هل ستحدث هاتفك إلى “آي فون 12″؟ سيسعد شركة “أبل” أن تأخذ هاتفك القديم، و”إذا كان في حالة جيدة، فسنساعد على ذهابه إلى مالك جديد”.
هكذا تتعهد الشركة على موقعها الإلكترونى، بتعزيز برنامج التجارة الداخلية الخاص بها، وقالت: “إذا لم يكن الجهاز بحالة جيدة، سنرسله إلى شريكنا لإعادة التدوير، لكي نأخذ منه المعادن النفيسة وبذلك نأخذ أقل من الأرض”.
ولسنوات، استخدمت “أبل” هذا الخطاب لإقناع المستهلكين أنها شركة خضراء ومستدامة أكثر من منافساتها، ومن العدل أن نسأل إلى أي مدى هي صادقة؟
أوائل العام الحالي، تقدمت “أبل” بشكوى قضائية ضد “جيب كندا”، وهي شركة تدوير استعانت بها لتدمير وإعادة تدوير الأجهزة القديمة.
وبدلاً من قيامها بالوظيفة المتعاقد عليها، تقول “أبل”، إن موظفي جيب “قرروا أن الكثير جداً من هذه الاجهزة لاتزال مثالية للاستخدام، ووجهوا 100 ألف جهاز على الأقل لإعادة البيع.
وبعد التحقيق، وجدت “أبل” أن الكثير من الهواتف المفقودة تستخدم في الصين، ولاتزال كما يفترض فى “حالة جيدة”.
ويعد غضب “أبل” من “جيب” مفهوماً بالتأكيد إذا كانت هذه الاتهامات حقيقية، ولكن من الطبيعي أن يشعر المستهلكون الذين وثقوا في إدارة “أبل” لبضاعتهم المستخدمة بطريقة صديقة للبيئة ببعض الحسرة.
وعندما خرجت تفاصيل القضية مؤخراً للنور، أبدى كثير من الأشخاص في عالم التكنولوجيا اعتراضهم على موقف “جيب”، ومن الواضح أن “أبل” في هذه القضية وغيرها فشلت في الارتقاء لمستوى وعودها الشاهقة بإدارة الأجهزة القديمة.
ونتيجة لذلك، تحول عملائها للبحث عن منافذ أخرى أكثر استدامة وربحية لإدارة أجهزتهم غير المرغوب فيها، مما أضعف حجتها بكونها متعهد بيئي جيد.
وصناعة هاتف ذكي جديد ليست بالضرورة عملية سهلة، ووفقاً لأبل، فإن 79% من انبعاثات الكربون المرتبطة بعمر جهاز “آي فون 11” تحدث خلال مرحلة الإنتاج، ومن الجدير بالثناء أن “أبل” حاولت التخفيف من هذه الأضرار، وتقوم – من بين أشياء أخرى – باستخدام القصدير والمعادن النادرة المعاد تدويرها، وهو إجراء أفضل بكثير من استخدام مواد جديدة.
كما أن برنامج التجارة الداخلي للشركة يقدم تدفقاً مطرداً من الأجهزة المستعملة التي يمكن تجديدها وإعادة بيعها، وفي أحدث تقاريرها البيئية، قالت “أبل”، إنها جددت 11.1 مليون جهاز لمستخدمين جدد في 2019، وأشارت إلى أن كل جهاز “يمثل استخداماً أذكى وأكثر كفاءة بيئياً للموارد والخامات التي نعتمد عليها لبناء منتجاتنا”.
ومع ذلك، ظل هذا الالتزام الجديد بالثناء في حالة تعارض طويلة مع سعي الشركة لبيع أجهزة جديدة، وأحيانا تكون “أبل” صريحة بهذا الشأن.
وفي عام 2019، ألقى المدير التنفيذي، تيم كوك، باللوم فيما يتعلق بمبيعات أجهزة “آي فون” الأقل من المتوقع، على عروض استبدال البطاريات القديمة بأخرى جديدة بأسعار مخفضة.
ولكن فى أغلب الأحيان، تأخذ الشركة قرارات غير معلنة، لكي تحد من عدد الأجهزة القديمة التي يمكن أن تنافس الإصدارات الجديدة، وترفض على سبيل المثال حتى أن تقدم وثائق الإصلاح الأساسية للمستخدمين أو تمتنع عن بيع قطع الغيار للمستهكلين أو متاجر الإصلاح غير المرخصة.
كما أنها ضغطت بشدة ضد القوانين التي قد تتطلب مثل هذه الامتيازات.
وقد قمت بتغطية قطاع إعادة التدوير لأكثر من 10 سنوات، وخلال هذا الوقت، قابلت عدداً كبيراً من المديرين التنفيذيين الذين يعبرون عن استيائهم من اشتراط “أبل” إعادة تدوير بعض الأجهزة التي تكون في حالة مثالية للاستعمال.
ومع ذلك، لم يؤيد أى منهم فسخ العقود وتوجيه هذه الأجهزة لأسواق المستعمل، ولكني لست مندهشاً من تفكير الموظفين في شركة “جيب” في ذلك، فإن رؤية الكنز في شيء يراه الآخرون خردة، هو المسار الأكثر شهرة لتحقيق أرباح من عملية إعادة التدوير.
إذاً.. كيف تقرر “أبل” أى الأجهزة التي يمكن إعادة استعمالها؟ وأيها يعاد تدويره؟ عندما سألت، قالت لي متحدثة باسم الشركة، إنها تُخضعهم لاختبارات “قاسية”، وحذرت من أن الأجهزة التي يتم تجديدها بأجزاء ليس من صنع “أبل” تمثل خطورة أمنية، ولكن ليست هناك دلائل عامة كثيرة تدعم هذا الإدعاء.
وفي 2018، تم شحن 176 مليون هاتف ذكي عالمياً، ومع ذلك، فإن الأجزاء المعطلة ببساطة لا تعد من الأسباب الرئيسية للإصابات المتعلقة بالهواتف الذكية.
ويعد الخبر الجيد المتعلق بتحديثات “آي فون 12” هو أنها لن تعتمد على “أبل” لضمان حياة طويلة بعد الاستعمال الأول.
ففي الولايات المتحدة، هناك مئات الشركات التي تشتري هواتف آي فون لتجديدها وإعادة بيعها، كما أنها تدفع جيداً في بعض الأحيان، وقليل من هذه الشركات تقدم تعهدات استدامة كبيرة مماثلة لما تدعي أبل أنها تقوم به، ولكن على عكس “أبل”، ليس عليهم أن يقلقوا من منافسة منتجاتهم المستخدمة للإصدارات الجديدة.
بقلم: آدم مينتر، كاتب مقالات رأي ومؤلف العديد من الكتب الاقتصادية.
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”