2.4 % ارتفاعاً فى مؤشر «إم إس سى آى» للعملات الناشئة منذ سبتمبر
يبدو أن التوقعات المتزايدة لفوز المرشح جو بايدن فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر انعقادها بداية نوفمبر، أدت إلى زعزعة عملات الأسواق الناشئة، مع تحرك أسعار الصرف لتوقع خط أكثر ليونة بشأن بكين، وآخر أكثر صرامة بشأن موسكو وأنقرة.
ومع اتجاه استطلاعات الرأى بشكل أكثر لصالح المنافس الديمقراطى (بايدن)، خلال الشهر ونصف الشهر الماضيين، انضمت عملات الأسواق الناشئة إلى ارتفاع عالمى فى الأصول ذات المخاطر العالية، ما يعكس التوقعات المتزايدة التى تفيد بأن فوز حزب بايدن الساحق سيمهد الطريق أمام ثانى أكبر حزمة تحفيز لأكبر اقتصاد فى العالم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع مؤشر «إم إس سى آى» لعملات الأسواق الناشئة بنحو %2.4 منذ بداية شهر سبتمبر الماضى.
وقالت ميرا تشاندان، الخبيرة الاستراتيجية المتخصصة فى شئون العملات لدى «جيه بى مورجان تشيس»، إنَّ تولى بايدن الرئاسة قد يُنظر إليه على أنه نتيجة أكثر ملاءمة بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة ككل، بالنظر إلى النهج الأقل صدامية الذى يمكن أن يتبعه بشأن التعريفات الجمركية.
لكن ما لا يمكن رؤيته أو تخمينه هو أن الأداء مختلط، وبشكل عام تعتبر الصين واحدة من الرابحين الواضحين، فقد اكتسب الرنمينبى الصينى أكثر من %2 منذ بداية سبتمبر؛ حيث بدأ المستثمرون فى اتخاذ موقف لتخفيف التوترات المتعلقة بالتجارة، كما أن احتمال اتخاذ موقف أقل تصادمية ساهم فى تعزيز وضع البيزو المكسيكى والوون الكورى الجنوبى، فقد ارتفع كلاهما بأكثر من %4 خلال الفترة نفسها.
ومع ذلك، هناك بعض الاستثناءات الملحوظة لهذا الارتفاع، بما فى ذلك الليرة التركية والروبل الروسى.
وفى الوقت الذى ترجع فيه هذه الاستثناءات بشكل جزئى إلى العوامل المحلية، لكنها تشير، أيضاً، إلى أن المستثمرين يعتقدون أن فوز بايدن سيعود بالنفع بشكل كبير على الدول التى تظهر التزاماً أكبر بالمعايير الدولية، بحسب ما قاله المحللون.
وقال نافذ زوق، استراتيجى الأسواق الناشئة فى «أكسفورد إيكونوميكس»، إنَّ ضعف الأداء يعكس التوقعات التى تفيد بأن بايدن سيتخذ نهجاً أكثر صرامة تجاه موسكو وأنقرة من ذلك الذى اتخذته إدارة الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب.
وأضاف «زوق»: «إنه يتناسب مع فكرة أن بايدن سيكون رئيساً قائماً على القواعد، بينما حاول ترامب تمزيق النظام الدولى القائم على القواعد، وستكون روسيا واحدة من أكبر الخاسرين فى هذا التحول؛ لأنها تزيد من احتمال فرض عقوبات».
وأفادت «فاينانشيال تايمز» بأن الجغرافيا السياسية تعتبر، أيضاً، مصدر قلق رئيسياً بالنسبة لليرة التركية، فقد أشار المرشح الرئاسى بايدن إلى أن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على تركيا لشرائها صواريخ روسية، وهو تهديد خطير بالنظر إلى اعتماد البلاد على التمويل الخارجى.
وفى هذا الصدد، يخشى المحللون اتخاذ بايدن موقفاً مختلفاً عن ترامب، الذى امتنع عن فرض عقوبات رداً على شراء الصواريخ.
ويتوقع المستثمرون، أيضاً، أن تكون الاقتصادات التى لها علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة أو تلك التى لديها حساسية من ارتفاع التجارة العالمية، يجب أن تكون أكبر الرابحين من التغييرات فى البيت الأبيض.
وقالت بولينا كورديافكو، رئيسة ديون الأسواق الناشئة لدى «بلو باى أسيت مانيجمنت»: «إذا كان هناك انتعاش قوى فى الولايات المتحدة ومزيد من المواقف الداعمة للتجارة، فيجب أن تكون المكسيك هى المستفيدة، خاصة أن اقتصادها هو الاقتصاد الأكثر ارتباطاً بالولايات المتحدة».
وقال أوليفر بلاك بورن، مدير صندوق لدى فريق «يانوس هندرسون مالتى أسيت»، إنَّ الدولار السنغافورى والوون الكورى كانا ضمن أفضل العملات للاستفادة من اللهجة الأكثر ليونة تجاه الصين واحتمال تعزيز الانتعاش العالمى.
ومع ذلك، لا يزال بعض المستثمرين قلقين بشأن العودة إلى الأسواق الناشئة، ويشعرون بالإحباط تجاه انخفاض أسعار الفائدة والخوف بشأن كيفية سيطرة الدول على تفشى جائحة فيروس كورونا وتوقعات النمو الاقتصادى.
وقال مارفن بارث، رئيس قسم العملات واستراتيجية الماكرو للأسواق الناشئة فى بنك «باركليز»، إنَّ عدم اليقين المتعلق بكوفيد- 19 وتأثيره على النمو الاقتصادى، إلى جانب المخاطر المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، أبقت بعض المستثمرين على الحياد.
وأوضح «بارث»، أن المستثمرين يشعرون بثقة أكبر بشأن الدعم المالى والنقدى القادم بعد الانتخابات ودعم الأصول ذات المخاطر العالية، بما فى ذلك الأسواق الناشئة، لكن فى حالة عدم اليقين الأوسع نطاقاً الحالية تجعلهم مترددين تجاه اتخاذ مواقف قبل الانتخابات الأمريكية.
وأفاد إد الحسينى، محلل العملات وأسعار الفائدة لدى «كولومبيا ثردنيدل»، بأن اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز الاقتصاد الأمريكى من شأنه دفع المستثمرين فى نهاية المطاف نحو الاستثمارات الأكثر خطورة ذات العوائد الأعلى، مع تعزيز احتمالات الانتعاش العالمى.
وأضاف: «إذا كان هناك حافز إضافى سواء من الاحتياطى الفيدرالى أو الحكومة، فإنَّ عملات الأسواق الناشئة ستحصل على عرض لأن المستثمرين لن يكون لديهم خيار سوى إيجاد عائد».