عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية يوم الثلاثاء، ندوة إلكترونية بعنوان: “التجربة الصينية في تحسين الخدمات العامة من خلال التحول الرقمى: الدروس المستفادة لمصر”، بهدف التعرف على التجربة الصينية الرائدة في هذا المجال وإمكانية الاستفادة منها في مصر، وذلك بمشاركة الوزير المفوض هان بينغ بسفارة جمهورية الصين الشعبية، وأحمد كوجك نائب وزير المالية المصري، وخبراء من الجانبين.
وقال هان بينغ، الوزير المفوض بسفارة جمهورية الصين الشعبية، إن التطور التكنولوجى أدى لإحداث تغييرات كبيرة في اقتصاد الدول، حيث توفر التكنولوجيا العديد من الخيارات لتقديم الخدمات الحكومية لجميع المواطنين بصورة ميسرة.
ولفت إلى أن الصين تهتم بالتطوير التكنولوجى المستمر على مدار السنوات الماضية وهو ما حقق نتائج مبهرة مكن الدولة من التحكم بشكل كبير في مواجهة أزمة فيروس كورونا، حيث يتم تقديم الخدمات الحكومية إليكترونيا مثل أنظمة المراقبة ودفع الضرائب وتسجيل الشركات، بما يقلل من مخاطر الاحتكاك بين المواطنين، وبعد انتهاء الأزمة تمكنت الصين من إعادة الإنتاج سريعا بسبب هذا التطور.
وأشار الوزير المفوض إلى وجود العديد من المشاريع الصينية التي تمت بالتعاون مع مصر في مجال تطوير الجانب التكنولوجى وهو اختيار واجب تنفيذه، مؤكدا الاستعداد التام للشركات الصينية لمساعدة الجانب المصرى في هذا المجال وتطويره.
ومن جانبه قال أحمد كجوك، نائب وزير المالية، إن وزارته قطعت شوطا كبيرا في الميكنة، لافتا إلى أن تأثير جائحة كورونا أثبت أن التطوير لم يعد رفاهية، وأنها أساس الإصلاح.
وأشاد كجوك بدور المركز للدراسات الاقتصادية في عقد هذه الندوة للاستفادة من التجربة الصينية في هذا المجال، ومطالبا بعقد لقاءات تفصيلية مع الجانب الصينى لأن التجربة الصينية تستحق التعرف عليها بشكل كبير، خاصة في ظل الأولوية القصوى التي يحظى بها ملف تطوير منظومة الضرائب.
وعرض خبراء من أربع شركات صينية تجارب تفصيلية حول التحول الرقمى في الصين، وهم: شركة تايجى للحاسبات، وشركة انسبر جروب، وشركة الصين المحدودة للبرمجيات والخدمات الوطنية، وشركة فايبر هوم المحدودة لتكنولوجيا الاتصالات، وهى الشركات التي نفذت عمليات التحول الرقمى في الصين، بالتركيز على مجالات الضرائب والجمارك وتسجيل العقارات، وذلك بهدف الاستفادة من التجربة في مصر.
ومن أهم ما تضمنته المجالات المختلفة، هو اختصار الإجراءات الطويلة لكى يحصل المواطن على الخدمة إلى نموذج إليكترونى واحد ومختصر يملأه المواطن في دقائق معدودة للحصول على الخدمة، ويحصل على إيصال سداد في المقابل.
وطرح الخبراء من الجانب المصرى عدة تساؤلات على الجانب الصينى للتعرف بشكل أكبر على بعض التفاصيل الخاصة بالتحول الرقمى في التجربة الصينية.
