قبل أكثر من عقد من الزمن، كافحت دول الخليج العربية للحفاظ على ربط عملتها بالدولار الأمريكى فى ظل التراجع الذى سجله إثر تفشى الأزمة المالية العالمية، لكن هذه المرة ربما يبعث هبوط الدولار بعض الطمأنينة فى المنطقة.
بالعودة إلى عامى 2007 و2008، تسبب ضعف العملة الخضراء فى ارتفاع تكلفة الواردات والتضخم، لكن الآن أدى تباطؤ الطلب المحلى إلى الحد من نمو الأسعار، بينما يمكن أن يعطى انخفاض الدولار دفعة للصناعات غير البترولية، مثل السياحة، فور انحسار تفشى الوباء.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة خبراء الاقتصاد فى بنك أبوظبى التجارى، إنَّ انخفاض الدولار سيكون أمراً إيجابياً بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجى بمجرد تراجع تأثير جائحة كوفيد- 19، مشيرة إلى أن ارتباط عملات الخليج بالدولار الأمريكى لا يزال ركيزة مهمة بالنسبة للاقتصاد ولتدفقات رأس المال.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنَّ الدول الست الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى كانت تعتمد على أنظمة صرف العملات الأجنبية المُدارة منذ بداية سبعينيات القرن الماضى، مشيرة إلى أن النظام نجا من أعوام متتالية من انخفاض أسعار البترول فى التسعينيات، وفترة ضعف الدولار الأمريكى قبل الأزمة المالية العالمية فى 2008، وانهيار أسعار البترول الخام مرة أخرى فى عام 2014.
وأوضحت «بلومبرج»، أنَّ الكويت قررت وحدها فى مايو 2007 ربط الدينار بسلة عملات مع تسارع التضخم.
فى بداية العام الجارى، تصاعدت رهانات تخفيض قيمة العملة فى الأسواق الآجلة؛ حيث انخفض سعر البترول إلى أدنى مستوى له منذ 18 عاماً، ما أضر باقتصاديات المنطقة، وأثار تساؤلات عديدة حول احتياطياتها من العملات الأجنبية.
ومنذ ذلك الحين، خفض المتداولون هذه الرهانات مع قيام دول الخليج بخفض الإنفاق والإعانات واتجاهها إلى أسواق الديون لتمويل عجز موازنتها.
وفى ظل تسعير البترول والغاز بالدولار، ساعد ربط العملات الأجنبية على حماية الدول من تقلب أسواق الطاقة وسمح للبنوك المركزية بتكديس احتياطيات العملات الأجنبية فى الأوقات الجيدة.
وقال روبرت موجيلنيكى، الباحث المقيم فى معهد دول الخليج العربية فى واشنطن، إنَّ الأمر الأكثر أهمية لربط أسعار الصرف فى دول مجلس التعاون الخليجى لا يتعلق بالتقلبات قصيرة الأجل فى قيمة الدولار الأمريكى، بل الوصول إلى كميات كافية من العملات الأجنبية على المدى المتوسط.