطوات ثابتة نحو تحقيق آمال وطموحات شعب يستحق أن يحيا عيشة هنية.