وقال رامى يوسف، مستشار وزير المالية للضرائب، إن هناك عدد من التحديات التي تواجه تنفيذ منظومة الضرائب الجديدة حيث يتم التحول من نظام يدوى بالكامل إلى نظام إليكترونى بالكامل، بالإضافة إلى تحديات تأهيل العاملين لهذا التحول وهم عنصر رئيسى في نجاح أى تجربة، لافتا إلى أن هناك تفكير لإدخال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى في عملية ميكنة الضرائب في الوقت الحالي لمواجهة التهرب الضريبى، متسائلا: هل من الأفضل إجراء التحول بشكل تدريجى مرحلى أم إجراء التحول الكامل دفعة واحدة؟
وتساءل ياسر تيمور، مستشار وزير المالية لمشروعات تطوير مصلحة الضرائب، كيف تعاملت الصين مع إدارة التغيير وتقبل المجتمع للتغيير سواء المجتمع الداخلى المتمثل في العاملين، أو المجتمع ككل، وتساءل أيضا عن طبيعة الحكومة الرقمية في الصين هل هي جهة واحدة مركزية، أم جهة في كل وزارة أو هيئة وكيف يتم التنسيق بينهم؟
وطرح الدكتور خالد درباله، خبير التحول الرقمى، تساؤلات حول عمل منظومة إدارة المخاطر الجمركية والتحول إلى منظومة استباقية، وتجربة تسجيل العقارات لديهم، وتطبيق منظومة النافذة الواحدة في الجمارك من خلال الربط بين كافة الجهات المسئولة عن الرقابة في المنافذ الجمركية والتي يبلغ عددها 43 جهة في مصر.
وأكد الخبراء الصينيون، أن هناك جهة خاصة مسئولة عن التحول الرقمى في كل هيئة أو وزارة، وجميعها ترتبط بجهتين مركزيتين على مستوى الحكومة؛ الأولى مسئولة عن البيانات الضخمة، والثانية مسئولة عن تحليل البيانات، ولا تزال هناك مشكلات متعلقة بالتحول الإليكترونى والذى بدأ في الصين عام 2010 إلى الآن، وذلك بسبب صعوبة استيعاب بعض الأشخاص للتكنولوجيا الحديثة.
ويوصى الخبراء بأن تتم عملية التحول بشكل تدريجى وتحديد أهداف لكل مرحلة من التحول لتحقيقها، لأن التحول المفاجئ لن ينتج عنه تحقيق الأهداف المطلوبة، مطالبين باستمرار المسارين أي تتم عملية التحول الرقمى بشكل تدريجي وفى نفس الوقت إتاحة التعامل الورقى لمن يصعب عليه التعامل الإليكترونى، وهو أمر سيتلاشى بمرور الوقت واكتمال عملية التحول.
وأشار الخبراء إلى أن المرحلة الانتقالية لعملية التحول الرقمى تختلف من دولة لأخرى، حيث يرون أن مصر مشابهة للصين وبالتالي قد يستغرق التحول سنوات، ولكن الأمر الآن يتم بشكل أسرع، وقد انتهت الصين من 80% من عملية التحول وتطمح للتحول الكامل خلال فترة قريبة.
وأوضح الخبراء أن حل مشكلة النافذة الواحدة في المنظومة الجمركية يعتمد على ربط العديد من الجهات المعنية بالمنظومة، وفيما يتعلق بحل مشكلة الفساد التي يتسبب فيها التعامل من خلال الفحص اليدوى والتعامل المباشر بين مأمور الفحص الضريبى والممول، فإنه ينتهى بتوحيد الشكل القياسى للمنظومة بالنسبة للإقرارات الضريبية.
ومن جانبها أكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أن عملية الميكنة يجب أن يسبقها إصلاح للمنظومة، ويجب أن تكون البداية الأهم هي جمع البيانات وعمل قاعدة بيانات موحدة تتعامل بها كافة الجهات الحكومية، والتنسيق بينها، لأن هذا هو ما يجعل المواطن يحصل على الخدمات الحكومية بشكل أسرع وفى خطوة واحدة لا تستغرق سوى دقائق قليلة، مشددة على أهمية التحول التدريجى لتحقيق الأهداف المنشودة.
وأعلنت عبد اللطيف عن استعداد المركز بالتنسيق مع السفارة الصينية، لعقد اجتماع آخر يضم الجانبين لتحقيق أكبر استفادة من التجربة الصينية في عملية التحول الرقمى التي تتم في هذه القطاعات.