تراجعت قيمة السندات الدولارية التي أعيد هيكلتها، مؤخراً، في الأرجنتين في أقل من شهر بعد إبرام صفقة لتأجيل مدفوعات الديون، في ظل تزايد المخاوف المتعلقة بصحة الاقتصاد في البلاد.
وفي أغسطس الماضى، حصلت الأرجنتين على موافقة شبه إجماعية من حملة سنداتها لإعادة هيكلة ما يصل إلى 65 مليار دولار من الديون الخارجية بعد أشهر من الجدال، وعدم القدرة على التوصل إلى اتفاق.
وقالت صحيفة فاينانشيال تايمز، إنَّ السندات السيادية للبلاد بدأت في التداول هذا الشهر، لتسجل انخفاضاً بالفعل نحو مستويات بائسة، وعلى سبيل المثال تتدول سندات يحين أجل استحقاقها في عام 2030 الآن بحوالى 40 سنتاً إلى الدولار.
وتراجعت سندات أخرى بقيمة 20 مليار دولار تستحق في عام 2035 إلى 35 سنتاً إلى الدولار خلال الأسبوع الماضي، لكن قيمتها تحوم الآن حول 37 سنتاً.
ووفقاً لحسابات مؤسسة «مورجان ستانلى» الأمريكية للخدمات المالية والاستثمارية، فإنَّ الأداء الأولى هو الأسوأ بالنسبة لأي سندات أسواق ناشئة أعيد هيكلتها مؤخراً في العشرين عاماً الماضية.
وقال كارل روس، الشريك في إدارة الصندوق GMO، الذى شارك في المفاوضات: «لقد فوجئنا قليلاً بهذه الخطوة، فالمسار الطبيعى للأحداث عادة ما يكون أفضل بعد إعادة هيكلة بلد ما لديونه».
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أنَّ هناك مستثمراً آخر في ديون الأسواق الناشئة وصف عملية البيع بأنها غير مسبوقة.
وأضاف هذا المستثمر، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «لم أر في الواقع أي شيء كهذا من قبل، فقد أجرت الدولة إعادة هيكلة وبعد فترة وجيزة عادت الأمور للتأزم مرة أخرى، رغم حقيقة أنها لا تتحمل أي أعباء متعلقة بمدفوعات ديون لبضعة أعوام».
وبموجب الشروط الجديدة، لا تواجه الأرجنتين مدفوعات كبيرة على الديون على مدى الأربعة أعوام المقبلة، كما خُفضت مدفوعات أسعار الفائدة من متوسط 7% إلى نحو 3%.
ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، كانت الصفقة بمثابة تخفيف لأعباء الديون البالغة 38 مليار دولار على مدى العقد المقبل.
وعلى الرغم من هذا التخفيف، فإنَّ المستثمرين أصبحوا منزعجين بشكل متزايد من نهج الحكومة لإدارة الاقتصاد، الذي انهار مع تفشي جائحة فيروس كورونا، ورغم أن المسئولين يتوقعون تراجع الاقتصاد بأكثر من 12% خلال العام الجارى، فإنهم يتوقعون، أيضاً، انتعاشاً بنسبة 5.5% العام المقبل.
وقال جراهام ستوك، كبير المحللين الاستراتيجيين لدى “بلوباي أسيت مانجمينت”، التى كانت جزءاً من أكبر مجموعات الدائنين، بجانب شركة «بلاك روك»: «لا يزال هناك الكثير من العمل الشاق الذي يتعين القيام به فيما يتعلق بتنفيذ إطار عمل اقتصادي يلهم الثقة ليس لحملة السندات فقط، بل أيضاً للسكان المحليين».
فى الوقت نفسه، أثار خبراء الاقتصاد المخاوف بشأن الفجوة المتزايدة بين أسعار الصرف الرسمية والموازية في البلاد، والتي ارتفعت بعد فرض ضوابط على رأس المال العام الماضى.
يذكر أن الأرجنتين شددت ضوابط رأس المال، بداية الشهر الجارى، لحماية مخزونها المتضائل من صافي احتياطيات النقد الأجنبى، الذي انخفض إلى نحو 5 مليارات دولار.
ووصف فيديريكو كايون، رئيس الدخل الثابت للأسواق الناشئة لدى “يو. بى. إس أسيت مانجمينت”، هذه الخطوة بأنها شديدة القسوة، كما يخشى البعض الآن حدوث انخفاض آخر في قيمة البيزو الأرجنتينى على المدى المتوسط.
وأعربت شمايلة خان، مديرة استراتيجيات ديون الأسواق الناشئة في شركة «أليانس بيرنستاين» لإدارة الأصول، عن أملها فى أن تؤدى المحادثات القادمة مع صندوق النقد الدولي إلى إجبار الحكومة على أن تكون أكثر شفافية بشأن خططها المتعلقة بتحقيق الاستقرار الاقتصادى وتعزيز النمو.
قام صندوق النقد بإقراض الأرجنتين 44 مليار دولار كجزء من حزمة الإنقاذ القياسية البالغة 57 مليار دولار، والتي تم تمديدها في عام 2018، ويخطط مسئولو الصندوق بزيارة البلاد في بداية أكتوبر.
ومع ذلك، يتوقع المستثمرون أن تظل سندات الأرجنتين الدولارية تحت الضغط، إلى أن يتم التوصل إلى صفقة جديدة مع صندوق النقد.