يواجه عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يعملون فى قطاعات الضيافة والترفيه البريطانية، بيأس مستقبل غير أكيد، مع فرض الحكومة قيوداً أكثر صرامة لمنع انتشار فيروس كورونا.
ويعد إغلاق الحانات والمطاعم، أحدث العلامات على الضرر الاقتصادى الذى تتسبب فيه هذه القيود، ولكن ثمة ضرر آخر يحدث بعيداً عن الأنظار، فالضيافة وغيرها من القطاعات المتضررة لديها سلاسل توريد طويلة تواجه مستقبلاً قاتماً بنفس القدر، ولكل حانة أو صالة ألعاب رياضية سيتم إغلاقها موردين عدة أغلبهم من الشركات الصغيرة التى فقدت زبونا.
وأصبحت مصائب العديد من الشركات الصغيرة، أشد بسبب عدم تأهل معظمهم للحصول على المساعدات المالية رغم حقيقة تضررهم من التأثيرات الممتدة لهذه القيود، وذلك ببساطة لأنه لم يطلب منهم بشكل مباشر الإغلاق.
وتستطيع الحانات والمطاعم فى المناطق التى تصنف كمناطق ثانوية البقاء مفتوحة.. ولكن تواجه اختلافاً كبيراً فى عاداتهم، إذ لا يسمح للناس بالخروج سوى مع أفراد عائلاتهم، ونتيجة لذلك تواجه انخفاضاً بنسبة %30 إلى %50 فى حجم الإقبال.
وخلف كل شركة كبيرة هناك العديد من الشركات الأصغر، وسلطت قيود الإغلاق الجديدة الضوء على الفجوات وأوجه الغرابة فى تدابير الدعم الحكومية للمشروعات الصغيرة، سواء فى سلاسل توريد الضيافة أو غيرها، وقبل «كوفيد 19» كانت توظف 6 ملايين شركة صغيرة أكثر من 16 مليون شخص فى بريطانيا.
كما أنها تمثل %99 من شركات القطاع الخاص البريطانى، ولن تتحمل العديد من الشركات التى نجت من الإغلاقات الوطنية المفروضة منذ 6 أشهر سلسلة ثانية وثالثة من الإغلاقات.
وليس الحل فى دعم حكومى قليل لا نهائى لتلك الشركات التى أصبح نموذجها غير قابل للاستمرار، ولكن يتعين على صناع السياسة استيعاب الدور الذى تلعبه الشركات الصغيرة فى الاقتصاد الأوسع سواء اقتصادياً أو اجتماعياً.
وساعد الدعم الحكومى خلال الموجة الأولى من الوباء فى صورة القروض الطارئة والإغاثات ومخطط دعم أصحاب الأعمال الحرة، الكثيرون على النجاة، وكان هناك كذلك طلب هائل على مخططات المنح التقديرية المحلية وقروض التعافى التى أثير حولها الكثير من الجدل بعد انسحاب البنوك من المخطط.
ويتعين على وزير المالية البريطانى، المستشار ريتشى سوناك، أن يدرس المزيد من الدعم لمنع تحول ما أصبح بالفعل ضربة اقتصادية إلى ركود مطول سيؤدى إلى فقد جماعى للوظائف، وهذا لا يعنى إعطاء الشركات شيكات على بياض، ولكن يتعين على «سوناك» حقاً توسيع توافر الدعم المتاح حالياً، ويمدد المخططات، إذ يتطلب الأمر ذلك.
وعليه أيضاً أن يفكر فى ضم الفئات التى تركت من قبل وحيدة فى الدفاع عن نفسها، وكان أصحاب الأعمال الحرة من بين أكبر الخاسرين مع فشل كثيرين من هذه الفئة فى التأهل لمخططات دعم دخل أصحاب الأعمال الحرة.
كما لم يتأهل مديرو الشركات المحدودة الذين يدفعون عن طريق توزيعات الأرباح، لذا ينبغى إعادة النظر فى ذلك مع فرض قيود مناسبة، وبالمثل، ينبغى إتاحة مخطط لدعم الوظائف الجديدة لأكبر عدد ممكن من أرباب العمل.
كما ينبغى توفير منح تنويع لمساعدة الشركات المستقرة على إيجاد عملاء فى القطاعات الأكثر تضرراً من الفيروس، ويتعين كذلك التفكير فى تحسين دعم برامج الرفاة الاجتماعية، ويجب على الشركات الأكبر كذلك أن تلعب دوراً، ويتعين على المديرين التنفيذيين، أن يستوعبوا أنه فى أزمة بمثل هذا النطاق من المعقول أن يساعدوا مورديهم المتأزمين على النجاة.
وبالتأكيد لا يمكن – أو ينبغى – إنقاذ كل شركة صغيرة، وإنما ستعزز تدابير الدعم التى تساعد على وقف الفيضان الحتمى من فقدان الوظائف التعافى الاقتصادى بالأخير.
افتتاحية صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية