تعتمد تجارة الخردة بجميع أنواعها على الأفراد المتجولين أو من يعرفون بـ”السريحة”، لكل واحد منهم حى معين أو منطقة يجمع منها الخردة.
وتنقسم طبيعة عملهم حسب القدرة المالية، فمنهم من يعمل لحساب نفسه والآخر لحساب مخازن تجميع كبيرة توفر له عربة «كارو» ومبلغ مالى لشراء الخردة.. وفى نهاية اليوم يسلم ما جمعه مقابل هامش ربح لا يتجاوز 1000 جنيه بحد أقصى للتاجر، ويومية السريح 200 ـ 250 جنيهاً.
قبل 3 أشهر كان السريحة يعتمدون على المناطق الشعبية فى تجميع الخردة، إلا أن قرار الدولة بإزالة جميع العقارات المخالفة، دفعهم إلى توسيع نطاق عملهم إلى الأقاليم التى تتكتل فيها النسبة الأكبر من العقارات الصادر لها قرار بالإزالة.
«البورصة» التقت عدداً من السريحة، الذين أكد أغلبهم أنهم يعملون لدى مخازن كبيرة يمتلكها كبار تجار الخردة أو «حيتان الخردة» بحسب تعبيرهم، نظرًا لأن شراء خردة الحديد المسلح حديث عهد الازالة يحتاج إلى سيولة مالية كبيرة تفوق قدرتهم لذلك يعملون لدى أصحاب هذة المخازن.
قال رجب حامد، أحد السريحة بالقاهرة، إنه كان يعتمد على جمع الخردة من منطقة إمبابة قبل بداية حملة الإزالات، لكنه لجأ إلى الريف كون أبرز الأماكن التى توجد فيها العقارات المخالفة لجمع أكبر كمية من الخردة خلال الفترة الحالية.
وأضاف أنه يستأجر آلات لاستخراج الحديد من أنقاض العقارات المزالة، وفى النهاية يتم الوزن وتحديد السعر على حسب نسبة الصدأ فيه مع مالك البيت، ثم نقله إلى المخزن بمنطقة السبتية.
أوضح رجب، أن أغلب العقارات التى يتم إزالتها فى الفترة الحالية، حديدها خالى من الصدأ، لأنه لم تمر عليه فترة طويلة فى العقار، ويتراوح سعر الطن بين 5.5 و6 آلاف جنيه، فى حين أن العقارات القديمة يبدأ فيها سعر الطن من 3 آلاف ويصل إلى 4 آلاف بحد أقصى.
وكشف أنه لا يعتمد على مخزن محدد لتوريد ما يتم تجميعه من خردة الحديد، فهو يعمل بشكل حر ويبيع لأعلى سعر، مشيراً إلى أن هامش الربح فى الطن يتراوح بين 500 و700 جنيه على حسب شرائه من المستهلك.
وتابع أن بعض شركات الحديد لجأت إلى عمل مخازن لها فى منطقة وسط البلد (السبتية، وجسر السويس، وكالة البلح) وتقوم بتجميع الخردة التى تتناسب مع احتياجاتها من السريحة بدلاً من شرائها من المخازن بأسعار مضاعفة.
وقال خالد خيرى، أحد السريحة بمنطقة الإسكندرية، إن قطاع الخردة يشهد رواجًا كبيرًا فى المحافظة بسبب كثرة العقارات المخالفة بالبناء على أراضى الدولة وفى المناطق الزراعية.
وأضاف أنه يورد جميع الخردة التى يتم تجميعها لمخزن خطاب، وهو أحد كبار تجارة الخردة فى الإسكندرية، وفى نهاية اليوم يقوم المخزن بفرز ما تم تجميعه من السريحة لتلبية احتياجات العملاء.
وكشف خالد، أن الحديد المستخرج من الإزالات لا يقتصر توريده على أصحاب المصانع فقط، بل إلى عدد من مقاولى البناء لإعادة استخدامه فى أساسات البناء لخفض تكلفة الإنشاءات، إذا كان العقار استثمارى وليس شخصى.
وأوضح أنه قام بالتوريد لأحد المقاولين فى الإسكندرية، وبلغت الكمية نحو 40 طن حديد مستعمل من الدرجة الأولى العام الماضى، لاستخدامه فى أعمال الإنشاءات بعد تعديله، مؤكدًا أن شريحة كبيرة من المواطنين تعتمد عليه فى تسليح منازلهم لعدم قدرتهم على شراء حديد جديد.
وقال أحمد على، أحد كبار تجار الخردة بمنطقة السبتية، إن الكميات التى يتم تجميعها يوميًا من خردة حديد التسليح ارتفعت بنسبة %80 خلال الشهرين الماضيين، مقارنة ببداية العام، وذلك بدعم من أعمال الإزالات التى تنفذها الحكومة بشكل يومى.
أضاف أن أعداد السريحة الذين يعملون لحسابه تتجاوز 30 شخصاً، ويتم تجميع يوميًا ما يزيد على 60 طناً من خردة الحديد فقط، وتتراوح الكميات التى تورد إلى المصانع والمسابك بين 30 و40 طناً يوميًا.
وأشار إلى أن السريح هو عصب تجارة الخردة، لذلك يوفر أغلب أصحاب المخازن شققاً سكنية لهم ولأسرهم حتى يضمنوا وجوده بشكل مستمر، وتتراوح يومية السريح حاليًا بين 200 و250 جنيهاً.
وحول تقنين أوضاع السريحة، والعمل تحت المظلة الرسمية للدولة، قال أحمد إن ارتفاع الضرائب والتأمينات على العمالة، لا يحفز على توفيق الأوضاع، معتبرًا أنه يرغب فى تأسيس شركة لتجارة حديد الخردة حتى يتمكن من توسيع نشاطه وكسب مزيد من العملاء خلال الفترة المقبلة، لكنه ينتظر زيادة رأسماله.
ولفت إلى أن تجارة الخردة تحتاج إلى رأسمال كبير لا يقل عن 50 مليون جنيه، لأنه يورد للمصانع وياخذ المستحقات بعدها بفترة تتجاوز الشهرين بجانب أنه ملزم بالشراء بشكل يومى.
وكشف أنه تعاقد مع عدد من المصانع الأهلية لتوريد الخردة لها، موضحًا أن حجم تجارة الخردة فى مصر كبير جدًا وتقدر استثماراتها بالمليارات.. لذلك فإن تدخل الدولة لتوفيق أوضاعهم يحتاج إلى طرق غير تقليدية.
وأشار إلى أنه يمتلك 4 مخازن على مساحة 700 متر مربع، كان يعمل على تخزين ما يتم تجميعه مع بداية العام، ثم يبدأ فى البيع تدريجيًا حسب الطلب، إلا أن كثرة المعروض فى السوق حاليًا بسبب ارتفاع أعداد العقارات التى يتم إزالتها دفعه إلى البيع أولاً بأول لمضاعفة أرباحه.