الشركات الصغيرة تحاول تغطية السلع الاستهلاكية.. والجهورية تكافح لشراء العلامات الأجنبية
لطالما افتخرت إيران بمستوى مرونتها، وهو أمر حاول المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي توسيعه وترسيخه في سياسته من خلال تبني مفهوم “اقتصاد المقاومة”.
فقد وعد اتفاق عام 2015 بشأن خفض تخصيب اليورانيوم ، بإعادة البلاد إلى المجتمع الدولي، قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق وبدء الهجوم على الاقتصاد الإيراني.
كانت متاجر الملابس واحدة من أول الأشياء التي اختفت من شوارع طهران بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية عام 2018.
كما أن مراكز التسوق الشهيرة، التي استضافت لأعوام إصدارات غير رسمية من العلامات التجارية “مانجو” و”زارا” أو سلاسل “أديداس” و”بينيتون”، أصبحت تهيمن عليها الآن وحدات البيع بالتجزئة الفارغة.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن صناعة التجزئة واجهت دمارا ناتجا عن مزيج من الانهيار المفاجئ في قيمة الريال الإيراني، والضربة الكبيرة لقوة الإنفاق الاستهلاكي، والحظر الحكومي المفروض على مئات السلع غير الأساسية، بما في ذلك الملابس.
كما أن انخفاض الواردات أدى إلى ندرة الأشياء العادية، مثل ماركات الشامبو الأجنبية، التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.
وطُلب من المسئولين الإيرانيين توسيع القطاع الخاص والتصدير إلى الدول المجاورة.
لكن قطاع التصنيع المحلي الأكبر في إيران، مثل صناعة السيارات، لا يزال شديد الحساسية تجاه العقوبات ويعاني من الفساد أيضا.
وفي الوقت نفسه، تسبب تفشي جائحة فيروس كورونا في إعاقة التجارة العابرة للحدود.. لكن ثمة العديد من الشركات الصغيرة تعمل بشكل أفضل، حتى مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12% منذ عام 2018.
قال مدير الاتصالات التسويقية في موقع “باسلام” للبيع بالتجزئة عبر شبكات الإنترنت، أمير علي صبور، إن العامين الماضيين شهدا اتجاها واضحا للمزيد والمزيد من الأفراد لفتح أعمال تجارية صغيرة وبيع أشياء يمكنهم إنتاجها بأنفسهم، مشيرا إلى أن الموقع الإلكتروني، الذي يضع المتسوقين على اتصال مباشر مع المنتجين والموردين، شهد ارتفاع عدد التسجيلات من الشركات الصغيرة إلى 48 ألف شركة خلال العام الحالي، بعد أن كان 4 آلاف فقط العام الماضي.
ولم تشهد البلاد مثل هذه الأوقات العصبية لبدء عمل تجاري جديد بداخلها من قبل. فحتى قبل أن ينبه المسئولون في الجمهورية الإسلامية، العامة بتفشي كبير لفيروس كورونا، استقبلت البلاد، العام الحالي بمواجهات متوترة مع الولايات المتحدة في حين كان اقتصادها يعاني من حالة شلل بسبب العقوبات.
وبالنسبة لثلاثة من دارسي مجال التصميم، فإن السوق الأسير لعشرات الملايين من المستهلكين المتعطشين للواردات، جعل الأمر يستحق المخاطرة. فقد باعت ماركة الأزياء الإيرانية “Koi” آلاف البلوزات والجينز المقلم منذ يوليو الماضي.
وبرزت مبادرة “صنع في إيران” كبصيص أمل نادر في ظل الدمار المالي الناجم عن نبذ البلاد من سوق البترول والتجارة العالمية أثناء احتدام تفشي جائحة فيروس كورونا.
ففي بلد قيدت فيه حياة كثير من الأفراد بفعل القيود الغربية، تأتي العلامات التجارية مثل “Koi” و “Zi Shampoo” و “Bonmano Coffee” ضمن الأسماء المحلية التي تملأ الفراغ بالنسبة للسلع الاستهلاكية.
قال أرميتا جاسابي، صاحب الـ 30 عاما وأحد مؤسسي “Koi”: “لقد عرفنا أننا سننجح، لأننا كنا نحن وكثير من الأشخاص من حولنا في حاجة ماسة إلى الأشياء الأساسية والبسيطة”.
وأوضح جاسابي أن “Koi” تستخدم الأقمشة المغزولة في مصنع محلي للنسيج، مما يلغي الحاجة إلى المواد المستوردة.
كما أن قلة المنافسة من العلامات التجارية العالمية وانخفاض تكاليف العمالة يجعلان الأسعار معقولة وفي متناول الجميع، ويساهمان في تحقيق هوامش ربح جيدة، إذ تحقق العلامة التجارية الإيرانية ربحا يعادل 11 دولارا بالعملة المحلية للإنفاق على خطوط الإنتاج الجديدة، مقابل كل زوج من الجينز تبلغ قيمته 18 دولارا.
ومن المؤكد أن اقتصاد إيران لا يزال في ورطة عميقة، ففي ظل كل تلك الصعوبات التي يمر بها، ارتفع عدد الوفيات اليومية الناتج عن الإصابة بـ”كوفيد-19″ إلى مستوى قياسي هذا الأسبوع، كما فُرضت قيود سفر على 5 مدن، من بينها العاصمة طهران.
ومع ذلك، لا تزال أسعار العديد من السلع الأساسية المصنوعة في إيران ترتفع بشكل كبير، نظرا لاعتمادها بشكل جزئي على الواردات، فقد واجهت شركة “Koi” مشاكل في الحصول على سحابات عالية الجودة وأزرار معدنية أخرى من مجموعة “YKK” التي تتخذ من طوكيو مقرا لها.
كما استغرق الأمر شهرين لإصدار الجمارك لتحرير شحنة أزرار بسبب حظر الاستيراد، لكن المبيعات قوية على الأقل في المدى القصير.